أي قلب تحمله
حديثنا اليوم عن ملك الأعضاء (القلب)، المضغة التي إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائر الجسد، وهو الوعاء الذي يحوي نيتك التى يترتب عليها جميع عملك من خير وشر.
حديثنا اليوم عن ملك الأعضاء (القلب)، المضغة التي إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائر الجسد، وهو الوعاء الذي يحوي نيتك التى يترتب عليها جميع عملك من خير وشر.
قال الله تعالي: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88-89]، يوم القيامة لا ينفعك مالك الذي تقضي عمرك كله في جمعه، ولا أولادك الذين تفعل المستحيل من أجلهم، ولا تنفعك زوجتك ولا أي شيء في هذه الحياة إلا عندما تلقى الله بقلب سليم.
فما هو القلب السليم؟
قال ابن القيم رحمه الله: "القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل، والحقد والحسد والشح، والكبر وحب الدنيا والرياسة، فسلم من كل آفة تبعده من الله"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالقلب السليم المحمود هو الذى يريد الخير لا الشر، وكمال ذلك بأن يعرف الخير والشر، فأما من لا يعرف الشر فذلك نقص فيه لا يُمدح به".
وغرض كل العبادات التي فرضها الله عليك من أجل الوصول إلى القلب السليم، فالصلاة من أجل القلب والصيام والزكاة والحج وكل أحكام الدين هدفها أن تطهر قلبك؛ لكي تلقى الله بقلب سليم تدخل به الجنة، كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كان يكثر من دعاء « » (صحيح الترمذي:3522)، وكان يقول إن قلب الآدمي بين أصبعين من أصابع الله عز وجل، فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه، فاسأل الله أن يثبت قلبك على دينه حتى تلقاه.
كان يقول بكر المازني رحمه الله: "ما سبقهم أبو بكر بكثير صلاة ولا صيام، ولكن بشيء وقر في القلب".
ونحن نعلم أن القلوب تصدأ بالغفلة والذنوب {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:41]، الران هنا بمعنى الذنب على الذنب يصنع نقطة سوداء في القلب؛ مما يجعل القلب أسود شديد القسوة والعياذ بالله، فإن تاب صقل قلبه وإن زاد زادت، ومع كثرة ذنوبنا وزيادة الران على القلوب أصبحنا لا نخشع في صلاتنا، وقليل منا من تدمع عيناه عند قراءة القرآن وتدبر آياته..
بل أصبح منّا من يفرح لموت أخيه المسلم المختلف معه في الرأي ويبرر الدم، والقلوب أصبحت أكثر قسوة من الحجارة، بل زكى الله الحجارة في القرآن، وذكر منها من يتفجر منه الأنهار ومنها من يشقق منه الماء، ومنها من يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما نعمل، بل أصبح منا من إذا خاصم فجر، يعيش بالسنين مهاجر أخاه، ومنا من يقطع صلة رحمه -أقرب الناس إليه والديه- والأمثال كثيرة نسأل الله العفو والعافية.
والآن أدعوك أن تختلي بقلبك وتكشف عما في قلبك لنفسك، وتسأل نفسك هذه الأسئلة:
هل أنت تحب الخير لجميع المسلمين؟
هل تحب لأخيك المسلم ما تحبه لنفسك؟
هل يوجد في قلبك حقد أو غل أو ضغينة على أحد من المسلمين؟ وأنت وحدك من تعلم الإجابة، والله المطلع عليك، فإذا كنت من أصحاب القلوب النقية الطاهرة، فاحمد الله على ما أنت فيه، واسأل الله أن يتوفاك على طاعته.
وأما إذا كان في قلبك شيء مما ذكرنا أو أكثر أو أقل، فأنت يا صديقي تحتاج إلى اهتمام كبير بقلبك، وأنصحك وأنصح نفسي بذكر الله والاستغفار وقراءة القرآن، ومجالس العلماء وذكر الموت وزيارة القبور، وتفريغ القلب من المحرمات، واستبدالها بالخوف والرجاء من الله، وحفظ كتاب الله، وأهم شيء الدعاء بأن يثبتك الله على طاعته إلى أن تلقاه بقلب سليم.
مؤمن محمد صلاح
كاتب مصري
- التصنيف: