القواعد الأربع للتغيير الإيجابي والخلوص من المشاكل

منذ 2015-06-26

العبد معرض لصنوف من البلاء والآفات، ومعرضٌ للمشاكل والعوائق، وعندما نريد أن نستعرض المشاكل والآفات هنا فإن المقام يطول، والحصر يَصْعُب.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن العبد معرض لصنوف من البلاء والآفات، ومعرضٌ للمشاكل والعوائق، وعندما نريد أن نستعرض المشاكل والآفات هنا فإن المقام يطول، والحصر يَصْعُب، وقد نتعرض لمشاكل ونُغْفِل أخرى، وقد نُوَفَّق في علاج البعض ونُخفق في الأخرى، وعند التأمل في الآفات والمشاكل، والعوارض والعوائق، تلخص لدي أن هناك قواعد أربع من سار عليها بالتدرج بين الثلاث الأولى، مع ملازمة الرابعة دومًا وفق بإذن الله تعالى للخلاص من هذه المشاكل، وكان سليمًا من هذه العوارض والآفات، وتغير تغيرًا إيجابي.

 

وهذه القواعد كالتالي:

القاعدة الأولى: تحديد المشكلة ومعرفة خطورتها، وهذه أول خطوة صحيحة لحل المشاكل، فبعض الناس تجد أنه من رأسه إلى أخمص قدميه مليءٌ بالمشاكل وعندما تطالبه بحل مشاكله، يجيبك: بأنه ليس لديه مشكلة أصلًا؛ فهذا لن تُحَلَّ له مشكلة؛ لأنه إلى لحظته تلك لم يحدد مشكلته، ولم يستشعر خطرها، وأنه بحاجة إلى علاج؛ فهذا نوصيه بأن يحاسب نفسه، ولو أخذ قلمًا وورقة واستعرض شريط حياته فإنه سيقع على بعض أخطائه ومشاكله، فإذا استشعر الشخص مشاكله وعرف خطورتها؛ فهذه أول خطوة على الطريق الصحيح، والتغيير الإيجابي.
مثال: إنسان لديه مشكلة (الكذب)، وهو يشكو منها، فهنا حَدَدَ المشكلة وعرفها، ثم عرف خطرها عليه، فعندها ننتقل به للقاعدة الثانية.

 

القاعدة الثانية: الرغبة الصادقة في حل تلك المشكلة، فإذا حدد الإنسانُ مشكلته ثم كان لديه رغبة جادة، ونية صادقة في حل تلك المشكلة كان ذلك سبيل صحيح لحل مشكلته، وتكون تلك الرغبة داخلية فلا يمكن للعبد أن يغير مابه حتى يغير ما بنفسه، يقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11]؛ لكن بعض الناس يَعْرِف أن لديه مشكلة ومحددٌ لها، لكنه ليس لديه رغبة جادة للتغيير الإيجابي؛ فهذا لن تحل مشكلته أبدًا، إلا أن يتداركه الله برحمته؛ فمثل هذا نوصيه بأن يتعرف على خطورة ما يقع فيه، وشؤمِهِ عليه في الدنيا والآخرة، فإذا حدد الإنسان مشكلته، ثم كانت لديه الرغبة الصادقة في حل تلك المشكلة؛ فهو في الطريق الصحيح نحو التغيير الإيجابي.

تابع المثال: الشخص الذي لديه مشكلة (الكذب)، وحددها وعرف خطورتها، وكانت لديه الرغبة الصادقة في حلها، وهو جاد في التخلص منها، فهنا ننتقل به إلى القاعدة الثالثة.

 

القاعدة الثالثة:اتخاذ الطرق العملية المناسبة لحل تلك المشكلة، والطرق كثيرة جدًا، فإذا حدد الشخص المشكلة، وكان لديه الرغبة الصادقة في التغيير، فعليه أن يسلك الطريقة المناسبة لحل تلك المشكلة -فكل مشكلة على وجه الأرض لها حل أو حلول- والحلول تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات، فمن الحلول: حلولٌ جذرية، وأخرى بعيدة المدى.

فإذا حدد الشخص مشكلته، ثم كانت لديه الرغبة الصادقة في التغيير، ثم وضع لنفسه الطرق العملية المناسبة لحل مشكلته فإنه سيتخلص بإذن الله تعالى من تلك المشكلة التي نغصت عليه معيشته، وضيقت عليه نفسه، وأما من لا يعرف الطرق العملية لحل مشكلته فعليه أن يستعين ببعض المصلحين، أو بعض المربين من أهل الخبرة في حلِّ مثل تلك المشاكل.

تابع المثال: الشخص الذي لديه تلك الخصلة الذميمة (الكذب)، وقد حددها، وكانت لديه الرغبة الصادقة في التغيير، فعليه سلوك الطرق العملية المناسبة لحل تلك المشكلة، ومنها على سبيل المثال فقط:

[1]- أن يعلم أن هذه الصفة الذميمة محرمة بالكتاب، والسنّة، فكيف يتعدى على حد من حدود الله تعالى؟!
[2]- التعرف على خطورة الكذب في الدنيا والآخرة، وعقوبة الكذابين، وأن مرتكبها مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، كما ذكر ذلك الذهبي في كتابه (الكبائر) في الكبيرة الرابعة عشر.
[3]- أن الكذب هو الطريق لفقد مصداقيته بين الناس، وأن الناس سيتعاملون معه على أنه شخص متلاعب، ومكَّار، ومراوغ.
[4]- أن الكذب يجعله دائمًا في مواقف محرجة مع الناس.
[5]- معرفة سبب الكذب، فقد يكون لحب الظهور، أو للتخلص من عقاب أو غير ذلك، فيتعرف على السبب ليسهل عليه بعد ذلك التخلص من تلك البلية بمعالجة السبب الموصل إليها.
[6]- تذكر الموت دائمًا، فإنه مما يهون الدنيا، ويجعل العبد من الصادقين...الخ.

 

القاعدة الرابعة: كثرة الدعاء، واللجوء إلى الله تعالى بأن يهديك ويسددك، ويعينك ويوفقك، وينجيك ويخلصك مما أنت فيه، فانطرح بين يدي الكريم في كل أمرٍ، صغر أم كبر، عظم عندك أم حقر، فإذا لم يكن توفيق من الله لك، فأيقن أنه لا فلاح لك ولا نجاح ولا نجاة، والله المستعان.

وختامًا: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجنبنا المعاصي والآثام، وأن يُرِيَنَا الحق حقًا ويرزقنا إتباعه، وأن يُرِيَنا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، وأسأله الهداية والثبات إنه، ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: موقع د. ظافر بن حسن آل جَبْعَان