هل المحبة تغني عن العدل؟!
لماذا لا نتعاطى المحبة فيما بيننا؟! خاصة أن الحياة ستنتهي لا محالة، ولن يبق من أحدنا إلا سيرة تركها وعملاً سبقه إلى قبره، فهما إما سيرة عطرة تجلب له الدعاء من بعده، وعمل طيب يؤنسه في قبره، وإما سيرة سيئة تجلب له اللعنات، وعمل شائن يعذب به في قبره.
سؤال قد يبدو غريباً! لكن الأغرب منه إجابة أهل العلم وتفسيرهم لتلك الإجابة..
قال الرَّاغب: "لو تحابَّ النَّاس، وتعاملوا بالمحبَّة لاستغنوا بها عن العدل، فقد قيل: العدل خليفة المحبَّة يُستعمل حيث لا توجد المحبَّة، ولذلك عظَّم الله تعالى المنَّة بإيقاع المحبَّة بين أهل الملَّة، فقال عزَّ مِن قائل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم:96].
أي: محبَّة في القلوب، تنبيها على أنَّ ذلك أجلب للعقائد، وهي أفضل من المهابة؛ لأنَّ المهابة تنفِّر، والمحبَّة تؤلِّف، وقد قيل: طاعة المحبَّة أفضل من طاعة الرَّهبة، لأنَّ طاعة المحبَّة من داخل، وطاعة الرَّهبة من خارج، وهي تزول بزوال سببها، وكلُّ قوم إذا تحابُّوا تواصلوا، وإذا تواصلوا تعاونوا، وإذا تعاونوا عملوا، وإذا عملوا عمَّروا، وإذا عمَّروا عمَّروا وبورك لهم" (الذريعة إلى مكارم الشريعة).
والآن التساؤل: لماذا لا نتعاطى المحبة فيما بيننا؟!
خاصة أن الحياة ستنتهي لا محالة، ولن يبق من أحدنا إلا سيرة تركها وعملاً سبقه إلى قبره، فهما إما سيرة عطرة تجلب له الدعاء من بعده، وعمل طيب يؤنسه في قبره، وإما سيرة سيئة تجلب له اللعنات، وعمل شائن يعذب به في قبره.
فليختر كل منا لنفسه ولنغلب المحبة في التعامل فيما بيننا قبل أن يأتي يوم لن يبقى من أحدنا إلا ذكرى وعمل.
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: