الفتن تنتعش في فلسطين

منذ 2008-08-22

ودعوة لأبي مازن لوقف هذا الإذلال المركب لأبناء شعبه فلم يبقَ من العمر مثل ما مضى، وانظر إلى سلفك.. كان مصيره الموت مثل كل البشر فهلا تركت لك ذكرى طيبة تشفع لك يوم القيامة....


كلما هدأت الأمور في فلسطين بين فتح وحماس، وأيضا بين فتح وباقي الفصائل، واستبشر الناس خيراً باستقرار الأمور تعود الخلايا المستيقظة من رواد الفتن في فلسطين للعب دور هدام في وحدة الشعب الفلسطيني.. سواء كانت تلك الخلايا الفتانة فلسطينية أو صهيونية.

يعتقد البعض أن (فتح) فقط هي التي ضاقت صدراً بنجاح (حماس) بالانتخابات السابقة، ولكن من ضاق صدره أكثر إسرائيل ومن ورائها أمها أمريكا وللأسف فإن مليارديرية المنظمة ـبالذاتـ لم يرق لها ذلك الانتصار والاختيار الشعبي لحماس، ولخبرة المنظمة السياسية الطويلة وبفضل المستشارين من الاستخبارات والأمن والعسكر بالإضافة إلى الضغوط الإسرائيلية والكونداليسية، نقضت المنظمة أو (فتح) كل الاتفاقات السابقة، وتجاوزت الدستور الذي وضعته وتناست (صلح مكة) ونصائح (مصالحة قطر)، واحتلت إدارة الضفة ونسفت الشرعية الحقيقية في حكومة وبرلمان (حماس).

افتعلت فتح الصلاة في الشوارع وبعضهم لا يعرف أين القبلة!!، وأثارت البلبلة ورفضت الالتزام بالنظام والقوانين فلم تفلح، فافتعلت المشاكل تلو المشاكل ضد شعبها المسكين، وتطاولت على الأمن فلم تفلح، بل فوجئت بأن الناس تتعاطف مع (حماس) لشعورهم بالمظلومية وسط تراجع أوضاعهم المعيشيةـ كشعبـ مقابل حياة مليونيرية لقادة المنظمة، رغم عدم رضا العديد من أعضاء (فتح) الشرفاء بما تقوم به المنظمة.

وأخيراً.. اتجهت المنظمة بإدارتها غير الدستورية للضفة بالاعتقال الظالم لرموز (حماس) نكاية بحكومتها في غزة، فوقعت الحكومة في فتنة.. إن هي صمتت زاد اعتقال وتعذيب وتنكيل المنظمة لرموز حماس بالضفةـ وتاريخها معروف بتعذيب السجناءـ وان تحركت رموزها في الضفة ضد فتح استعرت نيران الفتنة و"فخار يسكر بعضه" فلم تجد سوى أن تقابل ذلك العمل بالمثل في غزة باعتقال رموز فتح، وهذه لعمري فتنة نسأل الله أن يحفظهم منها.

لو وضع أي إنسان نفسه في محل حماس فماذا سيعمل؟ إن الكلام عن بعد والتنظير لأوضاع لا سلطة لنا عليها ولا معايشة حقيقية لها هو ترف سياسي أقول ذلك عندما نقرأ الأرقام التالية لنعرف حجم المأساة التي عاشها الفلسطينيون تحت جور اليهود وتفرج المنظمة واستسلامها لمؤتمرات السلام..

فقد بلغ الشهداء الفلسطينيون على أيدي الاحتلال الصهيوني منذ عام 2000م حتى مطلع عام 2008 أكثر من 5000 شهيد منهم 937 من الأطفال و351 امرأة، و170 مريضا من الأطفال والعجائز ممن لم يسمح لهم بالعلاج بالخارج وذلك بالإضافة إلى قرابة خمسين ألف جريح.

أما الأسرى فقد تجاوز عددهم 11700 أسير، منهم 1175 طالبا وطالبة، وخمس وزراء و45 نائباً!

وتعرضت 359 مدرسة وجامعة ومكاتب تربوية إلى القصف والتدمير، وتحويل 43 مدرسة إلى ثكنات عسكرية إسرائيلية وبالطبع لم تسلم الحيوانات والنباتات والبيئة من الاعتداءات اليهودية فقد تم اقتلاع أكثر من 13 مليون ونصف شجرة، وهدم 788 مزرعة دواجن وحظائر حيوانات ونفوق حوالي 15 ألف رأس غنم و12 ألف بقرة، وهدم أكثر من 425 بئر ماء، فضلا عن مئات المنازل والمساكن.

وتوج اليهود ذلك كله بحصار اقتصادي على غزةـ دون الضفةـ وأغلقت كل المعابر بوجه الفلسطينيين اطلعنا جميعا عبر وسائل الإعلام على حجمها وآثارها، فبالله عليكم.. كيف هو حال الغزاوية؟! فهل بعد ذلك يحتملون ما تقوم به المنظمة تجاههم؟ ألا يكفيهم إجرام الصهاينة ليتعرضوا لجور الأخ الفلسطيني وظلم بني جلدتهم؟!

لقد مل الناس من افتعال الأزمات بين الإخوة الأشقاء وقد آن أوان تدخل حكماء وعقلاء وشرفاء فتح لإنقاذ ما تبقى من كرامة لهذا الشعب ودعوة لأبي مازن لوقف هذا الإذلال المركب لأبناء شعبه فلم يبقَ من العمر مثل ما مضى، وانظر إلى سلفك.. كان مصيره الموت مثل كل البشر فهلا تركت لك ذكرى طيبة تشفع لك يوم القيامة.

كتب: د. عصام عبد اللطيف الفليج







المصدر: الوطن الكويتية