العلاج: بلا إفراط ولا تفريط

منذ 2014-10-28

التوسط في جميع الشهوات واستخدامها في موضعها الشرعي، بما يرضي الله بلا إفراط ولا تفريط هو العلاج الأكمل للوصول للخلق الرفيع..

تحصيل الخلق الرفيع وعلاج ضده من الأخلاق المرفوضة تخلية وتحلية تحتاج لدعاء وصدق وعزيمة؛ لاكتساب الأخلاق والتوبة عن ضدها..

ومن تأملاتي ومن متابعتي لأستاذ الأخلاق العظيم وحبرها المتفرد بالصدارة الإمام (ابن القيم رحمه الله) استخلصت العلاج الواضح من بين طيات كلامه والذي أوصى به بإلحاح..

لو نقلت ما ورد عن الأخلاق واكتسابها، ومعالجة أمراض القلوب من كلام ابن القيم رحمه الله في كتابه العظيم (مختصر منهاج القاصدين) كله لتوصلنا لنفس النتيجة: ماهي النتيجة، وما هو العلاج؟

إنه التوسط في ترويض الشهوات التي خلقها الله لنستعملها في مرضاته ولا نبارزه بها.
فشهوة الجماع لو توسطنا فيها لنتج عنها زواجًا شرعيًا وجيلاً مباركًا.. لماذا؟
لأننا وضعناها في موضعها، فلم نسرف فيها ونرتع في أعراض الناس، ولم نترهبن أو نعتزل الشهوة فنمنع النسل، ولو حدث لضاعت المصالح وتوقفت البشرية..!

لذا فالتوسط في جميع الشهوات واستخدامها في موضعها الشرعي، بما يرضي الله بلا إفراط ولا تفريط هو العلاج الأكمل للوصول للخلق الرفيع..

ولو تأملنا في تعريفات العلماء لخلق واحد كمثال لتوصلنا إلى نفس ما ذهب إليه ابن القيم، من أن الاعتدال في الشهوات بلا تفريط أو إفراط يصل بنا إلى بر الأخلاق الحميدة..

وكمثال هذا تعريفهم لخلق العفة:
"هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور الذي هو إفراط هذه القوة، والخمود الذي هو تفريطها، فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة" (التعريفات للجرجاني: ص:151).

وقيل هي: "ضبط النفس عن الشهوات وقصرها على الاكتفاء بما يقيم أود الجسد، ويحفظ صحته فقط، واجتناب السَّرف في جميع الملذات وقصد الاعتدال" (تهذيب الأخلاق المنسوب للجاحظ: ص:21).

وقيل هي: "ضبط النفس عن الملاذ الحيوانية، وهي حالة متوسطة من إفراط وهو الشره وتفريط وهو جمود الشهوة" (الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني: ص:318).

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.