الفيلم الهولندي المسيء للإسلام تعليق، ونقد، وتوجيه
ويغفلون عن الدمار والإرهاب الذي جاءت به الحملات الصليبية على بلاد المسلمين، ويغفلون عما تفعله أمريكا وحلفاؤها اليوم في أفغانستان، والعراق و و و...
سؤال:
خرج في هذه الأيام فيلم هولندي فيه إساءة للإسلام وأهله، واصفًا لهم
بالإرهاب، فما هو توجيهكم للمسلمين حيال هذا الموضوع ؟
الجواب:
الحمد لله
أولًا:
إنّ الصراع بين الحق والباطل قديم، وما يزال جنود الباطل يقفون في وجه
الحق في كل عصر ومصر، فيخذلهم الله تعالى بقوة الحق، ويقذف الله تعالى
بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
ومنذ أن خُذل إبليس وترك استجابة أمر الله تعالى بالسجود لآدم عليه
السلام بدأ الكيد للحق وأهله، وطلب إبليس من ربِّه الإنظار، لا ليتوب،
بل ليكيد، وليُكثر من أتباعه، فيدخل وإياهم نار الله تعالى، وهناك
سيقف خطيبًا فيهم ويقول: {إِنَّ اللَّهَ
وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا
كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ
فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا
أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ
بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة إبراهيم: 22].
ثانيًا:
قد تعرَّض الإسلام لمكائد كثيرة وكبيرة، ولكنَّ الله تعالى تكفَّل
بحفظ دينه؛ لأنّه جعله خير الأديان وخاتمتها.
ثالثًا:
نقف هنا مع حدَث حديث، لن يكون الأخير؛ لوجود شياطين الإنس والجن،
ومحاولاتهم اليائسة البائسة للنيل من هذا الدين، وذاك النبي صلى الله
عليه وسلم، وذلك الكتاب المقدَّس.
وهذا الحدَث هو ما صنعته يد الإثم والبهتان المسمَّى "غيرت فيلدرز"،
زعيم حزب "الحرية"، وهو يميني هولندي متعصِّب، أراد أن يطعن في هذا
الدين العظيم؛ ليُعرف، وليحصِّل مكاسب سياسية، لكنَّ الله تعالى خذله،
وسيُخذل أكثر وأكثر، إن شاء الله، فأنتج ذلك الحاقد "فيلمًا" قصيرًا
لا يتجاوز 17 دقيقة عن الإسلام والقرآن ملأه بالأكاذيب والافتراءات،
وقد سمَّاه "فِتنة"!، ولو عُرض ما قاله وقاءه على معهد أو جامعة
"أكاديمية" لكان حقه التوبيخ والإهانة؛ لعدم موضوعيته؛ ولتحريفه
وتزويره للحقائق.
وقد بدأ فيلمه وأنهاه بوضع صورة مشينة للنبي صلى الله عليه وسلم مما
رسمته اليد الآثمة المجرمة، يد الرسام الدنماركي، وهي تمثل في أول
الفيلم قنبلة على عمامة صورة للنبي صلى الله عليه وسلم ـ في زعمه ـ
وهي في أول اشتعالها، وفي آخر الفيلم تصل الشعلة لنهايتها، وتنفجر!
وهو يريد بذلك إيصال رسالة خسيسة بأنّ الإسلام جاء للدمار والخراب،
وأنّ السكوت عنه سيؤدي إلى زوال الحضارات والأمم غير المسلمة!
رابعًا:
يمكننا تقسيم وقفاتنا مع ذلك الفيلم السيئ إلى عدة أقسام:
1- آيات مقتطعة عن سياقاتها، ومحرَّفةٌ معانيها.
ومن أمثلة ذلك:
أ- أول الآيات في فيلمه قراءة هي قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ
قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ
وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ} [سورة الأنفال:
60].
وقد أوصل القراءة إلى هذا الحدِّ، ولم يُكملها، وأراد إثبات لفظ
{تُرهِبون} للدلالة على أنّ الإسلام هو الإرهاب، وهو ما يسعى كثيرون
من الحاقدين والجهلة للصقه بالإسلام.
