مع القرآن - معيار النجاة: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ}

منذ 2015-08-03

ظن البعض أنه بتقديمه للتنازلات ومداهنة أهل الملل يغريهم بدخول الإسلام، أو على الأقل الاتفاق مع الأمة وعدم محاربتها، وهو لا يدري أنه بذلك يهدم دينه لا يخدمه، وأنه بموقفه ذاك يقدم صورة باهتة عن شخصية المسلم التي رسمتها الشريعة الغراء، والتي ترفض المداهنة في أصول الشريعة كما ترفض التنازل عن أي كبيرة أو صغيرة من أمور الدين.

ظن البعض أنه بتقديمه للتنازلات ومداهنة أهل الملل يغريهم بدخول الإسلام، أو على الأقل الاتفاق مع الأمة وعدم محاربتها.

وهو لا يدري أنه بذلك يهدم دينه لا يخدمه، وأنه بموقفه ذاك يقدم صورة باهتة عن شخصية المسلم التي رسمتها الشريعة الغراء، والتي ترفض المداهنة في أصول الشريعة كما ترفض التنازل عن أي كبيرة أو صغيرة من أمور الدين.

وما أكثر من وقع في هذا الخطأ الفادح، فما زاد عن كونه سلمًا داسه أعداء الدين للصعودعلى كتف الأمة.
قال تعالى: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:137].

قال العلامة السعدي:
"أي: فإن آمن أهل الكتاب {بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ} -يا معشر المؤمنين- من جميع الرسل وجميع الكتب، الذين أول من دخل فيهم، وأولى خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، وأسلموا لله وحده، ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله {فَقَدِ اهْتَدَوْا} للصراط المستقيم، الموصل لجنات النعيم. 

أي: فلا سبيل لهم إلى الهداية إلا بهذا الإيمان، لا كما زعموا بقولهم: {كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ} [البقرة من الآية:135]، فزعموا أن الهداية خاصة بما كانوا عليه، و(الهدى) هو العلم بالحق، والعمل به، وضده الضلال عن العلم والضلال عن العمل بعد العلم، وهو الشقاق الذي كانوا عليه لما تولوا وأعرضوا. 

فالمشاق: هو الذي يكون في شق والله ورسوله في شق، ويلزم من المشاقة المحادة، والعداوة البليغة، التي من لوازمها، بذل ما يقدرون عليه من أذية الرسول، فلهذا وعد الله رسوله، أن يكفيه إياهم، لأنه السميع لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات، العليم بما بين أيديهم وما خلفهم، بالغيب والشهادة، بالظواهر والبواطن، فإذا كان كذلك، كفاك الله شرهم.

وقد أنجز الله لرسوله وعده، وسلطه عليهم حتى قتل بعضهم، وسبى بعضهم، وأجلى بعضهم، وشردهم كل مشرد.
ففيه معجزة من معجزات القرآن، وهو الإخبار بالشيء قبل وقوعه، فوقع طِبق ما أخبر".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
طريق العقيدة خط مستقيم
المقال التالي
اصطبغ بصبغة الله