معالي الأمور
فلا يجعلن العبد قضية حياته قضية بسيطة يستطيعها أي أحد، وإنما يطلب المعالي لنفسه ولأمته..
كثيراً ما يكون الركون والكسل من مداخل إبليس على العبد ليشغله بالعمل المفضول عن الفاضل، أو الأقل مرتبة عن الأعلى، أو يدخل على العبد من مدخل الرضا والقناعة فيقعده عن عمل قد يرفع الله به الأمة كلها وليس صاحب العمل فقط.
والتاريخ يحكي لنا عن همم ارتقت بأصحابها حتى صاروا علامات أضاءت لهم الدنيا، وأضاءوا هم الدنيا بجهادهم أو علمهم أو عدلهم .. إلخ.
عن دكين الراجز قال: "أتيت عمر بن عبد العزيز بعد ما استُخلف أستنجز منه وعدًا كان وعدنيه، وهو والي المدينة، فقال لي: يا دكين، إن لي نفسًا توَّاقة لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلمَّا نلتها تاقت إلى الخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة" ((عيون الأخبار) لابن قتيبة: [334]).
وممن انتبه وفطن إلى هذا الداء وأوصى بالحذر ووصف العلاج، الإمام مالك رضي الله عنه، قال مالك: "عليك بمعالي الأمور وكرائمها، واتقِ رذائلها وما سفَّ منها؛ فإنَّ الله تعالى يحبُّ معالي الأمور، ويكره سفسافها" ((ترتيب المدارك) للقاضي عياض [2/65]).
فلا يجعلن العبد قضية حياته قضية بسيطة يستطيعها أي أحد، وإنما يطلب المعالي لنفسه ولأمته، فإذا حققها فبها ونعمت وإن أخفق في بعضها فقد حقق ما هو أعلى من الدون بكثير.
لذا نصيحتي لكل قارئ نصيحة محب..
عليك بمعالي الأمور.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: