تدبر - [285] سورة القصص (5)
وإن مآل إرادة الطغاة إلى نقيض قصدهم ونهاية مطامع المستبدين هي ضد هدفهم وعكس مطلبهم ولو بعد حين..
وإن ممتطي الباطل ومنتعلي البغي وراكبي الظلم ظنًا منهم أن تلك هي الوسائل الموصلة لعلوهم المبتغى - سيفاجأون أن السحر ينقلب على الساحر وأن يومًا سيأتي يقع فيه بهم ما كانوا يحذرون ومن جنس ما كانوا يحذرون..!
ولقد وعد الرحمن عباده الذين استضعفوا أن مآل بطش فرعون بهم وعاقبة ظلمه لهم ستكون أيضًا وقوع ما يحذر..
وبشَّرهم بأن الطاغية مُدَّعي الألوهية سيرى ما كان يتقيه ويهرب منه من خلال هذا البطش والقمع..
سيراه منهم..
ممن كان يحذرهم ويقتل أبناءهم خوفًا من تلك اللحظة..
{وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص من الآية:6]..
تدبر الكلمة مرةً أخرى..!
منهم..
وعلى أيديهم..
وستشفى صدور المظلومين..
ويقع ما كان يحذر..
هكذا طرقت الكلمة مسامع ملك الأخدود بعد أن قتل الغلام ليكتم صوت الحق المنبعث من بين شفتيه الصادعتين..
فكانت دماء الشهيد نورًا يُضيء للناس درب يقينهم بربِّ الغلام وصاحوا: "آمنَّا بربِّ الغلام"..
هنا قالها رجل من بطانته مُقِرًا بذلك المآل الحتمي: أرأَيْتَ ما كُنْتَ تحذَرُ قد واللهِ نزَل بكَ حَذَرُكَ..
أجزَعتَ أن خالفَكَ ثلاثةٌ، فَهَذا العالمُ كلُّهم قد خالفوك..
قد آمَن النَّاسُ..
لقد قتله ليمنع إيمانهم فكان ذلك طريقًا لإيمانهم ووقع ما كان يحذر وبما كان يحذر..
وكذا كل من طغى وتجبَّر..
سيرى ما كان يحذر..
وسيلاقي ما كان منه يهرب..
وسيبور ما كان له يمكر..
وسيعامل بنقيض قصده.. ولو بعد حين.
- التصنيف: