معالم المنهج القرآني
في الحقيقة ملخص هذا المنهج موجود في سورة العصر
الحمد لله وبعد،،
إذا ما اتفقنا أن القرآن الكريم هو الصراط المستقيم وأنه كلام الله لهداية البشر وإسعادهم وتنظيم حياتهم فما هو المنهج الذي اتبعه القرآن لتحقيق ذلك؟؟ وما هي مقاصده العليا وما القضايا الرئيسية التي هي محور حديث القرآن الكريم؟
في الحقيقة ملخص هذا المنهج موجود في سورة العصر {وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر].
فإذا ما قلنا أن الهدف الأساسي من نزول القرآن هو إخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وإرشادهم إلى رضوان الله وجنته وإسعادهم في الدنيا ألم يقل ربنا في مطلع سورة طه: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:2]، وفى أواخر السورة قال الله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه:124]؛ فاتباع القرآن يحقق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
فالله يُقسم هنا أن الإنسان في خسران ما عدا من توافرت فيه هذه الشروط والصفات: الإيمان، والعمل، والتواصي بالحق، والصبر على كل ذلك.
لذلك من المنطق أن يحتوي القرآن على إرشاد الناس إلى هذه الصفات الأربعة؛ أن يرشدهم إلى الإيمان بالله وأن يوضح لهم ما يجب عليهم القيام به من أعمال تجاه الله وتجاه النفس وتجاه الناس وتجاه الكون كله، وأن يبين لهم كيفية الدعوة إليه وأن يرشدهم إلى الصبر على ذلك كله.
ومن هذا الكلام نستخلص معالم المنهج القرآنى في هداية الناس وما يدعوا إليه؟
أولا: الإيمان بالله (العقائد والمفاهيم) القرآن المكي تناول قضية الإيمان وركز عليها ليربي الناس أولا على الإيمان بالله حتى تكون الاستجابة لأوامره أيسر.
ثانيا: العمل الصالح (العبادات الشعائرية- والعبادات التعاملية) قال الله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر:92، 93]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:21]. والمعاملات تكون مع الله ومع الناس ومع النفس ومع الكون بما فيه، والقرآن تناول كل هذا بالتفصيل.
ثالثًا: التواصي بالحق (الدعوة إلى الله) والأمر بالجمع يفيد بأن كل واحد منا مُوصَى (بالألف اللينة) وموصِي (بالياء) لأن الإنسان بطبيعته ينسى وقد يخطئ فيحتاج إلى من يذكره ويعظه بالله. فمهما كنت عالمًا وعابدًا تحتاج إلى من يذكرك.
رابعًا: التحلي بالصبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الابتلاءات وعلى الدعوة إلى الله. والصبر نصف الإيمان كما قال النبى العدنان، وهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى؛ قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]، وقال: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40، 41].
وإذا ما طبقنا هذا على كل آيات القرآن فستجدها لا تخرج عن هذه الأربعة، والله أعلم.
سعد الدين فاضل
كاتب إسلامي مصري
- التصنيف: