الدرر الغراء من كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء - (7)

منذ 2015-05-10

قال (ابن حبان) أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه: "قد ذكرنا اليسير من الكثير من الآثار والقليل من الجسيم من الأخبار في كتابنا هذا بما نرجوا، أن القاصد إلى سلوك سبيل ذوي الحجى والسالك مقصد سبيل أولي النهى يكون له فيها غنية، إن تدبرها واستعملها، وإن كنا تنكبنا طرق المسانيد وتخريج الحكايات وأناشيد الأشعار إلا مَا لم نجد بدًا من إخراجها، كالإيماء إلى الشيء والإشارة إلى القصد، جعلنا اللَّه ممن دعته تباشير التوفيق إلى القيام بحقائق التحقيق إنه منتهى الغاية عند رجاء المؤمنين.."

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
لما ابتعد الناس كثيرًا عن حال سلفنا الصالح؛ علمًا وعملًا، سلوكًا ومنهاجًا، كان لزامًا علينا أن نقف ونستخرج من بطون كتبهم وما خلّفوه لنا من تراث وأدب، ينير الطريق ويستنهض الهمم، سيما في الجانب التربوي الذي نحن بأمس الحاجة إليه، في دنيا الماديات وكثرة المغريات وانكباب الناس على الشهوات.

ومن تلك الكتب النافعة، التي حوت عبارات جامعة، وفقرات ماتعة؛ كتاب "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" للإمام العلامة الحافظ أبو حاتم محمد ابن حبان البستي (ت:354هـ)، صاحب الكتب المشهورة منها كتاب: "صحيح ابن حبان المسمى "المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع"، قال عنه الحاكم كما في السير: "كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال".

يقول ابن حبان في مقدمة كتابه الذي بين أيدينا: "فلما رأيت الرُّعَاع من العالَم يغترون بأفعالهم، والهمجَ من الناسِ يقتدون بأمثالهم، دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف، يشتمل متضمنه على معنى لطيف، مما يحتاج إليه العقلاء في أيامهم، من معرفة الأحوال في أوقاتهم، ليكون كالتذكِرة لذوي الحجى عند حضرتهم، وكالمعين لأولي النُّهى عند غيبتهم، يفوق العالِمُ به أقرانه، والحافظ له أترابه، يكون النديمَ الصادق للعاقل في الخلوات، والمؤنس الحافظَ له في الفلوات، إن خَصَّ به من يحب من إخوانه، لم يفتقده من ديوانه، وإن استبدَّ به دون أوليائه، فاق به على نظرائه" [1].

اعتمدت في كتاب "روضة العقلاء" على طبعة مطبعة السنة المحمدية (1368هـ- 1949م) [2]، وقمت بانتقاء واختيار بعض العبارات النفيسة والمقولات المهمة لابن حبان أو من نقل عنهم، دون ذكر السند لسهولة الوصول والاستفادة من تلك الدرر، مع وضع عناوين تناسب كل مقولة أو فقرة.

في حالة ذكر العبارة دون نسبتها لقائل، هذا يعني أنها من كلام المصنف أبي حاتم ابن حبان رحمه الله، كما قمت بوضع فقرة تحت عنوان (الدرر الغراء مما قلَّ ودلّ) للمقولات القصيرة التي لا تتجاوز السطر الواحد ذات الدلالات الكبيرة، وفقرة (الدرر الغراء مما قيل شعرًا) مع ذكر رقم الصفحة لكل عبارة أو جملة أو شعر.

تحبب إلى الناس بالإحسان إليهم:
أن المنصور أمير المؤمنين قَالَ لابنه المهدي: "اعلم أن رضاء الناس غاية لا تدرك؛ فتحبب إليهم بالإحسان جهدك، وتودَّد إليهم بالإفضال، واقصد بإفضالك موضع الحاجة منهم" (ص247).

متى ينال المرء كرم الدنيا وشرف الآخرة؟
قال عَلِيِّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مِنْكُمْ مَالا فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ، وَلْيُحْسِنْ فِيهِ الضِّيَافَةَ، وَلْيَفُكَّ فِيهِ الْعَانِيَ وَالأَسِيرَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالْمَسَاكِينَ وَالْفُقَرَاءَ وَالْمُجَاهِدِينَ، وَلْيَصْبِرْ فِيهِ عَلَى النَّائِبَةِ، فَإِنَّ بِهَذِهِ الْخِصَالِ يَنَالُ كَرَمَ الدُّنْيَا وَشَرَفَ الآخِرَةِ" (ص247-248).

الجود على الحقيقة:
"من أتم الجود أن يتعرَّى عَن المِنَّة؛ لأن من لم يمتن بمعروفه وفَّره، والامتنان يهدم الصنائع، وإذا تعرَّت الصنيعة عَن إزار له طرفان، أحدهما الامتنان، والآخر طلب الجزاء، كان من أعظم الجود، وهو الجود على الحقيقة" (ص248).

أجود الناس وأبخل الناس:
قال ابن منبه: "أجود الناس في الدنيا من جاد بحقوق اللَّه، وإن رآه الناس بخيلا بما سوى ذلك، وإن أبخل الناس في الدنيا من بخل بحقوق اللَّه، وإن رآه الناس كريمًا جوادًا بما سوى ذلك" (ص251).

شر الإخوان وشر البلدان:
"شر الإخوان الخاذل لإخوانه عند الشدة والحاجة، كما أن شر البلاد بلدة ليس فيها خِصب ولا أمن" (ص259).

بذل المال والجاه:
"حقيق على من علم الثواب أن لا يمنع مَا ملك من جاه أو مال إن وجد السبيل إليه قبل حلول المنية، فيبقى عَن الخيرات كلها ويتأسف على مَا فاته من المعروف" (ص260).

لا تتوسل عند قضاء حاجتك من هؤلاء:
"لا يجب للعاقل أن يتوسل في قضاء حاجته بالعدو، ولا بالأحمق، ولا بالفاسق، ولا بالكذاب، ولا بمن له عند المسئول طعمة، ولا يجب أن يجعل حاجتين في حاجة، ولا أن يجمع بين سؤال وتَقَاضٍ، ولا يظهر شدة الحرص في اقتضاء حاجته، فإن الكريم يكفيه العلم بالحاجة دون المطالبة والاقتضاء" (ص263).

مَن الذي يقصده الراجون؟
من كثر في الخير رغبته، وكان اصطناع المعروف همته، قصده الراجون، وتأمله المتأملون، ومن كان عيشه وحدَه ولم يعش بعيشه غيره فهو وإن طال عمره قليل العمر" (ص266).

من روائع قضاء حوائج الناس:
"أن الحسن بْن علي بْن أَبِي طالب رضي الله عنهم سمع رجلاً إلى جنبه يسأل اللَّه أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف فبعث بها إليه" (ص266).

من روائع النفقة والسخاء:
عن ابن أبي سعيد عن شيخ له قال: "رأيت ابن المبارك يَعَضُّ يد خادم له، فقلت له تعضُّ يدَ خادمك؟"، قَالَ: "كم آمره أن لا يعد الدراهم على السؤال، أقول له احثُ لهم حَثوا" (ص267).

الهمج من الناس:
"الهمج من الناس إذا أحسن إليه يرى ذلك استحقاقًا منه له، ثم يرى الفضل لنفسه على المحسن إليه، فلا يحمد عند الخير، ولا يشكر عند البر، ويتعجب ممن يشكر، ويذم من يحمد" (ص269).

إطعام الطعام من صفات الكرام:
"إطعام الطعام من أشرف أركان الندُى، ومن أعظم مراتب ذوي الحِجَى، ومن أحسن خصال أولي النُهَى، ومن عرف بإطعام الطعام شَرُفَ عند الشاهد والغائب، وقصده الراضي والعاتب، وقِرَى الضيفِ يرفع المرء وإن رَقَّ نسبه إلى منتهى بغيته ونهاية محبته، ويُشَرِّفه برفيع الذكر وكمال الذخر" (ص271).

"كل من ساد في الجاهلية والإسلام حتى عرف بالسؤدد، وانقاد له قومه، ورحل إليه القريب والقاصي، لم يكن كمال سؤدده إلا بإطعام الطعام، وإكرام الضيف" (ص272).

ما إكرام الضيف؟
عن عقبة بْن علقمة ومبشر بْن إِسْمَاعِيل أنهما سألا الأوزاعي: "مَا إكرام الضيف؟"، قَالَ: "طَلَاقَة الوجه، وطيب الكلام" (ص274).

"من إكرام الضيف طيب الكلام، وطلاقة الوجه، والخدمة بالنفس، فإنه لا يذِلُّ من خدم أضيافه، كما لا يعِزُّ من استخدمهم، أو طلب لقراه أجرًا" (ص274).

كيف يدوم الملك؟
"لا يدوم مُلكُ ملك إلا بأعوان تطيعه، ولا يطيعه الأعوان إلا بوزير، ولا يتم ذلك إلا أن يكون الوزير ودودًا نصوحًا، ولا يوجد ذلك من الوزير إلا بالعفاف والرأي،ولا يتم قوام هؤلاء إلا بالمال، ولا يوجد المال إلا بصلاح الرعية، ولا تصلح الرعية إلا بإقامة العدل، فكأن ثبات الملك لا يكون إلا بلزوم العدل، وزواله لا يكون إلا بمفارقته" (ص282).

ستة أشياء تنبغي للأمير:
قال ملك طخارستان لنصر بْن سيار: "ينبغي للأمير أن يكون له ستة أشياء، وزير يثق به ويفضي إليه بسره، وحصان يلجأ إليه إذا فزع أنجاه -يعني فرسًا-، وسيف إذا نازل به الأقران لم يخف أن يخونه، وذخيرة خفيفة المحمل إذا نابته نائبة أخذها، وامرأة إذا دخل إليها أذهبت هَمَّه، وطباخ إذا لم يَشتَه الطعام صنع له شيئًا يشتهيه" (ص282).

إذا اغتر السلطان بقوته:
"متى مَا عرف السلطان فضل قوته على الضعفاء فَغَّره ذلك من قوة الأقوياء كانت قوته حَينًا عَلَيْهِ وهلاكًا له" (ص283).
"الضعيفُ المحترسُ أقرب إلى السلامة من القوي المغتر؛ لأن صرعةَ الاسترسال لا تكاد تُستقال، ولا يجب أن يعجل في سلطانه بعقاب من يخاف أن يندم عَلَيْهِ، ولا يثقنّ بمن عاقَبه من غير جرم" (ص283).

مثل السلطان الجائر كالنار والعادل كالغيث:
"ما أشَبِّهُ السلطان إلا بالنار، إن قصَّرت بطلَ نفعها، وإن جاوزت عظم ضرُّها، فخير السلطان من أشبه الغيث في أحيائه في نفع من يليه، لا من أشبه النار في أكلها مَا يليها" (ص283).

مِن الواجب على السلطان:
"الواجب على السلطان قبل كل شيء أن يبدأ بتقوى اللَّه وإصلاح سريرته بينه وبين خالقه، ثم يتفكر فيما قلده اللَّه من أمر إخوانه، ورفعه عليهم؛ ليعلم أنه مسئول عنهم في دق الأمور وجِلها، ومحاسبٌ على قليلها وكثيرها، ثم يتخذ وزيرًا صالحًا عاقلاً عفيفًا نصوحًا، وعمالاً صالحين بَرَرَة راشدين، وأعوانًا مستورين، وخدمًا معلومين، ثم يقلد عماله مالاً غنى له عنهم، ويشترط عليهم تقوى اللَّه وطاعتهُ، وأخذَ المالِ من حله، ويفرقه في أهله، ثم يتفقد أمرَ بيت المال بأن لا يدخِلَهُ حبة فما فوقها من قَهر أو جور، أو سلب أو نهب أو رشوة؛ فإنه مسئول عَن كل ذَرَّة منه، ومحاسب على كل حبة فيه، ثم لا يخرجه إلا في المواضع التي أمر اللَّه جل وعلا في سورة الأنفال" (ص284).

من يستحق اسم الرياسة؟
"لا يستحق أحد اسم الرياسة حتى يكون فيه ثلاثة أشياء: العقل، والعلم، والمنطق.
ثم يتعرى عَن ستة أشياء: عَن الحدة، والعجلة، والحسد، والهوى، والكذب، وترك المشاورة.
ثم ليلزم في سياسته على دائم الأوقات ثلاثة أشياء: "الرفق في الأمور، والصبر على الأشياء، وطول الصمت" (ص286).

لا يجب للعاقل طلب الإمارة:
"لا يجب للعاقل طلب الإمارة لأن من أوتيها عَن مسألة وكل إليها ومن أعطيها من غير مسألة أعين عليها ومن اشتهر بالرياسة فليحترز لأن الريح الشديدة لا تحطم الكلأ وهي تحطم دوح الشجر ومشيد البنيان" (ص287).

مَن يستحق السيادة؟
قَالَ أَبُو عمرة بْن العلاء: "كانوا لا يسوِّدُون إلا من تكاملت فيه ست خصال وتمامهن في الإسلام السابعة، السخاء، والنجدة، والصبر، والحلم، والبيان، والتواضع، وتمامهن في الإسلام الحياء" (ص287).

من يصحب السلطان لا ينجو من الآثام:
"من يصحب السلطان لا ينجو من الآثام، كما أن راكب العجل لا يأمن العثار، ولا يجب أن يأمن غضب السلطان إن صدقه، ولا عقوبته إن كذبه، ولا يجترىء عَلَيْهِ، وإن أدناه؛ لأن الحازم العاقل لا يشرب السُّم اتكالًا على مَا عنده من الترياق والأدوية" (ص288).

رؤساء القوم أعظمهم همومًا:
"رؤساء القوم أعظمهم همومًا، وأدومهم غموما، وأشغلهم قلوبًا، وأشهرهم عيوبًا، وأكثرهم عدوًا، وأشدهم أحزانًا، وأنكاهم أشجانا، وأكثرهم في القيامة حسابًا، وأشدهم -إن لم يعف اللَّه عنهم- عذابًا" (ص289).

العاقل لا يغتر بالدنيا وزينتها:
"الواجب على العاقل أن لا يغتر بالدنيا وزهرتها، وحسنها وبهجتها، فيشتغل بها عَن الآخرة الباقية، والنعم الدائمة، بل ينزلها حيث أنزلها اللَّه؛ لأن عاقبتها لا محالة تصير إلى فناء، يخرب عمرانها، ويموت سكانها، وتذهب بهجتها، وتبيد خُضرتها، فلا يبقى رئيس متكبر مؤمَّر، ولا فقير مسكين محتقر، إلا ويجري عليهم كأسُ المنايا، ثم يصيرون إلى التراب، فيبلون حتى يرجعون إلى مَا كانوا عَلَيْهِ في البداية إلى الفناء، ثم يرث الأرض ومن عليها علام الغيوب، فالعاقل لا يركن إلى دار هذا نعتها، ولا يطمئن إلى دنيا هذه صفتها، وقد ادخر له مَا لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيضن بترك هذا القليل، ويرضى بفوت ذلك الكثير" (ص292).

لا تكن عبدًا للشهوات:
"من اشتهى أن يكون حرًا فليجتنب الشهوات، وإن كانت لذيذة، وليعلم أن كل لذيذ ليس بنافع، ولكن كل نافع هو اللذيذ، وكل الشهوات مملولة إلا الأرباح فإنها لا تمل، وأعظم الأرباح الجنة، والاستغناء بالله عَن الناس" (ص294-295).

إياك وطول الأمل:
قال معن بْن عون: "كم من مستقبل يومًا لا يستكمله، ومنتظر غدًا لا يُدرِكه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره" (ص295).

الموت هادم اللذات ومفرق الجماعات:
"الموت رَحى دوارة بين الخلق، وكأس يُدارُ بها عليهم، لا بد لكل ذي روح أن يشربها ويذوق طعمها، وهو هادم اللذات، ومنغص الشهوات، ومكدر الأوقات، ومزيل العاهات" (ص297).

الموت قاهر الجبابرة والقياصرة والأكاسرة:
"كم من مكرّم في أهله، معظم في قومه، مبجَّل في جيرته، لا يخاف الضيق في المعيشة، ولا الضَّنك في المصيبة، إذ ورد عَلَيْهِ مذلل الملوك، وقاهر الجبابرة، وقاصم الطغاة، فألقاه صريعًا بين الأحبة وجيرانه، مفارقًا لأهل بيته وإخوانه، لا يملكون له نفعًا، ولا يستطيعون عنه دفعًا، فكم من أمة قد أبادها الموت، وبلدة قد عطلها، وذات بعل قد أرملها، وذي أب أيتمه، وذي إخوة أفرده" (ص299-300).

الدرر الغراء مما قلَّ ودل:
"السخاء محبة ومحمدة كما أن البخل مذمة ومبغضة" (ص247).
"أجود الجود من جاد بماله، وصان نفسه عَن مال غيره" (ص248).

"من جاد ساد، كما أن من بخل رذل" (ص248).
"ما اتزر رجل بإزار أهتك لعرضه، ولا أثلم لدينه من البخل" (ص250).
"البخل بئس الشعارُ في الدنيا والآخرة، وشر مَا يُدَّخر من الأعمال في العقبى" (ص254).

قَالَ الحسن: "من أيقن الخلف جاد بالعطية" (ص254).
قال عَبْد الملك بْن رفاعة الفهمي: "الهدية هو السحر الظاهر" (ص255).
قال ميمون: "من رَضِيَ من خلة الإخوان بلا شيء فليواخ أهل القبور" (ص257).
كان الحسن يقول: "قضاء حاجة أخ مسلم أحب إلي من اعتكاف شهرين" (ص259).

"أقرب الأشياء في الدنيا زوالاً المال والولاية" (ص263).
"عدم المال خير من عدم محاسن الأخلاق" (ص265).
"أسوأ العبيد من استعبدته الأخلاق الدنية" (ص265).
"من لزم معاليَ الأخلاق أنتج له سلوكها فراخًا تطير بالسرور" (ص265).

"مَا ضاع مال ورث صاحبه مجدًا" (ص266).
"البائس من طال عمره في غير الخير" (ص266).
"من لم يتأس بغيره في الخير كان عاجزًا" (ص266).
"من استحسن من نفسه مَا يستقبحه من غيره كان كالغاش لمن تجب عَلَيْهِ نصيحته" (ص266).

"من لم يكن له همة إلا بطنه وفرجه عد من البهائم" (ص266).
"العطية بعد المنع أجمل من المنع بعد العطية" (ص268).
"أبخل البخلاء من بخل بإطعام لطعام، كما أن من أجود الجود بذله" (ص274).
قال سَعِيد بْن المسيب: "لأن أشبع كبدًا جائعة أحب إلي من حجة بعد حجة" (ص275).

"الحر لا يكفر النعمة، ولا يتسخط المصيبة، بل عند النعم يشكر، وعند المصائب يصبر" (ص277).
"من لم يكن لقليل المعروف عنده وقع أوشك أن لا يشكر الكثير" (ص277).
"النعم لا تستجلب زيادتها ولا تدفع الآفات عنها إلا بالشكر لله سبحانه ولمن أسداها إليه" (ص277).
"أفضل السلطان مالم يخالطهُ البَطر وأعجزهم آخذهم بالهوينا وأقلهُم نظرًا في العواقب" (ص283).

"خير السلطان من أشبه النَّسر حوله الجيف، لا من أشبه الجيف حولها النسور" (ص283).
"السلطان إذا كان عادلاً خير من المطر إذا كان وابلاً" (ص283).
"سلطان غشوم خير من فتنة تدوم" (ص283).
"الناس إلى عدل سلطانهم أحوج منهم إلى خِصبِ زمانهم" (ص283).

"السلطنة إنما هي قول الحق والعمل بالعدل، لا التفاخر في الدنيا واستعمال البذل" (ص287).
"العاقل يعلم أن مَا لم يبقى لغيره عَلَيْهِ غير باق، وأن مَا سلب عَن غيره لا يترك عَلَيْهِ" (ص294).
"طول الآمال قطعت أعناق الرجال، كالسراب أخلف من رجاه، وخاب من رآه" (ص295).
"الموت طالب لا يعجزه المقيم ولا ينفلت منه الهارب" (ص300).

الدرر الغراء مما قيل شعرًا
أنشدني أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه اليماني لبعض القرشيين: ص249

سأبذلُ مالي كلما جاء طالبٌ *** وأجعله وقفا على القَرض والفرض
فإما كريما صُنتُ بالجود عِرضه *** وإما لئيما صُنت عَن لؤمه عرضي



لقد أنشدني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الواسطي: (ص250).

لكلِّ هم من الهموم سَعَه *** والبخل واللؤم لا فلاح مَعَه
قد يجمع المالَ غيرُ آكله *** ويأكل المال غير من جمعه
أقبل من الدهر مَا أتاك به *** مَن قَرَّ عينا بعيشه نفعه


أنشدني مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه البغدادي: (ص261).

إذا أعطى القليل فتى شريف *** فإن قليل مَا يعطيك زين
وإن تكن العطية من دني *** فإن كثير مَا يعطيك شين


أنشدني الكريزي: (ص267).

لا تحقرن صنيع الخير تفعله *** ولا صغير فعال الشر من صغره
فلو رأيت الذي استصغرت من حَسَنٍ *** عند الثواب أطلت العجب من كبره


أنشدني مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه البغدادي: (ص268).

ومن يَضَع المعروف في غير أهله *** يكن ضَائعًا في غير حمد ولا أجر
وحسب امرىء من كُفر نُعمَى جُحودُها *** إذا وقعت عند امرىء غير ذي شكر


قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (ص270).

مَا أَحْسَنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالَهَا *** إِذَا أَطَاعَ اللَّهَ من نالها
من لم يواس النَّاسَ مِنْ فَضْلِهَا *** عَرَّضَ للإِدْبَارِ إِقْبَالَهَا
فَاحْذَرْ زَوَالَ الْفَضْلِ يَا حَائِرًا *** وَاعْطِ مِنَ الدُّنْيَا لِمَنْ سَالَهَا
فَإِنَّ ذَا الْعَرْشِ سَرِيعُ الْجَزَا *** يُخْلِفُ بِالْحَبَّةِ أَمْثَالَهَا


أنشدني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الواسطي: (ص276).

حافظ على الشكر كي تستجزل القِسما *** مَن ضَيَّع الشكر لم يستكمل النعما
الشكر لله كنز لا نفادَ له *** من يلزم الشكر لم يكسب به ندمًا


أنشدني ابن زنجي البغدادي للأفوه الأودي: (ص284).

لا يَصلُحُ الناس فَوضى لا سَرَاةَ لهم *** ولا سَرَاة إذا جُهالُهم سادوا
والبيتُ لا يُبتَنى إلا بأعمدة *** ولا عماد إذا لم تُرسَ أوتادُ
فإن تجمَّعَ أوتادٌ وأعمدة *** وساكنٌ أدركوا الأمر الذي كادوا
تُهدَى الأمور بأهل الرأي مَا صلحت *** فإن تولَّت فبالأشرار تنقادُ


قال بشر بْن الحارث: (ص292).

لا تأس في الدنيا على فائت *** وعندك الإسلام والعافية
إن فات أمر كنت تسعى له *** ففيهما من فائت كافيه


رأيت على حجر بطبرستان مكتوب: (ص293).

العيش لونان: فحلو ومر *** والدهر نصفان: فريف وضر
والنطق جزآن: فبعر ودُرّ *** والناس اثنان: فنذل وحر
يومك يومان: فخير وشر *** نهار يزول وليل يُكِرُّ
وكذاك الزمان على من مضى *** وكل السنين على ذا تَمُرّ


أنشدني مهدي بْن سابق: (ص296).

كنا على ظهرها والعيش ذو مَهَلٍ *** والدهر يجمعنا والدارُ والوطنُ
ففرق الدهر ذو التصريف ألفتنا *** فاليوم يجمعنا في بطنها الكفنُ
كذلك الدهر لا يبقى على أحد *** تأتي بأقداره الأيامُ والزمنُ


أنشد ابن أَبِي عيينة المهلبي: (ص296).

ما راحَ يوم على حي ولا ابتكرا *** إلا رأى عبرة فيها إن اعتبرا
ولا أتت ساعة في الدهر فانصرفت *** حتى توثِّر في قوم لها غيرا
إن اللياليَ والأيامَ أنفسها *** عَن غيب أنفسها لم تكتب الخبرا


أنشدني عَبْد العزيز بْن سليمان: (ص297).

أيا هاذم اللذات ما منك مهربٌ *** تحاذر نفسي منك ما سيصيبها
رأيتُ المنايا قُسِّمت بين أنفس *** ونفسي سيأتي بعدهنَّ نصيبها


أنشد أبو العتاهية واعظا هارون أمير المؤمنين: (ص299).

لا تأمن الموت في طرف ولا نَفَسٍ *** ولو تمنعت بالحجَّاب والحرس
واعلم بأن سهام الموت قاصدة *** لكل مُدَّرِعٍ منا ومتَّرس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس


أنشدني الكريزي: (ص300).

أموالنا لذوي الميراث نجمعها *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها
والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت *** أن السلامة فيها ترك مَا فيها
فلا الإقامة تنجي النفس من تلف *** ولا الفرارُ من الأحداث ينجيها
وكل نفس لها زَورٌ يصبِّحُها *** من المنية يوما أو يمسيها.

قال إِبْرَاهِيم بْن يزيد: رأيت أعرابيا وقف على مقبرة وهو يقول: (ص302).

لكل أناس مَقبَر بفنائهم *** فهم ينقصون والقبورُ تزيد
وما إن تَرى دارا لحيٍ قد أقفرت *** وقبرا لميتٍ بالفناء جديدُ
فهم جيرةُ الأحياء أما محلُّهم *** فدانٍ وأما المتقى فبعيد



قال (ابن حبان) أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه: "قد ذكرنا اليسير من الكثير من الآثار والقليل من الجسيم من الأخبار في كتابنا هذا بما نرجوا، أن القاصد إلى سلوك سبيل ذوي الحجى والسالك مقصد سبيل أولي النهى يكون له فيها غنية، إن تدبرها واستعملها، وإن كنا تنكبنا طرق المسانيد وتخريج الحكايات وأناشيد الأشعار إلا مَا لم نجد بدًا من إخراجها، كالإيماء إلى الشيء والإشارة إلى القصد، جعلنا اللَّه ممن دعته تباشير التوفيق إلى القيام بحقائق التحقيق إنه منتهى الغاية عند رجاء المؤمنين والمان على أوليائه بمنازل المقربين.. وصلى اللَّه على مُحَمَّد خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين الطيبين والحمد لله رب العالمين" (ص303).

تم بحمد الله وتوفيقه وتسديده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص15.
[2] الطبعة بتحقيق وتصحيح محمد محي الدين عبد الحميد، محمد عبد الرزاق حمزة، محمد حامد الفقي.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أيمن الشعبان

داعية إسلامي، ومدير جمعية بيت المقدس، وخطيب واعظ في إدارة الأوقاف السنية بمملكة البحرين.

المقال السابق
(6)