سَبْعُ رَسَائِلَ لأَهْلِ الرَّسَائِل

منذ 2015-06-28

نعيش هذه الأيام قوة في التواصل لم يشهدها العالم من قبل، فوسائل الاتصالات بلغت ذروتها، والتقنية بلغت أَوجَهَا.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فإننا نعيش هذه الأيام قوة في التواصل لم يشهدها العالم من قبل، فوسائل الاتصالات بلغت ذروتها، والتقنية بلغت أَوجَهَا، ومن ذلك التواصل عن طريق الرسائل الالكترونية، إما عن طريق الهاتف المحمول، أو عن طريق شبكة المعلومات (الإنترنت) بما يسمى البريد الإلكتروني، فأدى ذلك إلى سهولة التواصل بين الأفراد والمؤسسات، وأصبح الناس يتواصلون من خلال هذه الخدمات الجليلة.

وقد انتشرت بين الناس الرسائل الالكترونية إما عن طريق الأفراد أو عن طريق المجموعات البريدية، وأصبح كثير من الناس ليس له عمل إلا استقبال هذه الرسائل وإعادة توجيهها بغثها وسمينها، وعُجْرِهَا وبُجْرِهَا، والتفنن في ذلك. وعندما كنت أتأمل مثل هذا العمل أحببت أن أشارك برسائل لأهل الرسائل لعلهم ينتفعون بها، ويستفيدوا من هذه الخدمة الجليلة على ما ينبغي الإفادة منها، فأرسلت سَبْعَ رسائل لأهل الرسائل:

الرسالة الأولى:

لماذا ترسل؟
وهذا سؤال في غاية الأهمية، فلابد أن تسأل نفسك قبل أن ترسل أي رسالة بريدية، أو غيرها. فلماذا ترسل؟ وما هي الفائدة المرجوة من هذه الرسالة؟ هل الفائدة إشباع رغبة؟ أم ضياع وقت؟ أم نصح وإرشاد؟ أم تواصل واطمئنان؟ أم بيع وشراء؟ أم غير ذلك؟
فيا أخي المرسل: أعدد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.
 

الرسالة الثانية:

ماذا ترسل؟
ما المادة التي سترسلها هل هي مقالات وبحوث علمية، أم صور ومقاطع مرئية، أم خواطر وتأملات، أم عقود ومعاملات. ولتعلم أن أي رسالة ترسلها فهي إما لك أو عليك، أو لا لك ولا عليك.
فيا أخي المرسل: أعدد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.
 

الرسالة الثالثة:

لمن ترسل؟
من الأشخاص الذين ترسل إليهم هذه الرسالة، وما جنسهم؟ وهل هذه الرسالة تناسبهم وتفيدهم، أم هي تشارك في ضياع أوقاتهم ودينهم؟! فيكون إرسالك لهم مما يحمد أم مما يُذَمُّ شرعًا وعقلًا، وستسأل عنه.
فيا أخي المرسل: أعدد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.
 

الرسالة الرابعة:

ما مصدرك؟
وهي الطريقة التي من خلالها تتلقى رسائلك، هل هي من أناس تعرفهم، أم من مجهول، فإن كانت ممن تعرفهم فحسن، وإلا تتثبت منه، وأما الرسائل التي من مجهول فلا يجوز نشرها إلا بعد التثبت منها ومن خُبْرِهَا وخَبَرِهَا، أما إلقاؤها على الناس بغثها وسمينها، فيخشى من تحمل تبعتها، وما يترتب عليها من المفاسد والمضار، بل قد تتحمل ما هو أعظم من ذلك السيئة وجرمها الذي تتحمله عن كل من قرأ هذه الرسالة عن طريقك؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (أخرجه مسلم [1017]) من حديث جرير رضي الله عنه.
فيا أخي المرسل: أعدد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.
 

الرسالة الخامسة:

متى ترسل؟
وهو الوقت الذي ترسل فيه الرسالة هل هو موافق للوقت والزمان، فبعض الناس يرسل ما هب ودب، بدون مراعاة للوقت والزمان، وهذا مما يبتذل ويسفه به الأحلام، فاحترام الوقت والزمان مما يحمد لمن يرسل، ويستفاد مما يبعث.
 

الرسالة السادسة:

من أين ترسل؟
أي: من أي شركة ترسل الرسالة، فإن كانت من الشركات التي تحارب الإسلام، أو تشارك في نشر الرذيلة، فلا يجوز المشاركة فيها لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، وما سوى ذلك فيباح المشاركة فيه، وإن كان الأولى المشاركة في الشركات التي لها مجال في خدمة الدين وأهله، وذلك لإعانتهم، ودعمهم والله المستعان.
 

الرسالة السابعة:

ماذا بعد؟
أخي المرسل لابد أن تستشعر هذا السؤال قبل الإرسال، ولتعلم أن أي رسالة ترسلها فهي إما لك أو عليك، أو لا لك ولا عليك. فتكون لك إذا كان مضمونها حسنًا، فتعود عليك بالأجر والمثوبة، ورفعة الدرجة والقربى من الله تعالى، فكم من كلمة رفعت صاحبها، وأخرى أردته. وقد تكون عليك إذا كانت مما يغضب الله ولا يرضيه، وتجر عليك الإثم والعقوبة. وإما أن تكون لا لك ولا عليك إذا كانت مما يباح نقله وإرساله. فكن على حذر من هذه الرسائل التي تذهب لذتها، ووقتها، ويبقى إما أجرها أو غرمها.

وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (أخرجه مسلم[1017]).

وصدق من قال:

وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إِلَّا سَيَفْنَى *** وَيُبْقِيْ الْدَّهَرُ مَا كَتَبَتْ يَدَاهُ
فَلَا تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ *** يَسُرُّكَ فِيْ الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ

 

وفي الختام أخي الحبيب قف مع هذا السؤال وتأمله: هل أعددت للسؤال بين يدي الله عمَّا أرسلت جوابًا؟ وهل جوابك الذي ستجيب به رب العالمين صوابًا؟.

أخي المرسل: أحسب أني قد نصحت لك فكن ممن يقبل النصح، ويكف عمَّا حرم الله، ومن تاب عمَّا مضى كُفِّرَ عنه، بل وبدل بحسنات، فرحمة الله وسعت جميع المخلوقات.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الخميس 1430/8/22هـ

المصدر: موقع د. ظافر بن حسن آل جَبْعَان