الغضب - (8) نماذج من أحوال الصحابة عند الغَضَب

منذ 2014-05-20

خطب معاوية يومًا، فقال له رجل: "كذبت"! فنزل مغضبًا فدخل منزله، ثم خرج عليهم تقطر لحيته ماءً، فصعد المنبر فقال: "أيها الناس، إن الغَضَب من الشيطان، وإن الشيطان من النَّار، فإذا غضب أحدكم فليطفئه بالماء، ثم أخذ في الموضع الذي بلغه من خطبته"

عمر رضي الله عنه:
روي أن رجلًا قال لعمر: "إنَّك لا تقضي بالعدل، ولا تعطي الحق، فغضب واحمرَّ وجهه، قيل له: يا أمير المؤمنين، ألم تسمع أنَّ الله يقول: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]، وهذا جاهل، فقال: صدقت، فكأنما كان نارًا فأطفئت" (رواه البخاري:4642).

معاوية رضي الله عنه:
خطب معاوية يومًا، فقال له رجل: "كذبت"! فنزل مغضبًا فدخل منزله، ثم خرج عليهم تقطر لحيته ماءً، فصعد المنبر فقال: "أيها الناس، إن الغَضَب من الشيطان، وإن الشيطان من النَّار، فإذا غضب أحدكم فليطفئه بالماء، ثم أخذ في الموضع الذي بلغه من خطبته" (رواه ابن قتيبة في عيون الأخبار:1/405).

عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
سبَّ رجل ابن عباس رضي الله عنهما، فلمَّا فرغ قال: "يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟" فنكس الرجل رأسه واستحى (رواه الثعلبي في تفسيره:9/80).

أبو الدَّرداء رضي الله عنه:
أسمعَ رجلٌ أبا الدرداءَ رضي الله عنه كلامًا، فقال: "يا هذا، لا تغرقن في سبِّنا، ودع للصلح موضعًا، فإنَّا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه" (أدب الدنيا والدين للماوردي:252).

أبو ذر رضي الله عنه:
قال أبو ذر رضي الله عنه لغلامه: "لِمَ أرسلت الشاة على علف الفرس؟ قال: أردت أن أغيظك، قال: لأجمعنَّ مع الغيظ أجرًا، أنت حرٌّ لوجه الله تعالى" (ربيع الأبرار ونصوص الأخيار للزمخشري:2/227).

نماذج من حال السلف عند الغَضَب
علي بن الحسين:
حُكيَ أنَّ جارية كانت تصبُّ الماء لعلي بن الحسين، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجَّه، أي: جرحه، فرفع رأسه إليها، فقالت له: "إنَّ الله يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} فقال لها: قد كظمت غيظي. قالت: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} قال لها: قد عفوت عنك. قالت: {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134]، قال: اذهبي فأنت حرَّة لوجه الله".

عمر بن عبد العزيز:
غضب يومًا عمرُ بن عبد العزيز، فقالَ لهُ ابنُه عبدُ الملكِ رحمهما الله: "أنتَ يا أميرَ المؤمنين مع ما أعطاك الله وفضَّلك به تغضبُ هذا الغَضَب؟ فقال له: أو ما تغضبُ يا عبدَ الملك؟ فقال عبد الملك: وما يُغني عنِّي سعةُ جوفي إذا لم أُرَدِّدْ فيه" (جامع العلوم والحكم لابن رجب:1/366).

وأسمعه رجل كلامًا، فقال له: "أردتَ أن يستفزني الشيطان بعزِّ السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غدًا، انصرف رحمك الله" (عيون الأخبار لابن قتيبة:1/290)، دخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة، فمرَّ برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه وقال: "أمجنون أنت؟ فقال عمر: لا. فهمَّ به الحرس، فقال عمر: مه، إنما سألني أمجنون؟ فقلت: لا" (الطبقات الكبرى لابن سعد:5/397).

المهدي:
قيل: "غضب المهدي على رجل، فدعا بالسياط، فلمَّا رأى شبيب شدَّة غضبه، وإطراق الناس، فلم يتكلموا بشيء، قال: يا أمير المؤمنين، لا تغضبنَّ لله بأشد مما غضب لنفسه، فقال: خلُّوا سبيله" (مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة، ص:236).

عبد الله بن عون:
روي عن القعنبي قال: "كان ابن عون لا يغضب، فإذا أغضبه رجل قال: (بارك الله فيك)" (سير أعلام النبلاء للذهبي:6/366)، وكان لابن عون ناقة، يغزو عليها ويحجُّ، وكان بها مُعجبًا. قال: "فأمر غلامًا له أن يستقي عليها، فجاء بها وقد ضربها على وجهها، فسالت عينها على خدها، فقلنا: إن كان من ابن عون شيء فاليوم! قال: فلم يلبث أن نزل، فلما نظر إلى الناقة قال: سبحان الله، أفلا غير الوجه، بارك الله فيك اخرج عني، اشهدوا أنه حرٌّ" (سير أعلام النبلاء للذهبي:6/371).

المقال السابق
(7) نماذج من غضب النَّبي صلى الله عليه وسلم عندما تنتهك حرمات الله
المقال التالي
(9) تفاوت الناس في سرعة الغَضَب