ولسنا نخجل مما في كتاب ربنا تعالى، ولسنا ننكر هذه الآية، بل نتعبد
الله بقراءتها، ونسأله التوفيق للعمل بها، ونرد على استدلاله بهذا
المقطع بوجهين اثنين ـ خشية الإكثار وخروج الرد عن منهج الموقع
ـ:
الأول: أنّ هذا الذي أنكره على الإسلام هو ما تفعله الدول الكبرى
والعظمى، فهي تنتج الأسلحة الفتاكة، والقنابل النووية والذرية،
والطائرات، والغواصات، وغيرها؛ حماية لنفسها؛ وإرهابًا لأعدائها خشية
أن يتعدى أحد عليها! وهو المراد بهذه الآية، ولم يطمع الكفار المحتلون
ببلاد المسلمين إلاّ عندما عطَّلوا العمل بهذه الآية، ومن آخر أمثلة
ذلك: العراق، حيث ضغطوا على حكومته لتدمير أسلحته، وصواريخه، فلمّا
تمَّ ذلك، وتأكدوا منه: غزوا البلد، واحتلوه، وساموا أهله سوء
العذاب.
الثاني: أنّ تكملة سياق الآية بعدها يفسِد عليه ما أراده من إلصاق
الإرهاب ـ بمفهومه هو وعصابته ـ بالإسلام، والآية التي بعدها مباشرة:
{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ
لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ} [سورة الأنفال: 61].
ب- وثاني آية مسموعة في ذلك الفيلم: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ
نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ
جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَزِيزاً حَكِيماً} [سورة النساء: 56].
ومن تدليس هذا المخرج أنّه جاء بهذه الآية ليبين للمشاهدين أنّ
الإسلام يأمر بحرق المخالفين له حتى تنضج جلودهم! وأنّ هذا من تشريع
الله لهم.
والرد عليه من جهتين:
الأولى: أنّ فعله تدليس أخرق؛ لأنّ الله تعالى يذكر فيها عقوبة الكفار
يوم القيامة! وليس هي في الدنيا، وقد جاء بعدها ذِكر جزاء المؤمنين
الموحدين، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا
أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً} [سورة
النساء: 57].
والثانية: أنّ أدنى تأمل في الآية يبين به كذب وافتراء وتدليس هذا
المخرج، ففي الآية قول الله تعالى: {بدَّلْنَاهم جُلُوداً غَيْرَهَا}
وهل يملك المسلمون تبديل جلود من احترقت جلودهم في الدنيا؟!
2- صورٌ مفبركة، أو غير دالة على مراده، أو هي منكرة في الإسلام
أصلًا.
ومن أمثلتها:
أ- صور لمجموعة من الرافضة ـ الشيعة ـ تجرح نفسها وأبناءها بالآلات
الحادة، فتُدمى رؤوسهم، في منظر بشع سيء، وهذا ليس من ديننا، وإنّما
يفعله بعض المنتسبين إلى الإسلام جهلًا منهم وضلالًا.
والصورة التي فيها سيوف مرفوعة عليها دماء: أيضًا هي من صور الرافضة
في مناسبات عندهم، وقد أفهم المخرجُ الكذابُ النّاسَ أنّها لمسلمين!
وأنّهم للتو قد انتهوا من حفلة تقطيع رؤوس للكفار!
ب- ومن الصور المضحكة الواضحة الكذب: صور لنساء مسلمات منتقبات يرفعن
لوحات كُتب عليها "بارك الله في هتلر"!.
ونقول: وهذا واضح أنّه كذب وتدليس، فإنّ ديننا يمنعنا من الدعاء لمن
مات كافرًا، قال الله تعالى: {مَا كَانَ
لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا
لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [سورة
التوبة: 113]، فكيف تدعون نساء منتقبات ملتزمات بأحكام الإسلام لهتلر
بالبركة.
3- مقاطع مرئية، بعضها يحتوي حقًّا لا ريب فيه، وبعضها تزوير للحقائق،
وتدليس على المشاهدين.
ومن أمثلة ذلك:
أ- لقاء مفبرك مع طفلة صغيرة، وواضح أنّهم لم يحسنوا تمثيلها، ولا
فبركتها، وذلك من وجهين:
الأول: أنّها محجبة، وهم يسألونها عن دينها! فلم التلبيس والتدليس
وكأنّه أمر طبيعي غير مفبرك؟!
والثاني: أنّ الطفلة الممثلة! سئلت عن رأيها في اليهود والنصارى،
فقالت: قردة وخنازير.
وهذا ليس من ديننا، فليس فيه أنّ اليهود والنصارى قردة وخنازير،
وإنّما فيه أنّ طائفة من اليهود السابقين احتالوا على شرع ربّهم،
فعاقبهم الله تعالى فمسخهم قردة، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا
مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً
خَاسِئِينَ} [سورة البقرة: 65]، وقال تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ
قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [سورة الأعراف:
166].
ب- ومن المقاطع المرئية المقطوعة عن سياقاتها: مقطع ذلك الخطيب الذي
يُخرج السيف، ويتوعد الكفار!
وهذا الشيخ معروف، وهو عراقي، رفع السيف في خطبته تهييجًا للنّاس على
الجهاد ضد الكفار المحتلين لبلده ـ وقد قتله الرافضة عليهم من الله ما
يستحقون ـ، وماذا يراد من المسلمين إذا احتلت بلادهم ؟ التسليم
لأموالهم وأعراضهم، وانتظار القتل، أو الرضا والعفو عن المحتل
المجرم؟! بل الإسلام دين العزة، والكرامة، والمسلمون يأبوْن الذل، ولا
بدَّ من قتال المحتل، وهذا مؤيد من أديان الأرض وشرائعه جميعًا، بل
رأس الاحتلال نفسه قال: لو احتلت بلدي لقاتلت المحتل، وعلى فرض تصديقه
أنّه يقاتل ولا يفر: فهو لم يقل إلاّ الحقيقة والواقع، أي: أنّ المحتل
يقاتَل.
فما هو المنكر في جهاد المسلمين لمن احتل أرضهم ؟
خامسًا:
انصبت الأفكار الرئيسية جميعًا على الطعن في الإسلام، من خلال:
السخرية والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن خلال الطعن في
القرآن، وأنّه كتاب "فاشي"! كما قال في الفيلم، ومن خلال التنبيه على
خطر المساجد، وكل ذلك حاوله المخرج في فيلمه القصير عن طريق المقاطع
المرئية، والصور المؤثرة، ومن خلال الموسيقى المصاحبة لهما، لكنه فشل
فشلًا ذريعًا؛ لاستعماله الكذب، والتزوير، والتدليس، وهو ما لن يقبله
منه المشاهد، حتى لو كان كافرًا.
وقد أرجع الله تعالى مكر المخرج على نفسه، فقد انكبَّ النّاس في
"هولندا" على الكتب الإسلامية، وعلى المصاحف، لشرائها، والنظر فيها،
وسيرون فيها ما يبين كذب وتزوير ذلك المخرج الفاشل، وقد حصل بالفعل،
فقد أسلم ثلاثة أشخاص من تلك البلاد بعد عرض الفيلم، وقد هددت شركات
هولندية برفع قضايا على النائب المخرج إذا قاطعت الدول الإسلامية
منتوجاتها، وسيبوء ذلك النائب المخرج بالخزي والعار، ولا يحيق المكر
السيء إلاّ بأهله.
سادسًا:
قد نصر الله تعالى دينه نصرًا مبينًا، فمنذ الإعلان عن قرب عرض الفيلم
والمؤسسات والحكومات والأفراد من غير المسلمين ينكرون على النائب
فعله، ويبينون عدم ربط الإسلام بالعنف والإرهاب، وأنّ المسلمين هم
ضحايا للإرهاب مثل غيرهم، ومن هؤلاء المنكرين الرافضين لفعل ذلك
النائب المخرج: رئيس وزراء هولندا، وله كلام قوي في إنكاره ورفضه،
وسكرتير هيئة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجمع من الساسة،
والقادة، والدول، وقد رفضت المحطات الفضائية العامة والخاصة عرض هذا
الفيلم، ولم يجد إلاّ موقعًا في "الإنترنت" لينشره.
