اللاجئون داخل ميانمار وخارجها

منذ 2014-08-05

من الصعب تسمية الروهنجيين الأراكانيين باللاجئين؛ لعدم إعطائهم حقوق اللاجئين أو حتى الاعتراف بهم كلاجئين، ولعدم الاعتراف بالمواطنة داخل بلادهم، وقمع الحكومة ماديًا ومعنويًا وإعلاميًا لهم.. منذ عام 1942م حتى تاريخنا لا يزال الروهنجيون هدفًا أساسيًا لحكومة ميانمار، وسبب استهداف الروهنجيين بين الأحزاب المعارضة للحكومة يرجع إلى ضعفهم ميدانيًا وقوة حجتهم سياسيًا؛ لأنهم أصحاب أرض، فهدف الحكومة إبعادهم عن أرضهم أو إبادتهم ومحو آثار المسلمين وتاريخ أراكان.

مصطلحات الموضوع: ميانمار: (بورما سابقًا).
أراكان: دولة احتلتها بورما بعد الاستعمار البريطاني، وهي حاليًا تسمى ولاية راخين (ولاية أراكان سابقًا)، حكمها أكثر من 40 حاكمًا مسلمًا، الروهنجيون: عرقية من العرقيات المتأصلة في أرض إقليم أراكان ذي الغالبية المسلمة، وهم السكان الأصليون لدولة أراكان المحتلة.

من الصعب تسمية الروهنجيين الأراكانيين باللاجئين؛ لعدم إعطائهم حقوق اللاجئين أو حتى الاعتراف بهم كلاجئين، ولعدم الاعتراف بالمواطنة داخل بلادهم، وقمع الحكومة ماديًا ومعنويًا وإعلاميًا لهم.. منذ عام 1942م حتى تاريخنا لا يزال الروهنجيون هدفًا أساسيًا لحكومة ميانمار، وسبب استهداف الروهنجيين بين الأحزاب المعارضة للحكومة يرجع إلى ضعفهم ميدانيًا وقوة حجتهم سياسيًا؛ لأنهم أصحاب أرض، فهدف الحكومة إبعادهم عن أرضهم أو إبادتهم ومحو آثار المسلمين وتاريخ أراكان.

وعدد اللاجئين داخل ميانمار من الذين أُحرقت بيوتهم من قِبَل البوذيين، يزيد على نصف مليون، فهم في العراء؛ سقفهم السماء وحذاؤهم الوحل، لا تتوافر لديهم أدنى مقومات الحياة، ولم تسمح الحكومة للمنظمات الإغاثة بالدخول.. حتى الآن يعيشون في مخيمات بلاستيكية لا تغني من مطر أو برد، ومناخ ميانمار معروف بكثرة الأمطار.. غذاؤهم من النباتات المتوافرة حول المخيمات، ولا يسمح لهم بالخروج من هذه المخيمات، فلا خدمات صحية فيها ولا عمل ولا غذاء.

وملايين اللاجئين المنتشرين خارج ميانمار بدأت هجرتهم بعد المذبحة الكبرى عام 1942م التي استشهد فيها أكثر من مائة ألف مسلم وهُجّر ما يزيد على مليونين انتشروا في دول كثيرة ويتمركزون غالبًا في البلدان التي تقع بين مكة وبورما، فهجرتهم كانت إلى مكة، إلّا أن قلة الزاد وطول المسافة تسبّبت في تعثرهم.
والهجرة كانت بشكل أفراد أو أسر أو مجموعات إلى الدول المجاورة عبر نهر ناف، وعبر الجبال والأدغال، وهم في خوف من الجيش البورمي المتربص بهم، أو الحرس البنجلاديشي من الجهة المقابلة، فإذا وقع أحدهم في أيدي البورميين فمصيره الحبس والضرب ومصادرة أملاكه أو إعدامه، وإن وقع في أيدي الحرس البنجلاديشي يردونه إلى بورما، ولا تسأل عما حصل للعشرات منهم في هذا النهر، حيث كان الصيادون يجدون في شباكهم أناسًا غرقى.

بنجلاديش أخذت النصيب الأكبر من اللاجئين الأراكانيين لقرب حدودها، لكنها اكتفت بما لديها منهم فامتنعت في الأزمة الأخيرة التي اندلعت مجددًا للتطهير العرقي ومحو السكان الأصليين لدولة أراكان المحتلة عن استقبالهم، أمّا في الهند وتايلاند فهم يعيشون بلا هوية أو حتى الاعتراف بهم كلاجئين، أما حكومة باكستان فقد منحتهم الجنسية الباكستانية وسهلت لهم بعض الأمور؛ وهؤلاء أفضل مجموعة من المهاجرين أحوالًا، إلا أنها بدأت تشدد على الذين منحتهم الجواز الباكستاني ويعيشون خارج أراضيها كما هو الواقع الآن مع الذين يعيشون في الإمارات والسعودية ويحملون جوازات باكستانية أو بنغالية، فقد امتنعت الحكومتان عن تجديد جوازات سفرهم، وهذا الامتناع يحرمهم من تجديد رخصة الإقامة ويترتب على ذلك مشاكل نظامية واجتماعية وصحية وتعليمية. أوضاع الروهنجيين الأراكانيين ومعاناتهم في كل دولة لها حكايتها، إلا أنهم يخففون على أنفسهم مقارنةً بإخوانهم داخل ميانمار وما يعانونه من ذبح واضطهاد وإبادة جماعية.

طريقة أمريكا للدخول إلى ميانمار:
ومن ناحية أخرى يتضح أن الأزمة الأخيرة للقضية الروهنجية كانت أسهل وأمهد طريق لدخول أمريكا إلى الأراضي الميانمارية بعد انقطاع دام نحو 40 عامًا، لم تتجرّأ أمريكا يومًا على الدخول إلى ميانمار (بورما سابقًا) في عهد تحالف بورما مع الصين والهند، رغم المقاطعات الغربية لميانمار والعقوبات التي فُرضت عليها من عام 1988 بعد اندلاع الثورة التي تسمى (8888)، إلا أنها بدأت تطمع من جديد في ثروات هذه البلدة وموقعها الإستراتيجي بين الجارتين النوويّتين الصين والهند؛ للتخوف الأمريكي من قوة الاقتصاد الصيني والعسكري في المقام الأول، ثم الهند.

كما أكد ذلك زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في نهاية عام 2011 باعتبار أمريكا قوة في المحيط الهادي، فإنها تركز اهتمامها من جديد على منطقة آسيا بعد انشغالها بالعراق وأفغانستان، فالقضية الروهنجية أصبحت وجبة شهية لابتزاز رئيس ميانمار بعد تخوفه من تحرك الدول الإسلامية على طاولة الزيارة الأخيرة لرئيس ميانمار باختيار أحد الأمرين:

1- الانصياع لأوامر أمريكا.
2- أو دخول أمريكا إلى ميانمار بشعار حقوق الإنسان (كعكة روهنجيا).
فلا حل لرئيس ميانمار إلا الانصياع والطاعة؛ لأن الضوء الأخضر من أمريكا للدول الإسلامية يعني هلاك عرش ثين سين، كما أن إرسال قوات أمريكية لتدريب الجيش الميانماري هو أولى خطوات إكمال الخريطة السياسية للقواعد العسكرية الأمريكية، وهو في الوقت نفسه رسالة واضحة لمنظمة التعاون الإسلامي والحكومات المتعاطفة مع القضية الروهنجية بـ(نحن هنا) إلحاقًا بالرسالة السابقة من بانكي مون بأن تدخل منظمة التعاون الإسلامي قد يؤثر في عملية الإصلاحات الجارية في ميانمار.
 


 إسماعيل إلياس المتمني