حزّ الغلاصم في الرد على المفتي المتعالم!!

منذ 2008-04-22

سبحان الله كيف لو رأى ربيعة زماننا هذا، وتجرؤ المتعالمين الأقزام على الفتيا والتخبط في الحلال والحرام وليس لهم من الكتاب والسنة وآثار العلماء خطام ولا زمام؟!.


تصدر للتصريح كل مهوس
جهول يسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا
ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها
كلاها حتى سامها كل مفلس!!


تذكرت الأبيات السابقة حين قرأت قبل أيام الفتوى الغريبة الصادرة من المدعو جمال البنا بجواز القبلات والملامسة والاحتضان بين غير المتزوجين وخاصة من فئة الشباب والفتيات الذين يعانون من مشاكل جنسية نتيجة تأخر زواجهم وأن هذه الأمور لا تعدو كونها ذنوباً صغيرة تكفرها الحسنات الماحية!!.

ثم تراه ينفش ريش التعالم ويظهر جهله المركب وورعه الكاذب حين يشترط كون ذلك كله تحت السماء وفي الهواء الطلق وليس في غرف النوم!!

ولا يختلف اثنان في أن كلام هذا المفتي المتعالم باطل جملة وتفصيلا وذلك من وجهين:

لمخالفته النصوص الشرعية أولاً،
ولفتحه باب الفساد والانحلال على مصراعيه ثانيا.

فأما الوجه الأول:
فقد جاءت النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم أنه «لا يصافح النساء» و«مامست يده يد امرأة قط» وهو من هو ورعاً وتقى وخشية لله، فكيف بمن هم دونه من أمته، وهذا في اللمس فقط فكيف بالتقبيل والاحتضان؟!.

وأما الوجه الثاني:
فقد نهى الله ورسوله عن قربان الأسباب المؤدية للحرام سداً لذريعة الوقوع فيه، فقال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} [سورة الإسراء: 32]، ولم يقل: ولا تزنوا، بل لا تقربوا أسبابه، ومن أسبابه ما جاء الحديث بتفصيله: «فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلَانِ يَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ وَالْفَمُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ اَوْ يُكَذِّبُهُ‏» [رواه أحمد]، وذلك لأن هذه الأعضاء أسباب مباشرة للوقوع في الحرام إن لم يتق الشاب ربه فيها، ولك أن تتخيل _مع تفاعل الناس بتطبيق هذه الفتوى الغريبةـ درجة الفساد والانحلال في مجتمعات المسلمين وقد انتشرت في أسواقها وأروقة جامعاتها وسهلها وبحرها زوايا التقبيل أو الضم بين الشاب والشابة!!.

إن الواقع المرير الذي يواجهه الشباب اليوم وفتن الشهوات التي تعصف بهم إنما هي من فتن الشهوات التي حفت بها النار كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فإن الشارع الحكيم قد أوضح لهم العلاج النافع ووصف لهم الدواء الشافي فقال صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَاِنَّهُ اَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَاَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَاِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» [رواه مسلم]، ولو أن المفتي المتعالم نصح الشباب ووجههم إلى هذا العلاج النبوي الحكيم لكان خيراً له من هذا الهوس الفكري والفتاوى الغريبة ولكن هكذا يعمل الجهل بصاحبه فجرى قوله وقلمه بفضح مثالبه!!.

يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى: "أخبرني رجل أنه دخل على ربيعة فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك؟ أمصيبة دخلت عليك؟ وارتاع لبكائه، فقال: لا، ولكن استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم!! ثم قال: إن بعض من يفتي ههنا أحق بالحبس من السرّاق!!".

سبحان الله كيف لو رأى ربيعة زماننا هذا، وتجرؤ المتعالمين الأقزام على الفتيا والتخبط في الحلال والحرام وليس لهم من الكتاب والسنة وآثار العلماء خطام ولا زمام؟!.

يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى في كتابه المانع (التعالم وأثره على الفكر والكتاب): "وعليه: فيجب على من بسط الله يده أن يقيم سوق الحجر في الفتيا على المتعالمين، فإن الحجر لاستصلاح الأديان أولى من الحجر لاستصلاح الأبدان والأموال وإن الوالي إن لم يجعل على الفتيا كبلاً فسيسمع لها طبلاً، وإن لا يمكن من بذل العلم إلا المتأهل له"، قلت: وما أحوج هذا المفتي المتعالم وأمثاله إلى ضربة موجعة من درة عمر حتى يخرج ما في رأسه من فكر عفن وشبهات متهافتة، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
كتب:داود عبد الوهاب العسعوسي
d alasoosy@hotmail.com


الوطن الكويتية



المصدر: الوطن الكويتية