وجاء في [مفكرة الإسلام (السبت 22 ربيع الأول 1429هـ، 29 - 3 -
2008م)]:
"ففي بروكسل: أدان البرلمان الأوروبي هذا الفيلم المسيء؛ حيث هاجم
رئيس البرلمان "هانز غيرت بوتيرنغ" بشدة النائب الهولندي " فيلدرز"
قائلاً في بيان له: إن محتوى الفيلم "يبدو مصممًا لاستفزاز الحساسية
الدينية للمسلمين في هولندا وأوروبا والعالم".
وأضاف قائلًا: "نيابة عن البرلمان الأوروبي أرفض بشدة تأويل الفيلم
بأنّ الإسلام ديانة عنيفة"، مشيرًا إلى أنّه يصادق تمامًا على بيان
الحكومة الهولندية الرافض لفيلم (فتنة)".
وكذلك أصدر الاتحاد الأوروبي بيانًا اعتبر فيه الفيلم الذي تبلغ مدته
15 دقيقة "معاديًا للإسلام" و"مهينًا" و"ينشر الكراهية" انتهى.
وأمّا المسلمون فقد تحركوا في الإنكار، والشجب، وإخراج البيانات
والتحذيرات من الاستمرار في الإساءة لشعائر ديننا ورموزه، وقد هددت
بعض الدول بقطع علاقاتها مع هولندا، وطالب نواب في بعض الدول بطرد
السفير الهولندي، ومقاطعة البضائع الهولندية، وعلى الضعف والتفرق الذي
يعيشه المسلمون يعتبر هذا نصرًا عظيمًا للإسلام، حيث يوجد من يدافع عن
ديننا من الكفار والمسلمين، وقد بعث رئيس وزراء هولندا نفسه رسالة
لشيخ الأزهر يبين له فيها رفض حكومته لإنتاج هذا الفيلم وعرضه، وأنّ
هناك قضية مرفوعة في المحاكم الهولندية.
فكيف سيكون الأمر والحال لو أن المسلمين كانوا على قلب رجل واحد، وكان
لهم من القوة ما يهابهم الحاقدون الأفاكون بسببها ؟!
سابعًا:
الذي تبين لنا أنّ ذلك النائب الكاذب أراد تحقيق أهداف من خلال فيلمه
ذاك، ومنها:
1- كسب شخصي، للشهرة، والفوز بالانتخابات.
2- إرضاء اليهود، وقد وضح ذلك في فيلمه في عدة مقاطع يُظهر فيه الشفقة
عليهم! وهم محتلون مجرمون، وفي الوقت الذي تكلَّم فيه عن القتل عند
المسلمين: نسي أو تناسى أمرين:
الأول: أنّ الذي حرق الملايين من اليهود: نصراني! وهو هتلر! وقد ذكر
في كتابه (كفاحي) أنّ هذا كان بأمر الله!
والثاني: أنّ اليهود قتلوا وشردوا من المسلمين أعدادًا كبيرة، ولم
يخجلوا من أنفسهم في معركتهم الأخيرة على "غزة" أن يسموا فعلهم
"محرقة"!
3- تنبيه الغرب على ارتفاع نسبة المسلمين في بلادهم، وأنّ كثرة أعداد
المسلمين تشكل خطرًا على أوربا!
4- تنبيه أوربا عموما، وهولندا على وجه الخصوص من انتشار المساجد
فيها، وقد بان ذلك من خلال نشره لصور مساجد في هولندا؛ ليحذر من
وجودها.
5- محاولة منع المصحف من التداول في أوربا، ومقارنة القرآن الكريم
بكتاب هتلر (كفاحي)! ومن هنا فقد وصف القرآن بـ "الفاشي"! وهو مصطلح
يشير إلى العنف والقسوة.
وقد خذل الله هذا النائب المخرج بذلك العمل الهزيل، المليء بالكذب،
والافتراء، وسيرى النّاس الفرق بين الكذب والحقيقة عندما يطلعون على
القرآن الكريم، وعلى ما كتب في الإسلام وعنه من عقلاء أقوامهم، وسيكون
هذا الفيلم دافعًا لهم لتلك القراءة، وذلك الاطلاع، إن شاء الله،
ولعله يكون سببًا لإنقاذ كثيرين من الضلالة.
ثامنًا:
وصفُ الإسلام بالإرهاب والعنف هو الرسالة الأصلية لهذا الفيلم، وهذا
ليس إلاّ إفكًا مفترىً، فالإسلام دين الرحمة، والعدل، والإنسانية، وهو
الذي أنقذ أهل الأديان من جور حكامهم، ومخالفيهم، كما كان الحال في
"الأندلس"، وفي "مصر" وغيرهما من البلدان التي كان يسام فيها أهل
المخالفة سوء العذاب، حتى اليهود منهم!
قال إسرائيل ولفنسون: "إنّ الخسارة القليلة التي لحقت بيهود بلاد
الحجاز ضئيلة بالقياس إلى الفائدة التي اكتسبها اليهود من ظهور
الإسلام، لقد أنقذ الفاتحون المسلمون آلافاً من اليهود كانوا منتشرين
في أقاليم الدولة الرومية ، وكانوا يقاسون ألواناً من العذاب".
(اليهود والتحالف مع الأقوياء) الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائي،
بواسطة مقال الأستاذ خالد جودة (الفارق الإنساني بين حضارة الإسلام
وثقافة الغرب).
وليس الإسلام دين ذل وهوان، فالجهاد في سبيل الله من شعائره، ومن أعظم
الأعمال فيه، وهو مشروع لحماية المسلمين من عدوهم، ولتبليغ دين الله
تعالى، ونشر كلمة التوحيد في آفاق الأرض، وليس في الإسلام أنّه يُكره
النّاس على دخوله؛ لأنّ من شرط الإسلام الصدق والإخلاص، فإذا لم يتصف
بهما فسيكون منافقًا بين صفوف المسلمين، ولا يحرص الإسلام على وجود
هذا الصنف الدنيء بين أفراده، بينما نجد القساوسة والرهبان قد ساهموا
في إجبار النّاس على اعتناق النصرانية في أوروبا وغيرها، حتى بلغ
القتلى من أجل ذلك الهدف أعدادًا مهولة، قال المؤرخ بريفولت: "إنّها
من 7 - 15 مليونًا"!
ومن الظلم البيِّن الالتفات إلى أخطاء بعض المسلمين مما ينكره علماؤه
وأئمته من قتل الأبرياء، ونسبة ذلك للإسلام ـ كما جاء في بعض مقاطع في
الفيلم نحو تفجير قطارات لندن ومدريد وأمثال ذلك، فهذا كله أنكره أهل
العلم مع أنّه لم يكن ابتداء من أحد، وإنّما كان ردة فعل من الظلم
والقهر ـ وفي الوقت ذاته يغفل هؤلاء عن قتلى الحرب العالمية الأولى
والثانية والتي مات فيهما عشرات الملايين ـ قتلى الحرب الأولى: 14
مليونًا! وقتلى الثانية: 55 مليونًا! ـ ولم تكن بين المسلمين
والنصارى، بل كانت بينهم أنفسهم، وعن قتلى اليابان من القنبلة الذرية
الأميركية، وقتلى الهنود الحمر من الأمريكان، وقتلى الشعوب الآسيوية
من الأمريكان أيضًا، وقتلى المستعمرين المحتلين.
ويغفلون عن الدمار والإرهاب الذي جاءت به الحملات الصليبية على بلاد
المسلمين، ويغفلون عما تفعله أمريكا وحلفاؤها اليوم في أفغانستان،
والعراق، وما فعله الصرب بمباركة القساوسة في المسلمين في "البوسنة"،
وغير ذلك الكثير والكثير، وإن نسي التاريخ أشياء: فإنّه لا ينسى
"محاكم التفتيش"، وخاصة تلك التي كانت في "إسبانيا".
قال غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب): "وعاهد فرديناند العربَ على
منحهم حرية التدين، واللغة، ولكنه في سنة 1499م لم تكد تحل حتى حلَّ
بالعرب دور الاضطهاد، والتعذيب الذي دام قرونًا! والذي لم ينته إلاّ
بطرد العرب من أسبانية، وكان تعميد العرب كرهًا فاتحة ذلك الدور، ثم
صارت محاكم التفتيش تأمر بإحراق كثير من المعمَّدين على أنّهم من
النصارى، ولم تتم عملية التطهر بالنار إلا بالتدريج، لتعذر إحراق
الملايين من العرب دفعة واحدة!
ونصح كردينال طليطلة التقي! الذي كان رئيسًا لمحاكم التفتيش بقطع رؤوس
جميع من لم يتنصر من العرب، رجالًا، ونساءً، وشيوخًا، وولدانًا، ولم
ير الراهب الدومينيكي بليدا الكفاية في ذلك، فأشار بضرب رقاب من تنصر
من العرب، ومَن بقي على دينه منهم، وحجته في ذلك: أن من المستحيل
معرفة صدق إيمان من تنصر من العرب، فمن المستحب إذن قتل جميع العرب
بحد السيف؛ لكي يحكم الرب بينهم في الحياة الأخرى، ويُدخِل النار من
لم يكن صادق النصرانية منهم! ....
ولا يسعنا سوى الاعتراف بأننا لم نجد بين وحوش الفاتحين من يؤاخذ على
اقترافه مظالم قتل كتلك التي اقترفت ضد المسلمين". [حضارة العرب ( ص
270 - 272 ) باختصار ].
ومن يتأمل الآن يجد أنّ أهل الإرهاب هم أهل الأديان الأخرى من
النصارى، واليهود، والهندوس، والسيخ، ويجد أن المسلمين هم ضحايا هذا
الإرهاب، فمتى يستيقظ النيام من نومهم ؟! ومتى يصحو الغافلون من
غفلتهم؟!
ونقول لهذا النائب الكاذب الذي يدعونا لتمزيق آيات إرهابية من القرآن
الكريم ـ على حد زعمه ـ: تعال لنر كتابك المقدَّس ماذا فيه من
الإرهاب:
إن كنت يهوديًّا تؤمن بالعهد القديم فهاك ما فيه مما ينسب إلى الرب
تعالى مما قاله لموسى:
في [سفر التثنية (20 ، 10 - 17)]: " إذا دَنوتَ منَ القرية لتقاتِلهم
ادعُهم أوّلًا إلى الصّلح... فأمّا القرى التي تعطَى أنت إيّاها فلا
تستحيِ منها نفسًا ألبتّة، ولكن أهلِكهم إهلاكًا كلَّهم بحدِّ السيف
الحَيثِيّ والأموري والكنعاني والفرزي، كما أوصاك الربّ
إلَهُك".
وإن كنت نصرانيًّا وأردت شيئًا من العهد الجديد فهاك بعض ما
فيه:
في [متَّى (10 / 34 - 36)]: يروى فيه عن عيسى عليه السلام قال: " لا
تظنّوا أني جِئت لأحمِلَ السلام إلى العالم، ما جِئتُ لأحمل سلامًا بل
سَيفًا، جئتُ لأفرّق بين الابن وأبيه، والبنتِ وأمّها، والكَنَّة
وحماتها، ويكون أعداء الإنسان أهل بيته".
وللاستزادة : ينظر كتاب (السيف بين القرآن والكتاب المقدس) للدكتور
حبيب عبد الملك:
http://www.elforkan.com/7ewar/showthread.php?t=7597
تاسعًا:
الواجب على المسلمين الآن:
1- عدم إحداث مشكلات في بلادهم، من مظاهرات تُحطم فيها الممتلكات، أو
تراق فيها الدماء.
2- إرجاع الأمر إلى العلماء والحكماء لمعالجة الأمر، هذا أو غيره مما
يشبهه.
3- السعي نحو التمسك بالإسلام قولًا وعملًا، فهذا من جهة يساهم في
انتشار الإسلام، ومن جهة أخرى يغيظ الكفار الحاقدين على الإسلام
وأهله.
4- الدعوة إلى الله بحكمة وعلم، وتوزيع المصاحف المترجمة، والكتب
الإسلامية الميسرة على غير المسلمين، والاستعانة في ذلك بالمؤسسات
الإسلامية الموثوقة، والعلماء الثقات.
والله الهادي.
- التصنيف: