لا تَنتظر رمضانَ لتتوب
تأمَّل وتدبَّر! كيف أنه تعالى تَدارك قلوبَهم حتى لم تَزغ، فأقبَل بقلوبهم عليه، ووهبَهم الإنابة إلى طاعته، والرجوع إلى ما يرضيه عنهم، ثم هو يفرح بهم، ويزيدهم من فضله، ويتوب عليهم، ويغفر لهم، ويرحمهم!
لا تَنتظر رمضانَ لتتوب، واطلب توبتَك من الآن فإنها منه سبحانه لا منك: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِن اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة من ألأىية:118].
فتأمَّل وتدبَّر! كيف أنه تعالى تَدارك قلوبَهم حتى لم تَزغ، فأقبَل بقلوبهم عليه، ووهبَهم الإنابة إلى طاعته، والرجوع إلى ما يرضيه عنهم..
ثم هو يفرح بهم، ويزيدهم من فضله، ويتوب عليهم، ويغفر لهم، ويرحمهم! ولولا ذاك، ما كان ثَمَّ سبيلٌ إلى التوبة وقد استولت عليهم النفس الأمارة، فانظر كيف فقرك إليه، مع غناه عنك، فتوبتك إلى ربك محفوفةٌ بتوبة منه عليك قبلها، وتوبة منه عليك بعدها، فتوبتك بين توبتين من الله؛ سابقة ولاحقة..
فإنه تاب عليك أولًا: إذنًا وتوفيقًا وإلهامًا، فتُبتَ إليه، فتاب عليك.
ثانيًا: قبولًا وإثابة، فيتقبّلك ويُثيبك إحسانًا وتفضّلًا، فما تُبتَ على الحقيقة؛ حتى تاب عليك.
وما هذا إلَّا لأنه كما قال عن نفسه: {إِن اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}، فيُقبِل سبحانه بقلوب التائبين إليه، ويُوفقهم لِما يَدُلّ عليه، فَيَخرّون للأذقان سُجَّدًا بين يديه، فما يَرفع أحدُهم رأسَه إلَّا وقد تابَ عليه.
وهذه هي سُنّته تعالى مع أوليائه إذا أشرفوا على العَطب، ووَطنوا أنفسَهم على الهلاك أمطرَ عليهم سحائبَ الجُود، فأحيا قلوبَهم بعد إياسها.
منك أرجو ولستُ أعرف ربًّا *** يُرتجى منه بعضُ ما منك أرجو
وإذا اشتدَّت الشدائدُ في الأر *** ضِ على الخلقِ فاستغاثوا وعجُّوا
وابتليت العباد بالخوف والجو *** عِ وصرُّوا على الذنوب ولجُّوا
لم يكن لي سواك ربي ملاذٌ *** فتيقَّنت أنني بك أنجو
وفي الجملة:
فتوبة الله على العبد؛ هي أجلّ الغايات، وأعلى النهايات.
فإن الله جعلها نهايةَ خواصّ عباده، وامتنَّ عليهم بها لأنه يرضاها ويُحبّها!
فاسْتَرضِه ليرضَى عنك، واستغفرهُ لِيغفر لك، وعُد إليه لِيتوبَ عليك.
{وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيمًا} [النساء:110].
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: