مع القرآن - الوصية بكتاب الله

منذ 2015-03-02

الكثير منا يسعى ويكد في حياته آملاً أن يرحل عن الدنيا وقد ترك لأسرته ما يغنيها ويكفيها، ولا شك أن هذا مطلب حسن حض عليه الشرع، ولكن النفوس تختلف باختلاف مراتبها ودرجاتها ومكانتها عند الله عز وجل..

كلنا ينتابه القلق بين الحين والآخر، ماذا سيترك لأولاده من بعده؟
الكثير منا يسعى ويكد في حياته آملاً أن يرحل عن الدنيا وقد ترك لأسرته ما يغنيها ويكفيها، ولا شك أن هذا مطلب حسن حض عليه الشرع، ولكن النفوس تختلف باختلاف مراتبها ودرجاتها ومكانتها عند الله عز وجل..

والسؤال الآن: ترى بماذا أوصى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم؟
يقول العلامة ابن كثير في مقدمة تفسيره:
حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا مالك بن مِغْول، حدثنا طلحة بن مُصَرِّف قال: "سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. فقلت: كيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله، عز وجل" (البخاري).

وقد رواه في مواضع أخر مع بقية الجماعة، إلا أبا داود من طرق عن مالك بن مغول به (البخاري) وهذا نظير ما تقدم عن ابن عباس: "ما ترك إلا ما بين الدفتين"، وذلك أن الناس كتب عليهم الوصية في أموالهم كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} [البقرة من الآية:180].

وأما هو صلى الله عليه وسلم فلم يترك شيئًا يورث عنه، وإنما ترك ماله صدقة جارية من بعده، فلم يحتج إلى وصية في ذلك، ولم يوصِ إلى خليفة يكون بعده على التنصيص؛ لأن الأمر كان ظاهرًا من إشارته وإيمائه إلى الصديق؛ ولهذا لما هم بالوصية إلى أبي بكر ثم عدل عن ذلك فقال: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (البخاري،) وكان كذلك، وإنما أوصى الناس باتباع كتاب الله تعالى. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
من الأولويات: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}
المقال التالي
بين صاحب القرآن وحاسديه