لا تغترَّ بالكثرة مِن حَولك
لا تغتمَّ بالقِلَّة، أو تأسفنَّ لغُربَة، فهي إلى النجاة أقرب، ومَن أخلصَ وصبرَ جمَع اللهُ عليه القلوب، ولو بعد حين.
لا تغترَّ بالكثرة مِن حَولك في مجلسِك أو خُطبتِك أو دعْوتك!
أورد الذَّهبي رحمه الله، في السِّـيَـر:
"قال عبد الرحمن بن مَهدي: كنتُ أجلس يوم الجمعة، فإذا كثر الناس فَرِحتُ، وإذا قلُّوا حَزنتُ!
فسألتُ بشر بن منصور، فقال: هذا مجلسُ سُوء، فلا تَعُد إليه، فما عُدتُ إليه.
وعن مالك رحمه الله: كنتُ آتي نافعًا وأنا غلامٌ حديث السِّن، فينزل ويُحدثني، وكان يجلس بعد الصبح في المسجد لا يكاد يأتيه أحد.
وعن الأوزاعي رحمه الله: مات عطاءُ بن أبي رباح يوم مات وهو أرضَى أهل الأرض عند الناس، وما كان يشهد مجلسَه إلا تسعة أو ثمانية" (انظر: سِيَـر أعلام النبلاء).
قلتُ:
يرحمُ الله سلفنَا، ما أخلصَهم لله وأخشاهم له! فطِنُوا إلى الداء العُضال بالالتفات إلى الناس، فهَجروه ومَضوا، شعارهم: "إنِّي مُهاجرٌ إلى ربِّي"! فأبَى الله إلَّا أن يجمع عليهم القلوب، ويَضع لهم القَبول كلّ زمانٍ ومكان! وماهي إلَّا بركة الإخلاص، وعدم الالتفات إلى الناس.
فلا تغتمَّ بالقِلَّة، أو تأسفنَّ لغُربَة، فهي إلى النجاة أقرب.
ومَن أخلصَ وصبرَ جمَع اللهُ عليه القلوب، ولو بعد حين.
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: