الهجرات القسرية لعلماء قرطبة

منذ 2015-01-04

تُوصَف الهِجراتُ بكونها تحركاتٍ في المجال، يقوم بها فردٌ أو ثُلَّة مِن الأفراد، وقد تقوم بها مجموعةٌ بشرية خلالَ مدة زمنية محدودة، أو خلال حِقَبٍ مُعينة، وتتمُّ بين نقطة وأخرى داخلَ حدود كيان سياسي معيَّن، وقد تتم خارجَ حدود هذا الكيان.

تُوصَف الهِجراتُ بكونها تحركاتٍ في المجال، يقوم بها فردٌ أو ثُلَّة مِن الأفراد، وقد تقوم بها مجموعةٌ بشرية خلالَ مدة زمنية محدودة، أو خلال حِقَبٍ مُعينة، وتتمُّ بين نقطة وأخرى داخلَ حدود كيان سياسي معيَّن، وقد تتم خارجَ حدود هذا الكيان.

وتُعَدُّ من وجهةِ نظَر البحْث العِلمي من بين الموضوعات التي يشتركُ في الاهتمامِ بدِراستها الباحثون في مختلف حقولِ المعرفة، مِن بينهم الديموغرافي والمؤرِّخ، والمهتم بالديموغرافيا التاريخيَّة.

فالأول: يتعامل معها كظاهرةٍ ديموغرافية تَندرج ضمنَ الظواهر الأخرى، كالولادات والوفيات والخصوبة، وقد يُولِيها في بعضِ الحالات أهميةً قصوى؛ لأنَّها مثل ظاهرتي الولادات والوفيات، تؤثِّر في العدد الإجمالي لسكَّان الكيان المعنيِّ بها، سواء تَمَّت منه أو إليه، كما تُؤثِّر في تركيبتِه السكَّانية من حيثُ الأعمار، والأجناس (الذكور والإناث)، والأنشطة السوسيو - مهنية. [1].

ويَعمِد الديموغرافي لدراستها مِن حيث الكمُّ والكيفُ إلى التصاريح التي يضعها الأفرادُ لدَى المصالِح المختصَّة بعد تغييرِ مراكزِ الإقامة حين يتعلَّق الأمر بالهِجرات الداخليَّة، وإلى القوائمِ التي يضعها موظَّفو مراكز الحدودِ، ومصالح الهِجرة فيما يتعلَّق بالهجرات الخارجية، وغالبًا ما يلجأ إلى سجِلاَّت عمليات الإحصاء العامَّة للسكَّان؛ لتكونَ الدراسة عِلميَّةً أكثر.

والثاني: يتعامل معها كحَدَثٍ تاريخي شهدتْه معظمُ المجتمعات البشرية، وقد يتوقَّف مليًّا عندَ بعض الهِجرات الفرديَّة أو الجماعيَّة، التي اكتست بُعدًا تاريخيًّا مهمًّا، وحددت المسيرة التاريخيَّة والحضارية لبعضِ المجتمعات، كما هو الشأنُ مثلاً بالنسبة لهجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مِن مكَّةَ إلى المدينة، أو هِجرة بطون مِن القبائل العربية ومِن القبائل البربريَّة إلى الأندلس، أو هجرة عرَب بني هلال وبني سليم مِن صَعيدِ مصر إلى إفريقيَّة.

أما المهتمُّ بالديموغرافيا التاريخيَّة، فيتناولها كظاهرةٍ وكحَدَث حصلاَ في الزمن الماضي، ومِن ثَمَّ يسعَى إلى دراستها مِن وِجهة نظرٍ ديموغرافية، ولكن في سِياق الظروف التاريخيَّة التي أحاطتْ بها.

ويشترك المهتمُّ بالديموغرافيا التاريخيَّة مع المؤرِّخ في اعتماد مختلف شواهدِ الماضي مِن بقايا أثريَّة، ونصوص مخطوطة، ونصوص مطبوعة لدِراسة نموذج أو نماذج مِن الهجرات الفرديَّة أو الجماعيَّة.

وقد ارتأينا في هذا العَرْض تبنِّي وجهة نظر المهتمِّ بالديموغرافيا التاريخيَّة لدراسة الهِجرات، التي اضطرَّ للقيام بها بعضُ علماء قرطبة عندَ مطلع القرن الخامس الهجري، مِن خلال كتاب "الصلة" لابن بشكوال.

وإذا كانتْ علاقة موضوع العرْض بالديموغرافيا علاقةً وثيقة، على اعتبار أنَّ الهجرات ظاهرةٌ ديموغرافية - كما أوضحنا ذلك من قبلُ - فإنَّ علاقة النصِّ المعتمد بالديموغرافيا لا تَطرح إشكالاً في نظرنا، ونعتبرها مشروعةً؛ لأنَّ كتاب الصِّلة يتضمَّن معطياتٍ عن هجراتِ فِئة مِن المجتمع، وردت تلك المعطياتُ في سياق التعريفِ بهم.

ولا بأسَ أن نُوضِّح في ضوءِ هذه الإشارة أنَّ كتاب "الصلة" يندرج ضِمنَ المصنَّفات المعروفة بكُتب التراجم، وضعَه أبو القاسم خلف بن عبدالملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال الخزرجيُّ الأنصاريُّ[2]، المتوفَّى سنة 578هـ? 1183م، كتكملة لكِتاب "تاريخ علماء الأندلس"[3]، الذي ألَّفه أبو الوليد عبدالله بن محمَّد بن يوسف بن نصر الأزدي، المعروف بابنِ الفَرَضي، والمتوفَّى سنة 403 هـ? 1013م.

وقد وضَع ابن بشكوال مصنَّفَه على منوال ابن الفرضي؛ حيث عرَّف فيه بثلاثة وسبعين وخمسمائة وألف (1573) عالِم وفقيه، من بينهم أكثر قليلاً[4] مِن مائة تُوفُّوا بين سنتي 350 هجرية و399 هجرية لم يرِدْ ذِكرهُم في كتاب علماء الأندلس، وحوالي أربعين (40) تُوفُّوا سَنَة 400 هـ، وأكثر قليلاً مِن أربعمائة وألف (1400) عاشوا خلالَ الحقبة المتراوِحة بين سنتي 401 هـ و563 هـ (1011م. - 1108 م)، وهم الذين تُشكِّل ترجمتُهم معظمَ مادة الأجزاء الثلاثة[5] التي يتألَّف منها الكتاب.

رتَّب ابنُ بشكوال العلماء والفقهاء الذين عرَّف بهم؛ انطلاقًا مِن أسمائهم على حسبِ ترتيب حروفِ المعجَم، ورتَّب العلماءَ والفقهاء المُدْرَجة أسماؤهم تحتَ كلِّ حرْف حسب تقادُم وفياتهم، فقيَّد الاسم الكامل لكلِّ واحِد منهم، ونسبه مرفوعًا إلى إحْدى القبائل أو البُطون التي ينحدِر منها، وذكر المدينة أو البَلْدة التي ينتسِب إليها، أو التي سَكَنها.

كما تحدَّث عن مجالاتِ اجتهاد أولئك العلماء والفقهاء، وأورد أسماءَ شيوخهم وتلامذتهم وعناوين مؤلَّفاتهم، وساق أخبارًا كثيرة أو قليلة، عن سِيرة كلِّ واحد منهم في حياته الخاصَّة أو العامَّة، فتضمَّنتْ معلوماتٍ عن رحلاتهم، وعن هجرات قسريَّة قام بها عددٌ منهم، وهؤلاء هم الذين يهمُّنا أمرُهم في هذا العرض.

• أولاً: مَن هم العلماء الذين قاموا بتِلك الهجرات؟

• ثانيًا: هل كانتْ هجراتهم فرديةً أو كانتْ جماعيَّة؟

• ثالثًا: هل قام بها كلُّ واحد منهم بمُفْرَده أو بمعيَّة أفرادِ أُسرته؟

• رابعًا: هل كانتْ هِجراتهم مؤقَّتة أو كانتْ نهائية؟

• خامسًا: ما مقدار المسافَة الفاصِلة بين قُرْطبة وبين المراكِز التي انتقلوا إليها؟

• سادسًا: ما أسبابُ ودواعي تِلك الهِجرات؟

تلك هي أهمُّ الأسئلة التي سنُحاول الإجابةَ عنها[6].

تتضمَّن الأجزاء الثلاثة التي يتألَّف منها الكتاب ستًّا وتسعين وثلاثمائة (396) ترجمة لعلماء وفقهاء كانوا أحياءً سنَة 400 هـ، ينعت ابنُ بشكوال كلَّ واحد منهم بكونه "من أهل قرطبة"، أو "سكن قرطبة"، اضطرَّ واحد وعشرون (21) منهم للجلاءِ عن هذه الحاضرة بين سَنتي 400 هـ، و422 هـ، وأسماؤهم حسبَ تسلسل تراجم الكتاب هي[7]:

1- أبو العبَّاس أحمد بن قاسِم بن عيسى بن فرَج بن عيسى اللخْمي الأُقْلِيشي، من سكَّان قرطبة، ولد سنة 363 هـ، وتوفي سنة 410 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 60، ص: 65).

2- أبو عمر أحمد بن مُطرِّف، المعروف بابن الحطَّاب، من أهل قرطبة، لم يَرِدْ ذكر تاريخ ولادته، تُوفِّي سنة 410 هـ (الجزء الأوَّل، ترجمة رقم 69، ص: 71).

3- أبو عمر أحمد بن عفيف بن عبدالله بن مربول بن حاتم الأُموي، من أهل قرطبة، ازداد سنة 348 هـ، وتوفي سنة 420 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 75، ص: 74).

4- أبو عُمَر أحمد بن محمَّد بن سعيد الأُموي، المعروف بابن الفرَّاء، من أهل قرطبة، لم يَذكُر ابن بشكوال تاريخَ ولادته ووفاته، (الجزء الأول، ترجمة رقم 94، ص: 86).

5- أبو عُمَر أحمد بن يحيى بن أحمد بن سَمِيق بن محمَّد بن واصل بن حَرْب، من أهل قُرطبة، ازداد سنة 372 هـ، وتوفي سنة 450 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 119، ص: 102).

6- أبو عمر أحمد بن محمَّد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن داود التَّميمي، المعروف بابنِ الحذَّاء، من أهل قُرطبة، ازداد سنة 380 هـ، وتوفي سنة 467 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 350، ص: 249).

7- أبو عبدالله حبيب بن أحمد بن محمَّد بن نصْر بن غرسان مولَى الإمام هشام بن عبدالرحمن بن معاوية، مِن أهل قُرطبة، ازداد سنة 324 هـ، وتوفي بعد سنة 404 هـ. (الجزء الأول، ترجمة رقم 350، ص: 249).

