مفهوما (النجاح والفلاح) عند المسلم المعاصر: تناغم أم صراع؟!
أكبر مشكلة تواجه "المسلم المتدين المتفوق" في عصرنا هو الانفصام الذي يعيشه بين دنياه ودينه وبين أولاه وآخرته. المشكلة الكبرى أنه نشأ على البناء للدنيا لأنه تلقى تربيته وتعليمه إما من غافلين عن مقاصد الدين وإما من منغمسين في احتياجات الدنيا، فنشأت منظومته الفكرية على هذا، على النجاح في الدنيا، إلا أنه عندما استمسك بالإسلام -غالبًا بعد نشأته- حدث له اضطراب!
أكبر مشكلة تواجه "المسلم المتدين المتفوق" في عصرنا هو الانفصام الذي يعيشه بين دنياه ودينه وبين أولاه وآخرته. المشكلة الكبرى أنه نشأ على البناء للدنيا لأنه تلقى تربيته وتعليمه إما من غافلين عن مقاصد الدين وإما من منغمسين في احتياجات الدنيا، فنشأت منظومته الفكرية على هذا، على النجاح في الدنيا، إلا أنه عندما استمسك بالإسلام -غالبًا بعد نشأته- حدث له اضطراب!
إذ أنه حاول أن يصيغ عمله للآخرة في نفس القالب الذي بُني عليه فِكرُه! فحاول أن يركب قالب الفلاح في الآخرة على قالب النجاح في الدنيا مع كونهما ليسا متناغمين، فركبهما لكن بالضغط، إذ أنه اضطر لاجبارهما على التماسك بدلًا من أن يتماسكا تلقائيًا بارتياح! فأصبح المسلم النابه المخلص يعيش صِراعًا ويحاول التغلُّب عليه بوسائل منها على سبيل المثال "تحويل العادة إلى عبادة بأخذ النية لكل عادة".. وكأن العادة ليست عبادة في أصل ديننا فلزمها هذا التحويل..!
أين المشكلة؟
العامل الرئيسي في هذا هو عدم تحديد مفهوم "النجاح" بشكلٍ صحيح. المشكلة أننا نُحدِّد النجاح أولًا وننتهي من تحديده ثم نحاول تركيب قالب "الفلاح" عليه!
النجاح بالنسبة للشاب المسلم هو التفوق والوظيفة المرموقة والزواج السعيد والثراء ووو، هذا هو تحديدًا، والفلاح هو أن ينتهي من كل هذا ثم يدخل الجنة! لكنه يحاول جاهِدًا مواءمة هذا مع ذاك باتخاذ النوايا، وغالبًا ما يكون هذا غير مصحوب في حتى تعديل نشاطه الذي يقوم به والذي قد حدَّده مُسبقًا لينال "النجاح"، إنه بالكاد "يضبط نواياه" في كل عمل!
أين الحل؟
الحل هو أن نُشكِّل أبناءنا فكريًا بكيفية مختلفة تمامًا عمَّا تشكَّلنا بها، وفي الآن ذاته نحاول إكمال مسيرة حياتنا بتعديل إطارنا الفكري. إلا أن هذا التعديل لن يتأتى إلا بإعادة تعريف "النجاح"!
النجاح.. ما هو؟!
يمكن أن نُعرِّفه تعريف بسيطًا أنه: تحقيق الأهداف التي تم وضعها مُسبقًا.
كيف الحل؟!
الحل هو أن تكون الأهداف من البداية ليست إلا دستورًا نضعه لخدمة هدف وحيد وهو فعل ما يحبه الله واجتناب ما يكرهه الله، اي بمصطلح واحد "عبادة الله"، فيما يناسب موقعنا من المكان والزمان والظروف!
فإن كانت الأهداف مصاغة صياغة سليمة تجنبنا الصراع فيما بعد! إذ أن النجاح سيكون هو إرضاء الله تعالى في بحر حياتنا، وسيكون بالتالي مؤديًا بسلاسةٍ ويُسر ودون صراع إلى الفلاح الأبدي في الجنة!
وهذا الحل يحتاج وعيًا كبيرًا بالواقع من حولنا! إذ أن أهدافنا ومهامنا ستنبني على كيفية تأدية وظيفتنا وهي عبادة الله في ظل الواقع الموجود في حياتنا بالفعل - بحيث نُحوّله إلى واقعٍ أفضل وبالتالي نكون قد حققنا استعمار الله إيَّانا في الأرض واستخلافه لنا فيها بهذا الاستعمار.
الخلاصة:
الخلاصة هي أن الحياة القويمة للمسلم لن تتأتى إلا عندما تكون الآخرة امتدادًا طبيعيًا سلسًا للدنيا، متناغمة معها، بحيث يكون النجاح في الدنيا هو الوسيلة الوحيدة، الضرورية والكافية للفلاح في الآخرة، وأن يكون الفلاح في الآخرة هو جزاء طبيعي للنجاح في الدنيا! ذلك النجاح الذي أعدنا تعريفه بإعادة تعريف الأهداف والمهام.
والله أعلم..
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: