انقذوا سفينة الوطن!
نرى سفهاءً يحاولون خرق سفينة الوطن عبثًا وفسادًا وإجرامًا لإشباع أطماعهم، ونرى من يصمت ويخرس ويتوارى بعيدًا عن الإنكار، بل يرى بعض المناضلين السابقين أن المصلحة الآن في الصمت وكأنهم صمٌ بكمٌ عميٌ.. فهم لا يعقلون ولا يفقهون ولا يرجعون ولا يُبصِرون ولا ينطقون ولا يسمعون.
حماية الوطن وإنقاذ سفينته مسئولية الجميع ومن يُغرِق سفينة الوطن سيَغرق بإذن الله في وحل العار والذل، سفينتنا تواجهها رياح وعواصف عاتية ونحن جميعًا فيها فإما ننجوا جميعًا وإما نغرق جميعًا يقول صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا» (رواه البخاري).
وقديمًا خرق الخضر الرجل الصالح العالم الرباني السفينة بعلمٍ من عند الله ولحكمة ولمصلحة أنبأه الله بها ومع ذلك أنكر عليه نبي الله موسى عليه السلام.
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف:71].
والآن نرى سفهاءً يحاولون خرق سفينة الوطن عبثًا وفسادًا وإجرامًا لإشباع أطماعهم، ونرى من يصمت ويخرس ويتوارى بعيدًا عن الإنكار، بل يرى بعض المناضلين السابقين أن المصلحة الآن في الصمت وكأنهم صمٌ بكمٌ عميٌ.. فهم لا يعقلون ولا يفقهون ولا يرجعون ولا يُبصِرون ولا ينطقون ولا يسمعون.
عفا الله عنّا وإياكم من قلة الدين والعقل والفهم والوعي والإدراك والعمى.
وهذا الخرس والصمت على الرغم من أن الملايين مع الأسف تتمنى أبسط حقوقها في بلدها ووسط أهلها لا سيما حق الحياة والحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والكرامة اﻹنسانية.
الملايين غارقة في ظروفٍ غير إنسانية، ومعاناةٌ شديدة، وألمٌ جمّ وخسائر فادحة لن تُبقي دنيا ولا دين من حوادث وحرائق وتهجير وقتل وسحل وسجن وإعدام وغلاء وبلاء وانهيار أخلاقي ونفسي وقيمي وحضاري ومجتمعي واقتصادي.
وكل ذلك بفعل فاعل وتدبير ماكر وخدعة خائن غادر وتلبيس شيطاني بطرقٍ وحشية مرعبة لنشر الخوف والرعب بين المصريين: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:204-205].
وسيدفع المجرمون ضريبة الذل قريبًا بإذن الله، إما بالإبعاد والسخرية والاستهزاء والتوبيخ، وإما بالعار والفضيحة وكشف المستور، وإما بانتشار فسادهم وكذبهم وتدليسهم وفضائحهم، وإما بتعريةٍ من يلبسون ثوب الفضيلة وهم من أشر خلق الله، وإما بتسلّط الظالم فمن أعان ظالِمًا سلّط عليه، وإما بالسجن والاعتقال والاغتيال، وإما بالتشرد في الأرض والبُعد عن الوطن، وإما بتذوقهم من نفس الكأس وإما...
وكلما كان الصعود عاليًا كان السقوط في الهاوية مدويًا مُرعبًا مُفزعًا مُخيفًا بوقتٍ ومكانٍ وزمانٍ لا يخطر على قلب بشر {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر من الآية:31]، وحب الوطن والانتماء إليه ليس شعارًا أو جنسية أو أرضًا أو عَلمًا أو موقعًا أو شهادة ميلاد فقط بل الانتماء روح وحب وإحساس وتضحية وفداء والتزام وخلق وسلوك وأمانة ودعوة ورسالة وقدوة، وعلم وعمل وتفوق وتقدم وإجادة وريادة وتفاهم وقناعة وأدب وتسامح وحوار وذوق عال ومسئولية وكرامة وحرية ومكانة سامية بين الأمم.
والعمل للوطن وإنقاذ سفينته مسئولية الجميع بكل انتماءاتهم الفكرية والثقافية والعقائدية والصادق من يشغله العمل والبناء وهموم الوطن عن نفسه، فمن عاش لنفسه عاش صغيرًا ومات وحيدًا ومن عاش لغيره امتد أثره في الحياة وبعد الممات {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف من الآية:89].
وما أحوجنا إلى يقظة ضمير قبل يقظة العقول اﻷفكار والعلوم واﻷحزاب والاتجاهات السياسية.
يقظة ضمير تُقدِّم المصالح العامة على المصالح الخاصة والشخصية والفئوية.
يقظة ضمير تدفع الظلم والطغيان وتحارب الفساد بكل صوره وكل أفراده وكل مؤسساته وتصدع بكلمة الحق عالية خفاقة في وجوه الظالمين.
يقظة ضمير تُعلي شأن الوطن والمواطن تحفظ كرامته وحريته ومستقبله ودمه وعِرضه وماله من كل تطاول وتهاون ونهب واستنزاف وإهدار وإفساد وسرقه.
يقظة ضمير تُعلي مبادئ السماء وقيم الحق والعدل والحرية وحقوق اﻹنسان.
ماهر إبراهيم جعوان