توبة - الكل مخاطب بالتوبة.
لقد كانت دعوة التوبة في السورة التي حملت نفس الاسم، دعوة عامة جامعة شاملة لكل أصناف البشر، الكل تقريبًا بلا استثناء يُذكر مخاطب بالتوبة، فتجد الخطاب بالتوبة مع الكفار.
والكل مخاطب بـ(التوبة) مُكلف بها.
في سورة النور بعد ذكر النهي عن النظر المحرم، والأمر بغض البصر جاء التوجيه الشامل بالتوبة العامة التي تشمل جميع المؤمنين، وكأنها إشارة لكون هذا الذنب -النظر وخائنة الأعين- ذنبًا عامًّا يندر الاحتراز منه بالكلية، ولا يكاد يسلم مؤمن من مستصغر شرره.
وبالتالي يحتاج الجميع إلى توبة نصوح من هذا الذنب، خصوصًا ومن كافة الذنوب عمومًا.
لكن الشاهد في تلك الكلمة الحاسمة.
(جميعًا).
كل المؤمنين مخاطبين بذلك، بل وحتى غير المؤمنين، الدعوة عامة للجميع.
لقد كانت دعوة التوبة في السورة التي حملت نفس الاسم، دعوة عامة جامعة شاملة لكل أصناف البشر، الكل تقريبًا بلا استثناء يُذكر مخاطب بالتوبة، فتجد الخطاب بالتوبة مع الكفار:
{وأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة:3]، الكلام للمشركين: {فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:3].
وقوله: {فإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [التوبة:11].
فإن أدركوا التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها صاروا إخوانكم وفُتح الباب لهم ليلجوا معكم.
ومع المنافقين:
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [التوبة:74].
بعد كل جرائمهم؟!
بعد النفاق وإظهار الإيمان وإبطال الكفر؟!
بعد لمز المؤمنين وتخذيلهم؟
الجواب: "نعم".
رغم كل تلك الجرائم التي اقترفها المنافقون وغيرها مما احتشدت به سورة التوبة فإن الله يقول لهم: {فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [التوبة:74].
فسبحان التواب.
ومع المترددين الذين لم يتخذوا قرارًا فصلًا في حياتهم:
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:106].
ومع المقصرين ومن خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا:
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:102].
بل مع كل العباد:
{أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:104].
إن سورة التوبة من الرسائل الختامية فلا بد إذًا أن تشتمل على دعوة الجميع للتوبة.
والجميع هنا بمعنى الجميع وبدون استثناء.
حتى مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع المهاجرين والأنصار: {لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:117].
النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق جميعًا، والمهاجرون والأنصار والصحابة وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء، كلهم عليهم أن يتوبوا لربهم.
فما بالك بي وبك؟!
- التصنيف: