نصيحة للشباب - النقل من غير تثبت
فمن نقل قولا لا يريد به الصدقة بمفهومها الواسع، ولا يريد المعروف، ولا يريد به الإصلاح بين الناس فإنه ليس على خير بل هو آثم بما نقل وإن خرج سالما فإنه لا يخرج في المرة الأخرى سالما، ولهذا لكل محبّ لنفسه ولنجاتها ألاّ ينقل إلا ما هو يقين جدًّا مما سمع وما هو يقين ينقل منه ما هو داخل في أحد الثلاثة هنا قال (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ) هذه فيها خير الثلاث، وغيرها قد يكون مباحا وقد يكون إثما وهو الأكثر.
ولهذا عند الأصوليين الدلالات متنوعة ومنها الدلالة الحملية، والدلالة الحملية التي يحمل عليها الكلام، فيقال: إن الكلام إذا أفرد كان له معنى، وإذا حمل بعضه على بعض كان له معنى. فينظر في الكلام ما يحمل عليه بسياقه وبلحاقه، فإذا كان يوضح المراد فيبين ذلك، وهذا أخطأ فيه بعض المعاصرين فظنوا أنّ الكلام يجب أن يكون صوابا في أفراده وفي حمله، وهذا ليس بواجبٍ مطلقا لأن الكلام يفسر بعضه بعضا، ولهذا نقول الحكم على الناس، الحكم على الأشياء بناء على الظن لا يجوز شرعا؛ بل لا بد أن يكون على اليقين إلا من كان أصله يعني الظن فيه لأصل ما هو عليه، فهذا الأصل يتبعه فروعه. نعم
السائل: النقل من غير تثبت؟
الشيخ: أما النقل بغير تثبت فالله جل وعلا كرّهه في قلوبنا بِجَعْل الناقل من غير تثبت فاسقا، ويكفي في هذا ما يحمل القلوب على كرهه فقال جل وعلا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ -وفي القراءة الأخرى ﴿فَتَثَبَّتُوا﴾- ﴿أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾[الحجرات:6]، فجعل صفة الذي ينقل بلا تثبّت جعله فاسقا، وهذا مما جعل هذا الفعل يَكْرَهُهُ كل من في قلبه إيمان لأنه آمن ليخرج من الفسوق، ولهذا سبيل الخلاص من ذلك أن تنقل ما يُحتاج في نقله شرعا، وما لا يحتاج إليه فاكتمه، ومن حدث بكل ما سمع فهو أحد الكاذبين أو أحد الكاذبين «وكفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع» كما ثبت في الأحاديث، لهذا ما تسمعه يجب أن لا تنقله؛ لأنك قد تتعرض للإثم إلا في ما المصلحة الشرعية في نقله وما المصلحة الشرعية في نقله أحد ثلاث صور وهي الجائية في سورة النساء ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾[النساء:114]، فمن نقل قولا لا يريد به الصدقة بمفهومها الواسع، ولا يريد المعروف، ولا يريد به الإصلاح بين الناس فإنه ليس على خير بل هو آثم بما نقل وإن خرج سالما فإنه لا يخرج في المرة الأخرى سالما، ولهذا لكل محبّ لنفسه ولنجاتها ألاّ ينقل إلا ما هو يقين جدًّا مما سمع وما هو يقين ينقل منه ما هو داخل في أحد الثلاثة هنا قال (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ) هذه فيها خير الثلاث، وغيرها قد يكون مباحا وقد يكون إثما وهو الأكثر.
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، وحاصل على الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
- التصنيف:
- المصدر: