السيادة مفهومها ونشأتها ومظاهرها
ومن جهة السيادة في الداخل فقد جاءت النصوص التي تحث على طاعة الله ورسوله وولاة الأمر والنهي عن الخروج عن طاعته، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)[40].
يستعمل السياسيون والإعلاميون كلمة "السيادة" في كثير من خطاباتهم وتحليلاتهم، فما مفهومها وكيف نشأت وما مظاهرها؟!
يجيب هذا المقال عن هذه الأمور بإيجاز.
ابتداءً لابد من الإشارة إلى أن قيام الدولة المعاصرة بأركانها الثلاثة: الشعب، والإقليم، والسلطة السياسية، يترتب عليه تميزُها بأمرين أساسيين.
الأول: تمتعها بالشخصية القانونية الاعتبارية.
والأمر الثاني: كون السلطة السياسية فيها ذات سيادة[1].
ولأهمية السيادة في الدول فقد جعلها البعض الركن الثاني من أركان الدولة[2].
ومن المهم تعريف السيادة وبيان مظاهرها لأمرين:
الأول: أهمية بيان المصطلحات السياسية وتطبيقاتها في الدولة الإسلامية.
الأمر الثاني: كون السيادة "أساس التفرقة بين دار الحرب ودار الإسلام"[3].
والحديث هنا من خلال خمسة أفرع:
الفرع الأول: تعريف السيادة لغة
السيادة لغة: من "س و د"، يقال: فلان سَيِّد قومه إذا أُريد به الحال، وسائد إذا أُريد به الاستقبال، والجمع سَادَةٌ[4].
ويقال: سادهم سُوداً وسُودُداً وسِيادةً وسَيْدُودة: استادهم، كسادهم وسوَّدهم، والمَسُودُ الذي ساده غيره والمُسَوَّدُ السَّيّدُ.
والسَّيِّدُ يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومُحْتَمِل أَذى قومه والزوج والرئيس والمقدَّم، وأَصله من سادَ يَسُودُ فهو سَيْوِد، والزَّعامة السِّيادة والرياسة[5].
وفي الحديث قال - صلى الله عليه وسلم -: "السيد الله -تبارك وتعالى-"[6].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أَنَا سَيِّدُ الناس يَوْمَ الْقِيَامَةِ))[7].
وخلاصة المعنى اللغوي للسيادة أنها تدل على المُقدَّم على غيره جاهاً أو مكانة أو منزلة أو غلبة وقوة ورأياً وأمراً، والمعنى الاصطلاحي للسيادة فيه من هذه المعاني.
الفرع الثاني: تعريف السيادة اصطلاحاً
عُرِّفت السيادة اصطلاحاً بأنها: "السلطة العليا التي لا تعرف فيما تنظم من علاقات سلطة عليا أخرى إلى جانبها"[8].
وعرفت بأنها: "وصف للدولة الحديثة يعني أن يكون لها الكلمة العليا واليد الطولى على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه"[9].
وعرفت أيضاً بأنها: "السلطة العليا المطلقة التي تفردت وحدها بالحق في إنشاء الخطاب الملزم المتعلق بالحكم على الأشياء والأفعال"[10].
والتعريفات السابقة متقاربة، ولعل أشملها لمفهوم السيادة هو التعريف الأخير؛ لوصفه السيادة بأنها: سلطة عليا ومطلقة، وإفرادها بالإلزام وشمولها بالحكم لكل الأمور والعلاقات سواء التي تجري داخل الدولة أو خارجها.
الفرع الثالث: نشأة مبدأ السيادة في الفكر الغربي:
السيادة بمفهومها المعاصر فكرة حديثة نسبياً مرت بظروف تاريخية، إذ كان السائد أن الملك أو الحاكم يملك حق السيادة بمفرده، ثم انتقلت إلى رجال الكنيسة فكانت سنداً ودعماً لمطامع البابا في السيطرة على السلطة، ثم انتقلت إلى الفرنسيين ليصوغوا منها نظرية السيادة في القرن الخامس عشر تقريباً في أثناء الصراع بين الملكية الفرنسية في العصور الوسطى لتحقيق استقلالها الخارجي في مواجهة الإمبراطور والبابا، ولتحقيق تفوقها الداخلي على أمراء الإقطاع[11].
وارتبطت فكرة السيادة بالمفكر الفرنسي "جان بودان" الذي أخرج سنة 1577م كتابه: الكتب الستة للجمهورية، وتضمن نظرية السيادة[12].
وفي 26 أغسطس 1879م صدر إعلان حقوق الإنسان الذي نص على أن السيادة للأمة وغير قابلة للانقسام ولا يمكن التنازل عنها، فأصبحت سلطة الحاكم مستمدة من الشعب، وظهرت تبعاً لذلك فكرة الرقابة السياسية والقضائية لتصرفات السلطة التنفيذية[13].
وقد قرر ميثاق الأمم المتحدة مبدأ المساواة في السيادة بأن تكون كل دولة متساوية من حيث التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات مع الدول الأخرى الأعضاء في الأمم بغض النظر عن أصلها ومساحتها وشكل حكومتها، إلا أن الدول الخمس العظمى احتفظت لنفسها بسلطات، ناقضة بذلك مبدأ المساواة في السيادة[14]، وقد حل محل كلمة السيادة في العرف الحديث لفظ استقلال الدولة[15].
من ثم فالظروف التي نشأت بسببها نظرية السيادة وغيرها من النظريات ليست كالظروف التي مرت بها الدولة الإسلامية، فلا يمكننا أن نأتي بتلك النظريات ونطبقها بكل ما فيها على الدولة الإسلامية، أو أن نَعُد عدم وجودها لدينا نقصاً، فقد توجد لدينا الفكرة ولكن بشكل آخر، أو لا توجد أصلاً استغناءً عنها بأنظمة وقواعد عامة في الشريعة الربانية ليست عندهم.
الفرع الرابع: السيادة في الدولة الإسلامية:
بعد معرفة مفهوم السيادة ونشأتها، بقي معرفة من يملِك السيادة في الدولة الإسلامية، أهو الحاكم أو الأمة أو غيرهم، إذ ذهب البعض إلى أن السيادة تكون للأمة، واستدل بالنصوص التي تخاطب الأمة بمجموعها وبمبدأ الشورى في الإسلام[16].
وهذا مردود لأمرين:
الأول: لأنه يعني إمكان التنازل عن السيادة.
والثاني: لأن السيادة سلطة غير مقيدة.
فالأدلة الشرعية حددت الإطار العام لجميع التصرفات سواء أكانت صادرة من الحكام أم المحكومين؛ فالكل خاضع لها وملزم بطاعة أحكامها، فالشريعة حاكمة لغيرها ولا يجوز تجاوزها أو إلغاؤها أو تبديلها أو تعديلها[17].
يقول -تعالى-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ)[18].
وقال -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا)[19].
ويقول -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا)[20].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((السيد الله -تبارك وتعالى-))[21].
فالسيادة في الدولة الإسلامية لله -عز وجل-، فالتشريع له وحده -سبحانه-، وهذه السيادة متمثلة في شريعته كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والدولة إنما تستمد سيادتها من خلال التزامها بالأحكام الشرعية وتنفيذها لها، وللأمة بعد ذلك حق تولية الإمام ومحاسبته وعزله ومراقبة السلطة الحاكمة في التزامها حدودَ الله، وليس لها ولا للسلطة الحاكمة الحق في العدول عن شريعة الله[22].
"فلا عبادة إلا لله. ولا طاعة إلا لله، ثم لمن يعمل بأمره وشرعه، فيتلقى سلطانه من هذا المصدر الذي لا سلطان إلا منه. فالسيادة على ضمائر الناس وعلى سلوكهم لله وحده بحكم هذا الإيمان. ومن ثم فالتشريع وقواعد الخلق، ونظم الاجتماع والاقتصاد لا تُتلقى إلا من صاحب السيادة الواحد الأحد .. من الله .. فهذا هو معنى الإيمان بالله.. ومن ثم ينطلق الإنسان حراًَ إزاء كل من عدا الله، طليقًا من كل قيد إلا من الحدود التي شرعها الله، عزيزًا على كل أحد إلا بسلطان من الله"[23].
وقد ذهب البعض إلى تقسيم السيادة إلى قسمين أحدهما: السيادة المطلقة وهي لا تكون إلا لله - عز وجل -، والثاني: السيادة النسبية وهي تكون للأمة ضمن حدود أحكام الشريعة الإسلامية[24].
ولعل الأنسب أن يقال: إن السيادة لشريعة الله، وهذا لا يسلب الأمة الحق في التخريج على أصول الشريعة والاجتهاد في تطبيق أحكامها على النوازل، ومن ثم فالسيادة لله وحده، أما سلطة الحكم فهي مفوضة إلى الأمة تمارسها في حدود السيادة[25].
"فإذا كانت بعض الدول الحديثة تعتز بأنها تلتزم بسيادة القانون والتمسك بالدستور، فإن الدولة الإسلامية تلتزم بالشرع، ولا تخرج عنه، وهو قانونها الذي يَلزَمها العملُ به والرجوع إليه، حتى تستحق رضوان الله وقبول الناس. وهو قانون لم تضعه هي، بل فُرِض عليها من سلطة أعلى منها، ومن ثم لا تستطيع أن تلغيه أو تجمده إلا إذا خرجت عن طبيعتها ولم تعد دولة مسلمة"[26].
فنظرية السيادة في الإسلام ليس لها الطابع السلبي الذي عُرفت به نظرية السيادة بوجه عام؛ لكون الدولة الإسلامية لا سيادة فيها على الأمة لفرد أو طائفة؛ فالأساس الذي تبني عليه نظامَها هو كتابُ الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبهذا تتجاوز نظرية السيادة في الإسلام المشكلات والتناقض التي وقعت فيها نظرية السيادة الغربية[27].
فـ"السيادة العليا والسلطان المطلق هو لما جاء من عند الله -عز وجل- لا غير، وإن المنازعة في ذلك كفر وشرك وضلال"[28].
الفرع الخامس: مظاهر السيادة في الدولة:
بعد الحديث عن مفهوم السيادة ونشأتها فمن المهم بيان مظاهرها، وللسيادة مظهران:
الأول: المظهر الخارجي: ويكون بتنظيم علاقاتها مع الدول الأخرى في ضوء أنظمتها الداخلية، وحريتها في إدارة شئونها الخارجية، وتحديد علاقاتها بغيرها من الدول وحريتها في التعاقد معها، وحقها في إعلان الحرب أو التزام الحياد.
والسيادة الخارجية "مرادفة للاستقلال السياسي، ومقتضاها عدم خضوع الدولة صاحبة السيادة لأية دولة أجنبية، والمساواة بين جميع الدول أصحاب السيادة، فتنظيم العلاقات الخارجية يكون على أساس من الاستقلال"[29].
وهي تعطي الدولة الحق في تمثيل الأمة والدخول باسمها في علاقات مع الأمم الأخرى[30].
ومما ينبغي الإشارة إليه أن هذا المظهر لا يعني أن تكون سلطتها عليا، بل المراد أنها تقف على قدم المساواة مع غيرها من الدول ذات السيادة، ولا يمنع هذا من ارتباطها وتقييدها بالتزامات أو معاهدات دولية مع غيرها من الدول[31].
الثاني: المظهر الداخلي: ويكون ببسط سلطانها على إقليمها وولاياتها، وبسط سلطانها على كل الرعايا وتطبيق أنظمتها عليهم جميعاً، لكن الدولة الإسلامية ولما تتميز به من سماحة، ووفقاً للأحكام الشرعية تمنح الذميين حق تطبيق أحكامهم الخاصة في جانب حياتهم الأسرية، إلا أن هذا لا يكون امتيازاً لهم ولا يُقيد أو يحُد من سلطان الدولة أو سيادتها، ويكون قابلاً للاسترداد[32].
فلا ينبغي أن يوجد داخل الدولة سلطة أخرى أقوى من سلطة الدولة[33].
وينبغي أن تكون سلطة الدولة على سكانها سامية وشاملة، وألا تعلو عليها سلطة أخرى أو تنافسها في فرض إرادتها[34].
وكلا المظهرين في الدولة مرتبط بالآخر، فسيادتها الخارجية هي شرط سيادتها الداخلية[35].
وهذه المظاهر للسيادة سواء أكانت في الخارج أم في الداخل أقرها الإسلام وفقاً للأحكام الشرعية[36].
فمن جهة السيادة الخارجية ينبغي أن تكون للدولة الإسلامية هيبتُها ومكانتُها بين الدول، وألا تتبع أو تخضع لغيرها، قال - تعالى -: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)[37].
"أي: في الدنيا بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة... وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على أصح قولي العلماء، وهو المنع من بيع العبد المسلم للكافر لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال"[38].
فالآية تحرم منح الكافر أية سلطة على المسلم، فكيف الحال إن تسلطت دولة كافرة على دولة مسلمة!.
ومسألة تطبيق الأحكام الإسلامية على المسلمين والذميين أينما وجدوا ما هي إلا مظهر من مظاهر سيادة الدولة الإسلامية على رعاياها[39].
ومن جهة السيادة في الداخل فقد جاءت النصوص التي تحث على طاعة الله ورسوله وولاة الأمر والنهي عن الخروج عن طاعته، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)[40].
وقيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر الخروج بغياب مظهر من مظاهر سيادة الأحكام الشرعية وهو إقامة الصلاة، بقوله: ((ستكون أُمراءُ فَتَعْرِفُونَ وتُنْكِرُون، فمن عرف بَرِئَ، ومن أَنْكَرَ سَلِمَ، ولَكِن من رَضِيَ وَتَابَعَ. قَالُوا: أَفَلا نُقَاتِلُهُمْ قال: لا ما صَلَّوْا))[41].
ودل الحديث: "أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام"[42].
"وإنما منع عن مقاتلتهم ما داموا يقيمون الصلاة التي هي عنوان الإسلام حذراً من هَيْجِ الفتن واختلاف الكلمة وغير ذلك مما يكون أشد نكاية من احتمال نُكْرِهِمْ والمصابرة على ما يُنْكِرُونَ منهم"[43].
وعن أنس بن مالك قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُغِيرُ إذا طلع الفجر، وكان يَسْتَمِعُ الأذان، فإن سمع أذانًا أمسك وإلا أغار"[44].
ودل الحديث على أن الأذان شعار لدين الإسلام لا يجوز تركه، فلو أن أهل بلد أجمعوا على تركه كان للسلطان قتالهم عليه، وفيه دليل على أن مجرد وجود المسجد في البلد كاف في الاستدلال به على إسلام أهله وإن لم يسمع منه الأذان[45].
مما سبق يتضح أن ظهور شعائر الإسلام وأحكامه وخاصة الصلاة والأذان هي جزء من مظاهر السيادة الداخلية في الدولة الإسلامية، "وليس المراد بقيام الصلاة أداء أفراد من الناس لها، بل المراد أن تكون جزءًا من عمل الإمام"[46].
فتعريفات الفقهاء لدار الإسلام والضوابط التي وضعوها تشير إلى مظاهر السيادة الداخلية في الدولة الإسلامية.
وتنقسم الدول من جهة السيادة إلى قسمين:
- القسم الأول: دول ذات سيادة كاملة لا تخضع ولا تتبع في شؤونها الداخلية أو الخارجية لرقابة أو سيطرة من دولة أخرى، ولها مطلق الحرية في وضع دستورها أو تعديله.
- القسم الثاني: دول منقوصة السيادة لا تتمتع بالاختصاصات الأساسية للدولة لخضوعها لدولة أخرى أو تبعيتها لهيئة دولية تشاطرها بعض الاختصاصات، كالدول التي توضع تحت الحماية أو الانتداب أو الوصاية وكالدول المستعمرة[47].
وهذا الاستقلال أو التبعية لا يؤثران في وجود الدولة الفعلي[48]، وهو ليس تقسيماً مؤبداً، بل هو قابل للتغيير والتبديل تبعاً لتغير ظروف كل دولة[49].
وخلاصة ما سبق أن السيادة في الدولة الإسلامية لله -تعالى- متمثلة في شريعته، فهي تختلف عن غيرها من الدول، فسيادتها بسيادة شرع الله فيها وتطبيقها لأوامره في كافة شئونها، وإن أي تدخل لتعطيل الأحكام الشرعية سواء كان من جهة في داخل الدولة أو خارجها، هو إخلال بالسيادة في الدولة الإسلامية.
______________________________
[1] انظر: نظرية الدولة في الإسلام، ص47.
[2] انظر: القانون الدستوري والأنظمة السياسية، ص29.
[3] موسوعة الفقه السياسي ونظام الحكم في الإسلامي، ص147.
[4] انظر: مختار الصحاح، مادة: [سود].
[5] انظر: صحاح اللغة، ولسان العرب، مادة: [سود]، ولسان العرب، مادة: [زعم].
[6] أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب في كراهية التمادح، رقم: 4806، قال الألباني في صحيح سنن أبي داود، 3/180: صحيح، قال في عون المعبود، 13/112: "إِسْنَاده صَحِيح"، والمعنى: أَي هُوَ الحَقِيق بِهَذَا الاسم والذي تَحِقُّ له السيادةُ المالك لنَوَاصِي الْخَلْق، وهذا لا ينافي سيادته - صلى الله عليه وسلم - المجازية الإضافية المخصوصة بالأفراد الإنسانية، حيث قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
[7] أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}، رقم: 3162، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم: 194، واللفظ له، وإنما قال هذا - صلى الله عليه وسلم - لأمور منها: أن هذا من باب التحدث بنعم الله، ومنها أن الله أمره بهذا نصيحة لنا بتعريفنا بحقه، وهو سيد الناس في الدنيا والآخرة وإنما خص يوم القيامة لارتفاع السؤدد فيه، انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/66.
[8] الوجيز في النظريات والأنظمة السياسية، ص126.
[9] معجم القانون، ص637: "وهو من المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها النظام الدولي المعاصر".
[10] قواعد نظام الحكم في الإسلام، ص24.
[11] انظر: الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، ص 23-55.
[12] انظر: أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، ص123، والإسلام والعلاقات الدولية في السلم والحرب، ص96.
[13] انظر: معالم الدولة الإسلامية، ص119.
[14] أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، ص148-149.
[15] العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث، ص118.
[16] انظر: الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، ص 188- 213، ومعالم الدولة الإسلامية، ص119-120، والنظرية العامة للدولة في الديمقراطية الغربية والديمقراطية الماركسية والإسلام، ص312، وموسوعة الفقه السياسي ونظام الحكم في الإسلام، ص384-412، وانظر: الحريات العامة في الفكر والنظام السياسي في الإسلام، ص215.
[17] انظر: السيادة في الإسلام، ص125- 129، وآثار الحرب في الفقه الإسلامي، ص178-179.
[18] سورة الأنعام، آية: 57.
[19] سورة الأحزاب، آية: 36.
[20] سورة النساء، آية: 59.
[21] سبق تخريجه.
[22] انظر: السيادة في الإسلام، ص168، و السيادة وثبات الأحكام في النظرية السياسية الإسلامية، ص28، ومعالم الدولة الإسلامية، ص95، والحريات العامة في الإسلام، ص206، ومنهاج الإسلام في الحكم، ص81.
[23] في ظلال القرآن، 1/341.
[24] انظر: الإسلام والقانون الدولي، ص251-253.
[25] انظر: الحريات العامة في الإسلام، ص207.
[26] من فقه الدولة في الإسلام، ص33.
[27] انظر: الدولة الإسلامية بين التراث والمعاصرة، ص 57- 62، وخصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم، ص185-186.
[28] نظرية السيادة وأثرها على شرعية الأنظمة الوضعية، ص39.
[29] العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث، ص117.
[30] انظر: نظرية الدولة والمبادئ العامة للأنظمة السياسية ونظم الحكم، ص106.
[31] انظر: النظم السياسية [تطور الفكر السياسي والنظرية العامة للنظم السياسية]، ص193.
[32] انظر: معالم الدولة الإسلامية، ص118، والعلاقات الدولية في الإسلام، ص57- 58، وأحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، ص124، والإسلام والعلاقات الدولية في السلم والحرب، ص 87.
[33] نظام الحكم في الإسلام، ص25.
[34] انظر: نظرية الدولة في الإسلام، ص49.
[35] انظر: نظرية الدولة والمبادئ العامة للأنظمة السياسية ونظم الحكم، ص107.
[36] انظر: العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث، ص118-119.
[37] سورة النساء، من الآية: 141.
[38] تفسير ابن كثير، 1/568.
[39] سبق بحثها، وانظر: العلاقات الدولية في الإسلام، ص 60-61.
[40] سورة النساء، آية: 59.
[41] أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، رقم: 1854.
[42] شرح النووي على صحيح مسلم، 12/243-244.
[43] تحفة الأحوذي، 6/449.
[44] أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر، رقم: 382.
[45] انظر: عون المعبود، 7/214.
[46] الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، ص335.
[47] انظر: النظم السياسية الدولة والحكومة، ص161- 164.
[48] انظر: الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، ص 34.
[49] انظر: النظم السياسية والقانون الدستوري، ص181.
زياد عابد المشوخي
- التصنيف:
- المصدر: