صناعة العلماء - (20) الأمل في نهضة الأمة
تدور هذه الحلقة حول بعض التجارب الإسلامية المعاصرة التي اهتمت بالعلم، وتبنت النبغاء من أبنائها، ويأتي في مقدمة تلك التجارب التجربة الماليزية على يد مهاتير محمد، والتجربة التركية، والتجربة اللبنانية، وتجربة الصناديق الوقفية الكويتية، مع التأكيد على أهمية الإنفاق العلمي لإحداث النهضة العلمية المرجوة... وهنا ملخص ما جاء في هذه الحلقة
بسم الله الرحمن الرحيم
د. صلاح:
نذكر هذا التقدم الهائل والنقلة النوعية التي حدثت في ماليزيا، عندما أتى محمد مهاتير إلى البلد وكانت في تراجع، فكان أول ما تبناه هو المنح الدراسية للطلاب النبغاء في ماليزيا، وانتقل الاقتصاد الماليزي نقلة نوعية كبيرة وأصبحت من الدول العشرة الأوائل المصدرة في العالم.
وهنا حاكم واحد استطاع أن ينهض هذه النهضة ويعز أمته ولا يزال العالَم الإسلامي كله بل والغرب يحترمه بشكل كبير.
فنحن نستطيع أن نصنع العلماء النبغاء الذين يعيدون للأمة الإسلامية مكانتها وقوتها، والعالَم لا يحترم إلا القوي وخاصة في الجانب العلمي.
د. راغب:
وكذلك تركيا الآن بها نهضة في كل المجالات وتهتم بشكل كبير بقضايا المسلمين في العالم، نهضتهم ليست في المجال السياسي إنما في المجال العلمي والاقتصادي والحياتي والاجتماعي.
وكذلك في مجال الاقتصاد هناك الوقفية التي تقدمت بها السعودية للاختراع والعلوم، وكذلك الصناديق الوقفية في الكويت، وهي صناديق وقفية يشارك فيها عامة الناس ومن هذه الوقفيات ما أوقف لطلبة العلم لكفالتهم في الدول المختلفة.
د. صلاح:
نحن إذا أردنا أن ننهض بالفعل سيعيننا الله سبحانه وتعالى والأمل ليس مفقودًا.
وأقول لطلاب العلم النبغاء لا تستسلموا للفقر أو اليتم أو القهر أو لأي شيء يُحَجِّم القوة العلمية التي أعطاك الله تبارك وتعالى إياها.
وأرى أن عدم إنفاق الوقت لدى النبغاء في البحث العلمي، والتفوق والاستمرار في الماجستير والدكتوراه، هو كمن يبخل عن إخراج زكاة ماله، فالمال قيمة وكذلك القدرات الموجودة لدى الناس هي قيمة أيضًا، ولذلك أقول زكاة القدرات لا تقل عن زكاة الأموال.
فالذي لديه طاقة علمية بأن يبتكر للأمة الإسلامية لكن يختار أن يعيش شعور الضحية ويضيع هذه القدرة التي أعطاه الله إياها، هو كمن أعطاه الله المال ثم أسرف وبذَّرَ ولا ينفق الزكاوات التي تستفيد منها الأمة الإسلامية والفقراء والمساكين.
د. راغب:
وهناك من يقول أننا كدول فقراء ولذلك لا يوجد ما ننفقه على العلم، وهنا أقول لا تنظر إلى الكم الذي يُنفق الآن بل انظر إلى النسبة.
أظهر تقرير الأمم المتحدة أن مصر تنفق 0.2% من دخلها على العلم، وتونس 0.3% ،والإمارات كانت أكثر دولة عربية تنفق على العلم حوالي 0.6% على العلم من دخلها القومي.
في حين الكيان الصهيوني في فلسطين، المسمى بإسرائيل، نجد أنهم ينفقون 4.7% من دخلهم القومي على العلم.
نحتاج أن نقف وقفة قوية، فنحن لا تنقصنا الأموال. الأموال لدينا كثيرة لكنها لا توجه إلى الجانب العلمي بل توجه إلى السلع الترفيهية أو الاستيراد ولهو.
د. صلاح:
قال فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله: "من لم يكن طعامه من فأسه فلن يكون قراره من رأسه".
هناك ثلاث دول عربية تستطيع أن تُغني الأمة الإسلامية كلها قاطبة، وهي مصر والسودان والعراق، فهذه البلاد التي يسير فيها النيل ودجلة والفرات، قالت دراسات علمية بأنه لو تمّ توظيف هذا الماء في تعمير الصحراء والزراعة لأنعشت كل الأمة الإسلامية!
والسعودية مع كل ما فيها من صحراء شاسعة عندما أرادت أن تكتفي بقمح إسلامي داخلها اكتفت وصدَّرت، لكن هذا المشروع توقف وعادت تستورد القمح الذي يأتي من الغرب.
ثلاثة أرباع أنواع الخبز الذي يأكله المصريين يأتي لهم من أمريكا وكندا، وتجد وزراء يقولوها بكل فخر أن بلادهم تستورد 85% من أغذيتهم، وهذا عار وهي بلاد زراعية وبها كل الخيرات!
عندما نتكلم عن صناعة العلماء فنحن نتكلم عن نهضة شاملة في كل نواحي الحياة، بل نريد علماء في العلوم الغذائية يفكرون في إنتاج أغذية يستطعمها المسلمون ويتركوا هذه الأطعمة الغربية الملوثة بدعم الكيان الصهيوني أو ملوثة بسب الرسول صلى الله عليه وسلم أو ملوثة بالفجور وغيره.
د. راغب:
كوريا الشمالية كانت تعيش على أكل الطحالب بسبب الفقر الشديد لكنها الآن تُصنِّع السلاح النووي وعلماؤها استطاعوا أن ينافسوا العالم في هذا المجال.
لا عذر لدولة أن تكون مُتخلفة مهما كانت ظروفها، ولا عذر لدولة لا تنفق على أبواب العلم مهما كان عليها من تضييق وحصار.
الحكام لن نعفيهم من المسؤولية في هذه القضية والوزراء لا نعفيهم من هذه القضية، وكذلك الأغنياء وطلاب العلم الذين يجب أن يدخلوا بكل ثقلهم في هذا المجال.
لسماع هذه الحلقة: الأمل في نهضة الأمة
راغب السرجاني
أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: