مقدِّمات ضرورية للنصر والتمكين
فمَن عدَّ القتل في سبيل الله مصيبةً مُختصةً بالجهاد؛ كان من أجهل الناس! بل الفتن التي تكون بين الكفار، وتكون بين المختلفين من أهل القبلة؛ ليس مما يختص بالقتال! فإن الموت يَعرض لبني آدم، بأسباب عامة وهي المصائب، التي تَعرض لبني آدم، من مرض بطاعون وغيره، ومن جوع وغيره، وبأسباب خاصة!
والردّ على غُلوّ كهَنة المصالح والمفاسد وحِفْظ الدماء، والصادِّين عن الجهاد: "ولهذا أمر اللهُ رسولَه والمؤمنين؛ باتباع ما أنزل إليهم وهو طاعته، وهو المقدمة الأولى، وأمرهم بانتظار وعْده، وهى المقدمة الثانية! وأمرَنا بالاستغفار والصبر؛ لأنه لا بد أن يَحصل لهم تقصيرٌ وذنوبٌ، فيزيلُه الاستغفارُ، ولا بد مع انتظار الوعْد من الصبر، فبالاستغفار تتمُّ الطاعة، وبالصبر يتم اليقين بالوعْد..
وهذا يتبين بأصلين:
أحدهما: أن حصول النصر وغيره، من أنواع النعيم لطائفة أو شخص..
لا يُنافي ما يقع في خلال ذلك، مِن قتل بعضهم وجرحه، ومن أنواع الأذى! وذلك أن الخلق كلهم يموتون، فليس في قتل الشهداء مصيبةٌ زائدةٌ على ما هو معتادٌ لبَني آدم..
فمَن عدَّ القتل في سبيل الله مصيبةً مُختصةً بالجهاد؛ كان من أجهل الناس! بل الفتن التي تكون بين الكفار، وتكون بين المختلفين من أهل القبلة؛ ليس مما يختص بالقتال! فإن الموت يَعرض لبني آدم، بأسباب عامة وهي المصائب، التي تَعرض لبني آدم، من مرض بطاعون وغيره، ومن جوع وغيره، وبأسباب خاصة!
فالذين يعتادون القتال؛ لا يصيبهم أكثر مما يصيب مَن لا يقاتل، بل الأمر بالعكس كما قد جربه الناس، وهذا أمرٌ يعرفه الناس من أهل طاعة الله وأهل معصيته..
ومعلومٌ أن في الجهاد وإقامة الحدود، من إتلاف النفوس والأطراف والأموال ما فِيه..
فلو بلغَت هذه النفوسُ النصرَ بالدعاء ونحو،ه من غير جهاد، لكان ذلك من جنس نصر الله للأنبياء المتقدمين مِن أممهم، لمَّا أهلك نفوسَهم وأموالهم، وأما النصر بالجهاد، وإقامة الحدود، فذلك من جنس نصر الله، لِما يختص به رسولَه، وإن كان محمدٌ وأمتُه؛ منصورين بالنوعين جميعًا" (ابن تيمية رحمه الله، في رسالته: قاعدة في المحبة).
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: