تدبر - [25] سورة آل عمران (18)
ولماذا محمد صلى الله عليه وسلم؟!
لماذا كان هذا الارتباط وترسَّخت تلك الصلة وتغلغلت في النفوس تلك المشاعر تجاهه؟!
ما الشيء الذي رآه زيد رضي الله عنه وجعله يختار محمدًا صلى الله عليه وسلم على أبيه وأهله؟!
ما الذي جعل الصديق رضي الله عنه يفتديه بنفسه وخبيب رضي الله عنه لا يقبل أن يُشاك حبيبه بشوكةٍ وهو آمنٌ في بيته؟!
ما الذي دفع المرأة أن تُقدِّم السؤال عنه صلى الله عليه وسلم على سؤالها عن ولدها وأبيها وأخيها وزوجها؟!
ما الذي رآه هؤلاء وأولئك وغيرهم؟!
ما الذي جمعهم حوله بهذه الصورة البديعة والارتباط الراسخ؟!
يُجيبك المولى جل وعلا ويُبيِّن لك السِرّ الذي أدَّى لهذا الاجتماع المذهل والارتباط الوثيق: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران من الآية:159].
تأمَّل مرةً أخرى..
أربعُ صفاتٌ أخلاقيةٌ سلوكيِّةٌ حوتهم هذه الآية..
صفتان منهما ليس النبي من أهلهما وصفتان بُعِثَ بهما..
لقد بُعِثَ بالرحمة وأُرسِلَ باللين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]..
ولقد تنزَّه عن الفظاظة والغِلظة..
ولو اتصف بتلكما الصفتين الأخيرتين فبِنصِّ الآية المحكمة الواضحة - لانفض الناس من حوله..
لنقض هذا الاجتماع الوثيق..
لانهار ذلك الرباط القوي المتين..
ولتفرَّق الناس وانفضوا من حوله..
لقد عاشوا معه ورأوا من صفاته وسلوكه ومكارِمُ أخلاقٍ بُعِثَ ليُتمِّمها - ما غرس محبته في قلوبهم ومكَّن لتوقيره في نفوسهم.
- التصنيف: