تدبر - [37] سورة المائدة (2)

منذ 2014-07-04

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة:105]..

مبدأٌ حاسم ينبغي أن يفهمه كل مسلم..

آية من كتاب ربنا تشرح لنا لماذا ثبت الثابتون رغم وعورة الطريق وقلة السالكين..

آية تُبيِّن كيف أن القضية ليست في كثرة الموافقين والمؤيدين، ولا في وفرة الداعمين المنافحين..

القضية هي في الحق نفسه..

لا يضر المرء إن ضل كثير ممن حوله، ما دام موقنًا أنه على الحق الذي أمره به ربه: {لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}..

حتى لو كثر من ضلوا وأعجب الخلق بكثرتهم..

يقول الله في نفس السورة: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة من الآية:100]..

إنه بناء متفرِّد للشخصية الإسلامية التي لا يقبل صاحبها أن يكون إمعة، مهما كانت الظروف ومهما تزايدت عليه الضغوط..

وكم من أناس حرصوا على التمسك بالحق، وإظهاره، والسير في طريقه، رغم قلة السالكين، وربما انعدامهم في بعض الأحيان..

كم من أناس خاضوا غمار الصعاب وثبتوا عند حلول النوازل، رغم الصعاب التي واجهتهم، ورغم كثرة المخالفين، لكنهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمثالهم: «لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم» (رواه مسلم)..

لذا كانت العبادة في الهرج كالهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..

ذلك لأنه لا يتفرَّغ لها في هذا الوقت إلا أفراد..

فلمَّا تمايزوا تميَّزوا.

القضية ليست إذا بالعدد، ولا بالصخب، ولا بمطلق ما عليه الناس من حال..

القضية بالحق، فإذا كان معك؛ تبينته، وتشربه قلبك من معينه، فأنت الجماعة، ولو كنت وحدك!
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
المقال السابق
[36] سورة المائدة (1)
المقال التالي
[38] سورة المائدة (3)