غزة.. عزة.. غرة..

منذ 2008-03-09

ينبغي على كل واحد منّا ـ على الأقل ـ الدعاء لأهلنا في غزة، ويجب علينا أن نتوجه الآن إلى أقرب لجنة خيرية وأن نتبرع بما نستطيع، وأن نستشعر الجهاد مع إخوتنا في حماس وأهلنا في غزة.. لا تحتقر جهدك أبداً!


عملية "الشتاء الساخن" التي أعلن عنها العدو الصهيوني والتي بدأها بقتل الأطفال والنساء، تأتي في ظل صمت عربي مطبق ومذل ومشين! ولقد تجاوز عدد الأطفال القتلى من جراء المحرقة التي تقوم بها إسرائيل ضد أهلنا في غزة 30 طفلًا وست نساء، والعدد مرشح للارتفاع! ولقد أقر وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك، لأول مرة وبشكل علني، أن هدف العمليات الحربية في قطاع غزة، والمتصاعدة منذ يوم الأربعاء الماضي (27/2)، هو "إضعاف حكم حماس وتقويضه". وأعلن أنّه يدرس قصف غزة عشوائيًا، وفي الوقت نفسه أوضحت الولايات المتحدة أنّ ردة الفعل الإسرائيلي تأتي في إطار الدفاع عن النفس!

لا يجد العاقل إلاّ أن يستغرب ما يحدث فعلًا في غزة ويستغرب أكثر ردة فعل الحكومات العربية والتي تبدأ بالصمت أو باصدار بيانات التنديد، ولكن لا تجرؤ الدول العربية على قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني ولا على انتقاد موقف الولايات المتحدة ولا في اتخاذ خطوات ملموسة لرفع المعاناة عن أهلنا في غزة وفي الأراضي المحتلة!

الأغبياء ومدمنو الذل هم من يصدق أنّ رد الفعل الإسرائيلي جاء فقط لأنّ حماس تطلق صواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، هؤلاء يقفزون على كثير من الحقائق ويخلطون كثيرًا من الأوراق، لأنّهم ـ ببساطة ـ يساون بين الجلاد والضحية! دع عنك قناعتنا الشخصية بضرورة تحرير كامل التراب الفلسطيني ولنلتزم بقرارات الأمم المتحدة التي تنص على أنّ إسرائيل دولة محتلة لقطاع غزة والضفة، وهي تحاصر القطاع وتمارس القتل والأسر والتضييق ومصادرة الأراضي منذ زمن، أفلا يجوز لنا أن نقاوم وأن ندافع عن أرضنا؟!

إنّ حماس هي حركة مقاومة شرعية تمارس عملياتها في داخل الأراضي المحتلة، ولكن أمريكا والعدو الصهيوني ومن ورائهم بعض الحكومات العربية تريد شطب كلمة "مقاومة" من القاموس العربي وقد كادوا ينجحون لولا إخوتنا في حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية!

جميع الدول تتبنى خيار المقاومة للعدو المحتل ـ أيّا كان هذا المحتل ـ إلاّ في الدول العربية، بل حتى الحيوانات تدافع عن مناطقها وتقاوم وقد تموت في سبيل ذلك، إلاّ نحن العرب حيث تغدو المقاومة إرهابا والجهاد تطرفًا والكرامة غباء والعزة سذاجة!

وكأنّ  الشاعر بيننا حين يقول:

يا تلاميذ غزة

علمونا بعض ما عندكم فإنا نسينا

علمونا كيف الحجارة تغدو

بين أيدي الأطفال ماساً ثمينا

كيف تغدو دراجة الطفل لغمًا

وشريط الحرير يغدو كمينًا

كيف مصاصة الحليب

إذا ما حاصروها تحولت سكينًا

يا تلاميذ غزة

لا تبالوا بإذاعتنا ولا تسمعونا

اضربوا بكل قواكم

واحزموا أمركم ولا تسألونا

قد لزمنا جحورنا وطلبنا منكم

أن تقاتلوا التنينا

قد صغرنا أمامكم ألف قرن

وكبرتم خلال شهر قرونا


"غزة" هذا الإسم الجميل وثيق الصلة بالغزو والجهاد.. "غزة" عزة لنا، والشباب المتوضئ في غزة يجعلنا نفاخر بالدنيا بأنّنا ما زلنا نقاوم وبأنّه ما زالت لدينا جذوة من "الحماس".. "غزة" هي غرة على جبين الدول العربية بما تسطره المقاومة بنسائها ورجالها وشبابها وأطفالها.. لكن "غزة" أصبحت عارًا على جبين الدول العربية، وأنّها عرتنا جميعًا لأنّنا خذلناها وتركناها تواجه مصيرها، بل حتى حركة فتح لم تدخل في خط المقاومة والدفاع عن غزة!

ينبغي على كل واحد منّا ـ على الأقل ـ الدعاء لأهلنا في غزة، ويجب علينا أن نتوجه الآن إلى أقرب لجنة خيرية وأن نتبرع بما نستطيع، وأن نستشعر الجهاد مع إخوتنا في حماس وأهلنا في غزة.. لا تحتقر جهدك أبداً!

خالد القحص
kalqahas@alwatan.com.kw
المصدر: الوطن الكويتية