8- أبو القاسم حاتم بن محمد بن عبد الرحمن بن حاتم التميمي، المعروف بابن الطرابلسي من أهل قرطبة، ازداد سنة 398 ه. وتُوفي سنة 469 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 358، ص: 253).

9- أبو القاسم خَلَف بن مَرْوان بن أُمَّيَّة بن حَيْوَة، المعروف بالصخري، لم يَرِد ذكْر تاريخ ولادته، توفي سنة 401 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 366، ص: 259).

10- أبو سعيد خلَف مولى جعفر الفتى المقرئ، المعروف بابن الجعفري، من سُكَّان قرطبة، لم يردْ ذِكر تاريخ ولادته، تُوفي سنة 425 هـ أو 429 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 381، ص: 266).

11- أبو محمد، أو أبو سعد، خلَف بن عليِّ بن ناصر بن منصور البلوي السَّبْتي، مِن سُكَّان قرطبة، لم يَذكُر ابن بشكوال تاريخ ولادته، توفي سنة 400 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 408، ص: 281).

12- أبو عبدالملك راشد بن إبراهيم بن عبدِالله بن إبراهيم، مِن أهل قرطبة، لم يردْ ذِكْر تاريخ ولادته، تُوفي سنة 404 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 429، ص: 295).

13- أبو عثمان سعيد بن إدريس بن يحيى السُّلَمي المقرئ، من سكَّان قرطبة، ازداد سنة 349 هـ، وتوفي سنة 428 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 504، ص: 343).

14- أبو العلاء صاعِد بن الحسن بن عيسى الرَّبْعي البغدادي، مِن سكَّان قرطبة، لم يَذكُر ابن بشكوال تاريخ ولادته، توفي سنة 410 هـ أو 417 هـ (الجزء الأول، ترجمة رقم 546، ص: 371).

15- أبو القاسِم عبدالرحمن بن محمَّد بن أبي يَزيد خالد بن خالد بن يزيد اليسري الأَزْدي العَتَكي المصري، من سكَّان قرطبة، ازداد سنة 333 هـ، وتوفي سنة 410 هـ (الجزء الثاني، ترجمة رقم 762، ص: 519).

16- أبو عبدالله محمد بن معافَى بن صَمِيل، من سكَّان قرطبة، لم يردْ ذكْر تاريخ ولادته، توفي سنة 410 هـ (الجزء الثاني، ترجمة رقم 1103، ص: 736).

17- أبو عبدالله محمد بن يحيى بن أحمد بن محمَّد بن عبدالله بن داود التميمي، المعروف بابن الحذَّاء، مِن أهل قرطبة، ازداد سنة 347 هـ، وتوفي سنة 416 هـ (الجزء الثاني، ترجمة رقم 1111، ص: 740).

18- أبو عبدالله محمد بن فتحون بن مكرم التُّجِيبي النحوي، مِن أهل قرطبة، لم يرد ذكْر تاريخ ولادته وتاريخ وفاته، (الجزء الثاني، ترجمة رقم 1140، ص: 758).

19- أبو عبدالله محمَّد بن يوسف بن محمد الأُموي النجَّاد، من أهل قرطبة، ولد بعد سَنَة 350 هـ، وتوفي سنة 429 هـ (الجزء الثاني، ترجمة رقم 1145، ص: 761).

20- أبو الوليد محمد بن عبدالله بن أحمد البَكْري، المعروف بابن مِيقُل، من سكَّان قرطبة، وُلِد سَنَة 362 هـ، وتوفي سنة 436 هـ (الجزء الثاني، ترجمة رقم 1163، ص: 770).

21- أبو الوليد هشام بن غالب بن هشام الغافِقي الوثائقي، من أهل قرطبة، وُلِد سَنَة 357 هـ، وتوفي سنة 438 هـ (الجزء الثالث، ترجمة رقم 1446، ص: 937).

لا يُوضِّح ابنُ بشكوال ما إذا كان العلماء الذين أوردنا أسماءَهم قد غادروا قرطبةَ فُرادَى أو بشكل جماعي، ولكن السياق الذي وردَتْ فيه المعلومات المقتضبة عن هِجراته يُفيد أنَّهم قاموا بذلك فرادى، فابن بشكوال يستعمل عباراتٍ تؤكِّد ذلك من قَبيل عبارة "خرَج في الفِتنة"[8]، أو عبارة "جلاَ عن قرطبة إذ وقعتِ الفتنة"[9]، ومع ذلك فنشير إلى أنَّه ليس مِن المستبعَد أن يكون حصَل اتفاقٌ بين عالِمين، وقرَّرَا الخروجَ مِن قرطبة معًا في وقتٍ واحد.

ونذهب إلى هذا الاعتقادِ انطلاقًا من ثلاثة اعتبارات:

أولاً: لأنَّ ظاهرة الهِجرة حدثَتْ عمومًا على شكل موجة بيْن سَنتي 400 و 404 للهجرة، وهذا ما يستشفُّ من كلام ابن بشكوال في سياق ترجمتِه لأبي عمرَ أحمد بن عفيف بن عبدالله بن مريول؛ حيث يذكر أنَّه "...خرَج من قرطبة فيمَن خرَج عنها لمَّا وقعَتِ الفِتنة"[10].

ثانيًا: لأنَّ العديدَ مِن العلماء الذين أوردْنا أسماءَهم خرَجوا مِن قرطبة في وقتٍ متزامن تقريبًا، فأبو عمر أحمد بن محمَّد بن سعيد الأُموي "خرَج من قرطبة في أوَّل الفِتنة؛ أي: سَنة 399 - 400 هـ، وهي السَّنة التي خرَج فيها أيضًا أبو محمَّد، أو أبو سعيد، خلَف بن علي بن ناصر البلوي السبتي[11]، أمَّا أبو القاسم حاتم بن محمَّد بن عبدالرحمن بن حاتم التميمي، فقد رحَل عن قُرطبةَ سنة 402 هـ[12]، وهي السنة نفْسها التي هاجَر فيها أبو عبدِالله محمَّد بن معافَى بن صَمِيل[13].

ثالثًا: لأنَّ عددًا من العلماء المهاجِرين توجَّهوا إلى مراكز الاستقبال نفْسها بعدَ خُروجهم مِن قُرطبة، كما هو الشأنُ مثلاً بالنِّسبة لأبي العبَّاس أحمد بن قاسم بن عيسى بن فرَج اللَّخْمي الأُقْلِيشي وأبي عبدِالله محمَّد بن معافى بن صميل، وأبي عمر أحمد بن يحيى بن أحمد بن سَميق، الذين اختاروا التوجُّهَ إلى طُلَيْطِلة[14].

لم يكن همُّ ابن بشكوال تقديمَ معلومات ضَافِية عن هِجرة أولئك العلماء رغمَ أنَّها تندرج ضِمنَ صميم الترجمة لهم؛ ولذلك فإنَّ الإشاراتِ التي يَمُدُّنا بها لا تُفيد ما إذا كان العلماء المهاجرون قد خرَجوا مِن قرطبة بمفردِهم أمِ اصطحبوا معهم أفرادَ أُسَرهم، فقد كانوا كلُّهم متزوِّجين فيما يبدو؛ انطلاقًا من كُنية كلِّ واحد منهم، فهذا أبو العباس والآخَر أبو بكر، وذاك أبو عبدالله.

وانطلاقًا أيضًا من المعلوماتِ القليلة التي يُقدِّمها عن بعضهم، فقد أورد في مَعرِض ترجمته لأبي الوليد محمَّد بن عبدالله بن أحمد البَكْري، المعروف بابن مِيقُل، أنه "سكَن قرطبة مِن صباه، وتفقَّه فيها، ونَكَح بها"[15]، كما أورد وهو يُعرِّف برئيس المحدِّثين بقرطبة أبي علي حسين بن محمد بن أحمد الغسَّاني أنَّه وُلِد بمدينة جيان سنة 427 هـ، بعد أن نزلَها أبوه وأمُّه عَقِب خروجهما مِنَ الزهراء في الفِتنة[16].

وحين اشتدَّ عودُه وشرَع في طلب العلم، قدِم إلى قُرْطبة، واستقرَّ بها للسَّماع بها مِن كبار علمائِها أمثال أبي العاصي حَكَم بن محمَّد الجذامي، وأبي عمر بن عمر بن عبدالبر.

ومِن ثَمَّ، فالغالب على الظنِّ أنَّ جميعَ العلماء الذين أوردْنا أسماءَهم اصطحبوا معهم أفرادَ أُسَرهم حين خرَجوا من قرطبة، ويحتمل أيضًا أن يكون أحدُ العلماء قد ترَك أفرادَ أُسرته بقرطبة؛ ليلتحقوا به بعدَ حين بمركز الاستقبال؛ ليكونوا هم الآخَرين في مأمنٍ مِن الأحداث الدامية التي كانتْ حاضرةُ الأندلس مسرحًا لها، كما سنوضِّح بعد حين، ولأنَّهم لم يكونوا متيقِّنين بأنَّهم سيعودون مجدَّدًا إلى قرطبة.

تُفيد المعلومات التي يُقدِّمها لنا ابنُ بشكوال أنَّ الغالبية الساحِقة مِن العلماء الذين اضطرُّوا لمغادرة قرطبة بمناسبة أحداث الفِتنة - لم يعودوا إليها، فلائحة العلماء الذين أوردْنا أسماءَهم لا تتضمن سوى اسمي عالِمَيْن قُدِّر لهما أن يعودَا إلى قرطبة، وهما أبو عمر أحمد بن محمَّد بن يحيى بن أحمد بن محمَّد بن داود التميمي، وأبو عبدالله محمَّد بن يوسف بن محمَّد الأُموي النجاد.

فالأول عادَ إلى قُرطبة "في آخِر عُمره"[17] كما يقول ابنُ بشكوال، بعدَ سنواتٍ طوالٍ قضاها بيْن سَرَقُسْطة وألمرية وطُلَيْطِلة، وحين عاد اشتغل مدة متصرِّفًا بين مدينتي إشبيلية وقُرطبة، حتى تاريخ وفاته سنة 467 هـ.

وإذا افترضْنا انطلاقًا من عبارة "آخر عمره" بأنَّه عاد إلى قرطبة سَنَة 460 هـ، فقد يكون قضَى حوالي ستِّين (60) سنة بعيدًا عن قرطبة؛ لأنَّه غادرها حين "وقعت الفِتنة، وافترقتِ الجماعة"؛ أي: حوالي سَنَة 400 هـ، أو بعدها بقليل، وإذا علمْنا بأنَّه وُلِد سنة 380 هـ، فمعنى ذلك أنه خرَج من قرطبة شابًّا ابن عشرين أو اثنين وعشرين سَنَة وعاد إليها شيخًا، ورغم ذلك لم يُقدَّر له أن يلقَى ربَّه بقرطبة؛ إذ تُوفِّي بإشبيلية، وتَمَّت مواراةُ جُثمانه بمقبرة الفخارين[18].

والثاني قُدِّر له هو الآخَر أن يعودَ إلى قرطبة بعدَ أن استوطن الثغرَ وأقرأ الناس به دهرًا - كما يقول ابن بشكوال[19] - وقد كان أكثرَ حظًّا من الأول؛ حيث كُتِب له أن يُتوفَّى ويُدفن بقرطبة في صدرِ ذي القعدة سنة 429 هـ، ولكنَّنا لا نَملِك - مع الأسف - أيةَ إشارة تُساعِد على تحديدِ المدة الزمنيَّة التي قضاها بعيدًا عن قرطبة، وكل ما نملكه مِن مُعطياتٍ هو أنَّه وُلِد بعدَ سَنة 350 هـ بقليل[20]، أخَذ القراءة عن علماء قرطبة، ثم أصبح بدَوْره يُقرِئ الناس بمسجدها حتى اضطرَّ أن يخرُجَ عنها إلى الثَّغْر عندَ بداية الفِتنة، ومِن المحتمل جدًّا أن يكونَ قد عاد إلى قُرطبة حوالي أواخِر سَنَة 422 هـ، بعدَ أن أخَذَ الأمنُ يستتبُّ في المدينة، وبذلك فقدْ يكون قضى في الثغر حوالي عشرين أو اثنين وعشرين سَنَة.

وانطلاقًا مِن المعطيات التي أمدَّنا بها ابنُ بشكوال يتَّضح أنَّ واحدًا فقط من العلماء الذين اضطرُّوا للهِجرة - هو الذي قدِّر له أن يعودَ إلى قرطبة ويُتوفَّى ويُدفَن بها، أمَّا الآخَرون فلم يُقدَّر لهم ذلك؛ إذ تُوفُّوا ودُفِنوا بعيدًا عن أمِّ المدائن في مدن أخرى، كإشبيلية، وطرطوشة، وطُلَيْطِلة، وميورقة، ومرسية، وسرقسطة.

وتُفيدنا المعطيات نفسُها أنَّ ثلاثةً من العلماء المهاجرين تُوفُّوا خارجَ الأندلس، وينطبق هذا الأمرُ على علماء أندلسيِّين من أهل قرطبة، وعلى علماءَ قَدِموا إلى الأندلس مِن مراكزَ أخرى بدارِ الإسلام، وسكَنوا قرطبة، والعلماء المعنيُّون هم أبو عمر أحمد بن محمَّد بن سعيد الأُموي، وهو مِن أهل قرطبة، خَرَج عنها في الفِتنة، واستقرَّ بإشبيلية التي خرَج منها إلى المشرِق بنية الحجِّ، فسار إلى بيتِ المقدس، وبها تُوفِّي[21]، وأبو العلاء صاعدُ بن الحسن بن عيسى الرَّبْعي البغدادي، الذي قدِم مِن المشرق، وسكَن قرطبة، ثم اضطرَّ لمغادرتها بمناسبة أحداث الفِتْنة، وقصَد صقليةَ، التي سكَنها وتُوفِّي بها حوالي سنة 410 هـ، أو 417 هـ[22]، وأبو القاسم الأزدي العَتَكي المصري، الذي قدِم مِن مصر وسَكَن قرطبةَ إلى أنْ وقعتِ الفِتنة، فخرَج من قرطبة وعاد إلى مصرَ، التي تُوفي بها سَنَة 410 هجرية[23].

وتَعني هذه المعطيات مِن وجهة نظر البحْث في حركات الهِجرة أنَّ المهاجرين تفرَّقوا في أنحاء عدَّة بعدَ خروجهم مِن قرطبة، وقطعوا مسافاتٍ تتراوح بين مِئات الكيلو مترات، وآلاف الكيلو مترات.

ولتوضيح هذا الأمر نذكِّر بأنَّ بعضَ الحواضر التي استقبلتْ عددًا من المهاجرين مثل: إشبيلية، وطُلَيطِلة - تفصِل بينها وبين قرطبة مسافاتٌ طويلة - بالنظر إلى وسائل النقل آنذاك - فإشبيلية تبعد عن قرطبة بثلاث مراحِل[24]، وأنَّ المسافة الفاصلةَ بينهما تُقدَّر بثمانين ميلاً[25]، (حوالي 148كلم)[26]، أما طُلَيطِلة فتبعُد عن قُرْطبة بتِسْع مراحل[27]، وتبلُغ المسافة الفاصلة بينهما 225 ميلاً[28] (حوالي 416 كلم).

ويبدو أنَّ عملية قطْع هذه المسافات كانتْ أمرًا طبيعيًّا بالنسبة للعلماء؛ لأنَّ السفر والرحلة كانَا جزءًا من نمطِ حياتهم، فقدِ اشتهر علماءُ بلاد المغرِب والأندلس بتحرُّكهم الدائم في اتِّجاه المشرِق لطلبِ العلم، أو لأداء فريضة الحجِّ، ومِن ثَم، يمكن اعتبارُهم في نظر المهتمِّ بالبحْث في حركات الهِجرة أكثر أفراد المجتمع بعدَ التجَّار ممَّن يتوفَّر لديهم استعدادٌ دائم للهِجرة (la prédisposition à migrer)، وهذا ما يُعبِّر عنه ابنُ بشكوال في عِدَّة مواضعَ مِن مصنَّفه؛ حيث يذكُر وهو يُعرِّف بالمترجَم له أنَّه "سائح"[29]، أو "كان سائحًا في الأرض، لا يأوي إلى وطن"[30]، أو "كان دائمَ التجوُّلِ في الأمصار"[31].

ولا نحتاج إلى تأكيدِ أنَّ السفر والرحلة كانا ينطويان على كثير من العناء والمكابدة بالنظر إلى وسائل النقل، التي كانت مُستعملة خلال العصر الوسيط، كما أشرْنا إلى ذلك فيما مضَى، وبالنظَر أيضًا إلى طبيعةِ الأوضاع السياسيَّة والعسكريَّة التي كانتْ سائدةً في الأندلس عندَ مطلع القرن الخامِس الهجري، فالخروجُ مِن قرطبة بعدَ اندلاع شرارةِ الفِتنة كان في حدِّ ذاته مغامرةً، وقد قام بهذه المغامَرة ونجَح فيها العلماءُ الذين أوردْنا أسماءَهم ضمنَ لائحةِ المهاجرين، باستثناءِ أبي عبدالملك راشد بن إبراهيم الذي باءت مغامرته بالفشَل؛ حيث ذُبِح في الطريق بعدَ خروجه من قرطبة في اتِّجاه الجوف[32].

والراجح أنَّ العلماء المهاجرين كانوا أوفرَ حظًّا؛ إذ أُتيحت لهم إمكانية المكابدة والمعاناة اللَّتَيْن لا شكَّ أنهم نسوهما أو تناسوهما بعدَ استقرارهم في الحواضر التي هاجروا إليها.

أمَّا زملاء آخرون لهم، وما أكثرَهم! فقد لقُوا حتفَهم[33] في الاضطراباتِ التي شَهِدتْها قرطبة بمناسبة أحداث الفِتنة، وهذا ما سيقودُنا لتبيانِ دواعي هجرات علماء قرطبة عندَ مطلع القرن الخامس الهجري، ومن ثَمَّ، توضيح الأسباب التي دعتْنا إلى نعْتِها بكونها هجرات قَسريَّة.

لم يتطرَّقِ ابنُ بشكوال لتلك الدواعي؛ إذ اكتفَى وهو يُعرِّف بالعلماء الذين اضطرُّوا للخروج من قُرطبة بترديدِ عبارة "خرج من قرطبة في الفتنة"، وقدِ انتقل إلى مستوًى أعْلى مِن التوضيح حين أورد في معرِض ترجمته لأبي عمر أحمد بن محمد (ابن الحذَّاء) قوله: "جلاَ عن وطنه إذ وقعتِ الفِتنة وافترقتِ الجماعة"[34]، وهو إذِ اكتفى بهذه الإشارات، ولم يوضِّح أكثر، فإنَّ همَّه لم يكن استعراضَ جوانبَ من تاريخ الأندلس السياسي والاجتماعي، وإنَّما الترجمة لعلماء وفقهاء عاشوا خلالَ حقبة معيَّنة كما بينَّا ذلك بمناسبة حديثِنا عن موضوعِ كتاب الصِّلة، ومع ذلك يستحقُّ ابن بشكوال كلَّ التنويه؛ لأنَّه أحالنا على المظهرَيْن السياسي والاجتماعي لأحداثِ مَطْلَع القرن الخامِس الهجري.

ومِن ثَمَّ، فإنَّ الوقوف على ذَيْنِك المظهرين - ولو بإيجاز - يستدعي الاعتمادَ على مؤلَّفاتٍ أخرى، أهمها الحوليات أو كُتُب التاريخ العام، ولكن لن نقومَ بذلك، ولن نخرجَ عن إطار كتب التراجم؛ لأنَّ المكتبة الأندلسيَّة تتضمَّن لحسن الحظِّ مُصنَّفًا آخر يندرج ضمنَ هذا الصِّنف، وضعه أبو عبدالله محمد بن فتُّوح بن عبدالله الحميدي[35]، الذي عاصَر تلك الأحداث[36]، فتناول مظاهرهَا السياسيَّة والاجتماعيَّة بإيجاز ضِمنَ الجزء الأوَّل الذي خصَّصه لاستعراضِ تاريخ الأندلُس من خلالِ التعريف بقادتها ووُلاتها منذُ الفتح حتى بداية الفِتنة.

انطلقتْ شرارةُ تلك الفِتنة حسبَ رواية الحُمَيدي[37] عندما استصدر عبدُالرحمن بن محمد بن أبي عامر مِن الخليفة القاصر والمحجور عليه هشام بن الحكم أمرًا أصْبَح بموجبه وليًّا للعهد، فأثار هذا الإجراءُ حفيظةَ محمَّد بن هشام بن عبدالجبَّار أحد أحفاد عبدالرحمن الناصِر، الذي استنفرَ عددًا من المؤيِّدين لأُسرة بني أُمية، فاستغلُّوا غيابَ عبدالرحمن بن محمَّد في إحدى الغزوات، وقاموا بما يُشبِه عمليةَ انقلاب يوم الثلاثاء 16 جُمادى الآخرة سَنَة 399 هـ؛ حيث هاجموا قصْر قُرطبة وخلَعوا الخليفةَ الشرعي، ومكَّنوا محمَّد بن هشام من السُّلطة، التي انفرَد بها لبِضعة أشْهُر، اضطرَّ خلالَها إلى مواجهة حرَكة تَزعَّمها هشام بن سليمان بن عبدالرحمن الناصِر، الذي ألَّب البربر الناقِمين على محمَّد بن هشام الذي شَرَع منذ تولِّيه السلطة في التنكيل بِهم.

فأخَذ الصِّراع طابعًا عرقيًّا بين طائفةِ العرَب الأندلسيِّين والعناصر البربريَّة، وتفجَّر في مواجهةٍ عسكريَّة أولى بيْن الطرفين حدثَتْ يومي خامس وسادِس شوَّال سنة 399 هجرية، انتهتْ بهزيمةِ العناصر البربريَّة، ومقتل هشام بن سليمان، فاتَّجه الناجون من تلك العناصر إلى ضواحي قُرطبة؛ حيث عيَّنوا على رأسهم سليمانَ بن الحَكم بن سليمان ابن أخِ هشام السالِف الذِّكْر.

واستجمعوا قوَّاتهم، واستعانوا ببعضِ المحاربين المسيحيِّين، وعادوا ثانيةً إلى قُرْطبة التي خرَج أهلُها للدِّفاع عنها في جبل قنليش (أو قنتيش)، فسقط منهم ما يَزيد على العشرين ألفًا - كما يذكر الحميدي[38] - مِن بينهم العديدُ مِن العلماء والفُقهاء وأئمَّة المساجد، بينما فرَّ محمد بن هشام إلى طُلَيطِلة؛ حيث استجمع هو الآخَر قوَّاتِه التي انضمَّ إليها الصقالبة بزعامةِ واضح الفتَى العامري والي الثَّغر الأعْلى، ومقاتلين مِن المدن التي ظلَّت مواليةً له، ودعمها ببعضِ المحاربين المسيحيِّين، وزَحَف على قرطبة محاولاً استردادها، فتَمَّ له ذلك بعدَ هزيمة سليمان بن الحكم في موقعة عقبة البقر بضواحي قرطبة في منتصفِ شهر شوال من سَنَة 400 هجرية، ولكن محمَّد بن هشام لم يستفدْ مِن نصْرِه؛ إذ تمَّ اغتياله بعد أشهرٍ معدودة على يدِ أبرز حُلفائِه الفتى العمري واضح الذي أعاد هشامَ بن الحكم إلى سُدَّةِ الحُكم؛ رغبةً منه في إرضاءِ العناصر البربريَّة وحسْم الصِّراع.

ورغمَ هذا التحوُّل، فقد ظلَّ هؤلاء يَعملون بزعامة سليمان بن الحَكَم على توطيدِ وجودهم بعِدَّة مدن أندلسيَّة، ثم عادوا إلى قُرْطبة التي ضرَبوا عليها الحصار، وضيَّقوا على أهلها، ثم اقْتَحموها في مطلعِ شوَّال من سنة 403 هـ.

ولم يهدأِ الوضع، بل تواصلتْ عمليات التصفية الجسديَّة والمواجهات العسكريَّة بيْن العناصر العربيَّة والعناصر البربريَّة، وتأجَّج لهيبُها أكثرَ بانضمامِ أطرافٍ وعناصرَ أخرى مِن بعض المدن الأندلسيَّة إلى الصِّراع الدائر بقرطبة، ولم تختفِ حِدَّة الاضطرابات نسبيًّا إلا ابتداءً مِن منتصف شهر ذي الحجَّة سنة 422 هجرية، حين تَمَّ إعلانُ النهاية الرسميَّة لمؤسَّسة الخِلافة، وافترقتِ الجماعة، وأصبحتِ الأندلس والجزائر التابعة لها مجالاً لأكثر مِن عشرين دوْلة، عُرِفت منذئذٍ بدُول الطوائف.

وكان مِن الطبيعي أن يتأثَّر العلماءُ والفقهاء بهذه الأحداث، فمِنهم مَن شارك في تفعيلها بالقول أو الفِعل مِن خلال انضمامه إلى هذا الطَّرَف أو ذاك مِن أطراف الصِّراع.

فقُتِل البعضُ، وتعرَّض الناجون للتهديدِ والوعيد، ومن العلماء مَن آثَر العافية ولم يناصرْ أحدًا، وفي ضوءِ هذه الأحداث وَجَد نفرٌ من العلماء والفقهاء أنفسَهم مُكْرَهين على الخروج مِن قرطبة، وفي هذا السِّياق تَمَّتْ هجراتُ العلماء الذين أوردْنا أسماءَهم.

_________

[1] Georges Tapinos، Eléments de démographie.Analyse، déterminants socio - économiques et histoire des popu - lations، Paris، A.Colin، 1985، pp. 154 - 155.

[2] للاطلاع على ترجمته الوافية نحيل القارئ على مقدمة النسخة التي حققها إبراهيم الإبياري؛ والتي صدرت عن دار الكتاب المصري (القاهرة).

ودار الكتاب اللبناني (بيروت) سنة 1989 في ثلاثة أجزاء.

[3] قام بتحقيقه لأوَّل مرة المستشرق الإسباني فرنسسكو كوديرا، ونشره بمدريد سنة 1831، وقد تلَتْ هذا التحقيقَ عدَّةُ تحقيقات ونشرات آخرها تحقيق إبراهيم الإبياري الصادر عن دارِ الكتاب المصري بالقاهرة، ودار الكتاب اللبناني ببيروت سَنة 1980 في جزأين.

[4] استعملنا هذه العبارة؛ لأنَّ ابن بشكوال لم يذكر تواريخ وفاةِ بعضِ المترجَم لهم.

[5] نعتمد في هذا العرْض على النسخة التي حقَّقها إبراهيم الإبياري، والتي أحلْنا عليها في الهامش الثاني.

[6] نُشير إلى أنَّنا استلهمنا بعضَ هذه الأسئلة من دِراسة:

Bernard Mumpassi Lututala، « Les migrations africaines dans le contexte socio - économique actuel، une revue critique des modèles explicatifs »، in La sociologie des populations، livre dirigé par Hubert Gérard et Victor Piché، Montréal، Presses de l’Université de Montréal، 1995، pp. 391 - 416.

[7] تفاديًا لأيِّ التباس لم نُسجِّلْ في هذه اللائحة سوى أسماءِ العلماء الذين يربط ابنُ بشكوال خروجَهم من قرطبة بالفِتنة التي اندلعتْ ابتداءً من شوال 399 هجرية.

[8] الصلة، الجزء الأول، (ص: 65)، وكذلك (ص: 71)، و(ص: 75)، و(ص: 102) مِن الجزء نفسه.

[9] المصدر نفسه، والجزء نفسه، (ص: 110).

[10] المصدر نفسه، والجزء نفسه، (ص: 75).

[11] المصدر نفسه، والجزء نفسه، (ص: 86، 281).

[12] المصدر نفسه، والجزء نفسه، (ص: 253).

[13] المصدر نفسه، الجزء الثاني، (ص: 736).

[14] المصدر نفسه، الجزء الأول، (ص: 66)، و(ص: 102)، والجزء الثاني، (ص: 736).

[15] المصدر نفسه، الجزء الثاني، (ص: 771).

[16] المصدر نفسه، الجزء الأول، (ص: 233).

[17] نفسه، (ص: 110).

[18] نفسه، (ص: 111).

[19] المصدر نفسه، الجزء الثاني، (ص: 761).

[20] المصدر نفسه، والجزء نفسه، والصفحة نفسها.

[21] المصدر نفسه، الجزء الأول، (ص: 86)، نشير إلى أنَّ ابن بشكوال لم يذكُرْ تاريخ وفاته.

[22] المصدر نفسه، والجزء نفسه، (ص: 371).

[23] المصدر نفسه، الجزء الثاني، (ص: 519).

[24] انظر: أبو عبدالله محمد بن محمد ا?دريسي (توفي سنة 540هـ)، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، تحقيق مجموعة باحثين، مكتبة الثقافة الدينية، بور سعيد، بدون تاريخ، المجلد الثاني، (ص: 573).

[25] نفسه، (ص: 580).

[26] على أساس أنَّ الميل الواحد يُعادل 1. 848 كيلو متر؛ انظر في هذا الشأن: كتاب محمد ضياء الدين الريس، الخراج والنظم المالية للدولة الإسلامية، دار الأنصار، القاهرة، 1977، (ص: 300)، وكذلك كتاب عبدالقادر زلوم، "الأموال في دولة الخلافة"، دار العلم للملايين، بيروت، 1983، (ص: 59).

[27] الإدريسي، نزهة المشتاق... مصدر سبَق ذكرُه، المجلد الثاني، (ص: 536).

[28] لا يورد الإدريسي هذا الرقْم، ولكنَّنا استنتجناه؛ انطلاقًا ممَّا يقوله عن المرحلة، وعن الميل في الصفحة 581 مِن المجلَّد الثاني.

[29] ابن بشكوال، "الصِّلة"، مصدر سبَق ذكره، الجزء الأوَّل، (ص: 167).

[30] المصدر نفسه، والجزء نفسه، (ص: 281).

[31] المصدر نفسه، الجزء الثاني، (ص: 646).

[32] نفسه، الجزء الأول، (ص: 296).

[33] من بينهم على سبيلِ المثال لا الحصْر: أبو عمر أحمد بن بريل المقرئ، الذي استُشهِد بعقبة البقر صدْرَ شوال سنة 400 هـ، وأبو عمر أحمد بن محمد بن مسعود، وأبو القاسم خلَف بن سَلَمة، وأبو الوليد عبدالله بن محمَّد بن نصر الأزدي (المعروف بابن الفرَضي)، الذين قُتِلوا يوم "دخل البربر قرطبة" في شوَّال سنة 403 هجرية؛ انظر في هذا الشأن: كتاب الصِّلة، الجزء الأول، (ص: 50)، و(ص: 59، وص: 260، وص: 391)، وكذلك نماذج أخرى يتضمَّنها الجزء نفسه، والجزآن الثاني والثالث.

[34] المصدر نفسه، الجزء الأول، (ص: 110).

[35] نقصد هنا كتاب "جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس وأسماء رواة الحديث وأهل الفقه والأدب وذوي النباهة والشعر"، الذي نشَرَه محمد عزة العطار الحسيني، وقام بتصحيحه وتَحقيقه محمد بن تاويت الطنجي، وصدَر عن مكتبة الخانجي بالقاهرة سنة 1952.

[36] تُوفي سنة 488 هجرية، فعاصر تلك الأحداث زمانيًّا، كما عاصرها مكانيًّا؛ لأنه كان مستقرًّا ساعة حدوثها بقُرطبة، واضطرَّ بعدَ اندلاعها إلى مغادرة الأندلُس إلى أرضِ العراق التي ألَّف فيها الكتاب المذكور.

[37] انظر نصَّ تلك الرواية في الصفحات 17 - 34 من الكتاب.

[38] انظر جذوة المقتبس... ص: 18.


يوسف نكادي