الوصية
فمن رحمة الله بك أن أذن لك بالاستثمار في مالك بعد وفاتك، وتصدَّق عليك بثلث مالك، فتوصي به في وجوه الخير، وسبل المعروف، لتجني ثمرته وتحصد بركته بعد رحيلك
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، والصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فما أجمل أن تجد في مواطن البلاء من يقف معك، ويشدُّ من أزرك، ويمدُّ بيده إليك، وأنت في أمسِّ الحاجة إليه، وأعظم الرغبة فيه!
ذلك هو الصديق الذي لا يخون، والصاحب الذي لا يمكر، والمعين الذي لا يغدر. إنه عملك الصالح من الإيمان والطاعة والعبادة، فأنت تحيا معه في سعادة، ولا يتخلَّى عنك عند موتك، ويلحق بك في قبرك، ويتبعك في يوم نشرك وحشرك.
فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الألباني 1/386 910).
» (رواه الحاكم في المستدرك، انظر: صحيح الترغيب والترهيب
وسوف تُصاب عند موتك في مالك بمصيبتين؛ فقده كلُّه، والسؤالُ عنه كُلُّه، فلا يكن مال غيرك أحبُّ إليك من مالك. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البخاري:7/226-6442).
» قالوا: يا رسول الله! ما مِنّا أحدٌ إلا مالُهُ أحبُّ إليه. قال: « » (صحيح
استثمر في مالك بعد مماتك
فمن رحمة الله بك أن أذن لك بالاستثمار في مالك بعد وفاتك، وتصدَّق عليك بثلث مالك، فتوصي به في وجوه الخير، وسبل المعروف، لتجني ثمرته وتحصد بركته بعد رحيلك عنه وحرمانك منه، فلا تبخل على نفسك بما جمعته يداك، فالوصيَّة نهر من الحسنات يجري، يرتشف منه في قبره بعد وفاته من أجراه في حياته، فلا تكونن من المحرومين.
فعمرك وإن طال قصير، وحياتك وإن امتدَّت إلى نهاية، فلا تُطوى صحائف أعمالك، بانتهاء آخر صفحات حياتك، وليكن لك حبل من العمل الصالح ممدود!
قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة:180]. فربما بالوصية تنال من الحسنات بعد مماتك أكثر مما نلت منها في حياتك، وترفع درجتك عند ربِّك بما قدَّمت بين يديك من عمل صالح، وما أخَّرت خلف ظهرك من صدقات جارية بفعلك، أو بوصيِّتك، أو بوقفك تتبعك وأنت في لحدك لوحدك بلا أنيس أو جليس.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صحيح مسلم: 3/1016-1631).
» (
والوصية نبعٌ من الخير يجري، وقطرٌ من الغيث يهمي، فهي امتداد عملك الصالح بعد وفاتك، فلا يجف نهر حسناتك بموتك! فأسرج بالوصية في قبرك شمعة ضياء، تنير لك حالك الظلمات في بطون الألحاد،ولا تبخل على نفسك بخير، وقدِّمه بين يديك، فلن يكون غيرك أكرم منك عليك!
نماذج من الصدقات الجارية
هذه نماذج مباركة من الصدقات الجارية التي ينتفع بها الميت في قبره لأنه أجراها في حياته، أو أمر بها في وصيَّته، أو جاد بها عليه أبناؤه بعد وفاته.
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (أخرجه ابن خزيمة والبيهقي، انظر: صحيح الترغيب والترهيب 1/36 74).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (صحيح سنن ابن ماجه:1/46 198).
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (رواه ابن خزيمة، انظر: صحيح الترغيب والترهيب:1/110 267).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسولا الله صلى الله عليه وسلم: «
» (صحيح سنن ابن ماجه:1/46 196).
عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (أخرجه أبو سهل القطان في حديثه عن شيوخه، انظر: السلسلة الصحيحة:3/323-1335).
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (رواه أحمد في المسند، انظر: صحيح الجامع رقم:890).
أحكام مهمة في الوصية
1- يشرع للمسلم أن يوصي لنفسه بجزء من ماله ينفق في وجوه الخير والبر بعد مماته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (صحيح سنن ابن ماجه:2/111-2190).
2- تجب كتابة الوصية على من له أو عليه حقوق للناس. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «صحيح البخاري:3/253-2738، وصحيح مسلم:3/1012-1628).
» (
3- يستحب للموصي كتابة الوصية والإشهاد عليها.
4- يحرم الجور والظلم فيها، وللظلم صور، منها:
أ- الوصية بأكثر من الثلث في المال، ولا تنفذ إلا بإجازة الورثة.
فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: عادني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجعٍ أشفيتُ منه على الموت، فقلت: يا رسول الله! بلغني ما ترى من الوجع، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلا ابنةٌ واحدةٌ، أفأتصدَّقُ بثلثي مال؟ قال: «
» قال: قلتُ: أفأتصدق بشطره؟ قال: « » (صحيح البخاري:3/254-2742 وصحيح مسلم:3/1013-1628).ب- تفضيل بعض الورثة على بعضهم. فعن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
».ج- حرمان من له حق في الإرث من نصيبه المقدَر شرعًا. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه).
5- تحرم الوصية بإنفاق المال في وجوه الحرام. فقد قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2].
6- لا يُعمل بالوصية في المال إلا بعد إخراج نفقة تجهيز الميت، وإخراج ما وجب في تركة المتوفى من الواجبات الشرعية كالزكاة المتأخرة ونفقة الحج لغير عذر والنذور والكفارات (فدين الله أحق بالقضاء)، ثم استيفاء ديون الناس وما في ذمَّته من حقوقهم.
نموذج للوصية الشرعية:
(الصيغة ليست إلزامية فلم يرد فيها دليل بالنص على صيغتها)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا ما أوصى به الفقير إلى رحمة الله وهو في حالته المعتبرة شرعًا من كمال عقله وسلامة إدراكه: ...
(يوصيهم بما شاء من أمر الآخرة والدنيا)
وأوصي بأن ينفق:
ثلث تركتي (ربعها خمسها سدسها سبعها ثمنها تسعها عشرها)
مبلغ وقدره ( )، نسبة ( % ) منها، في وجوه الخير والمعروف كالتالي:
طباعة المصاحف
بناء المساجد
حفر الآبار والمشاريع المائية
المستوصفات والمراكز الصحية
بناء المراكز الإسلامية
طباعة الكتب والأشرطة الشرعية
كفالة الأيتام
نشر العلم الشرعي
الأوقاف الخيرية
الأربطة
المساكين والأرامل
تنمية الموارد
الصدقات الجارية
تجهيز الموتى
بناء المساكن للمحتاجين
تحافيظ القرآن الكريم
المشاريع الموسمية والطارئة
أخرى
وهي:............................................................
وأوصي بأن تكون مؤسسة ( ) أو (اسم القائم على الوصية ) الناظر والقيم على تنفيذ هذه الوصية، والله خير الشاهدين.
الموصي:
شاهد أول:
شاهد ثاني:
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
مدير فرع لجنة العفو واصلاح ذات البين - بجدة .
- التصنيف: