التوسط في المُزاح!

منذ 2015-03-19

إنَّ المنهيَّ عنه ما فيه إفراط أو مداومة عليه؛ لما فيه من الشُّغل عن ذكر الله، والتَّفكُّر في مهمَّات الدِّين، ويؤول -كثيرًا- إلى قسوة القلب، والإيذاء والحقد، وسقوط المهابة والوَقَار.

كل شيء إذا زاد عن حده، وأفرط صاحبه في فعله أصبح مادة ضرر وسبب لمكروه:

فالإفراط في الطعام يسبب التخمة والسمنة.

والإفراط في النوم يمرض الإنسان.

والإفراط في الجماع يوهن البدن.

والإفراط في اللعب يفسد المستقبل.

وهكذا،

والمزاح  من الأفعال التي يجب ألا تفعل إلا في موضعها، وبحساب وتوسط، ولا تزيد عن حدها.

فكم من مزاح زائد تسبب في إفساد ذات البين، وخصومة وعداوة.

وكم من مزاح تسبب في قتل.

وعلى النقيض فالعبوس وعدم الانبساط للناس وتبسم الوجه يتسبب في نفور الناس وفساد الاجتماعيات.
والحل؟

الحل هو التوسط في كل شيء، فكل شيء له وقته، وبمقدار غير زائد عن الحد.

قال ابن حجر في فتح الباري: "أخرج التِّرمذي -وحسَّنه- من حديث أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله، إنَّك تداعبنا! قال: «إنِّي لا أقول إلَّا حقًّا».

وأخرج من حديث ابن عبَّاس -رفعه- «لا تمار أخاك، ولا تمازحه» الحديث.

والجمع بينهما: أنَّ المنهيَّ عنه ما فيه إفراط أو مداومة عليه؛ لما فيه من الشُّغل عن ذكر الله، والتَّفكُّر في مهمَّات الدِّين، ويؤول -كثيرًا- إلى قسوة القلب، والإيذاء والحقد، وسقوط المهابة والوَقَار، والذي يَسلَم من ذلك هو المباح، فإن صادف مصلحة -مثل تَطْيِيب نفس المخَاطَب ومؤانسته- فهو مستحبٌّ.

قال الغزالي: "مِن الغلط أن يُتَّخذ المزَاح حرفةً، ويُتَمَسَّك بأنَّه صلى الله عليه وسلم مَزَح، فهو كمن يدور مع الزنج حيث دار، وينظر رقصهم، ويتمسَّك بأنَّه صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة أن تنظر إليهم".

وقال الزبيدي في تاج العروس: "قال الأئمَّة: الإكثار منه، والخروج عن الحدِّ، مخلٌّ بالمروءة والوَقَار، والتَّنزُّه عنه بالمرَّة والتَّقبُّض، مخلٌّ بالسُّنَّة والسِّيرة النَّبويَّة المأمور باتِّباعها والاقتداء، وخير الأمور أوسطها".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.