الوشاح الأخضر
تعيش مثل أميرة متوجة؛ تعيش حياة كاملة مرادفتها: لايك - شير - كومنت. صفحتها رومانسية واسمها "الأميرة الصغيرة"؛ تضع صورا للزهور والحيوانات وصوراً أخري خيالية.
بعيدا عن الواقع، عن رائحة الأسفلت والمجارير المفتوحة والأتربة، تُغلق باب غرفتها برفق وتفتح عالمها الافتراضي. تعيش مثل أميرة متوجة؛ هنا يعرفون قيمتي. تعيش حياة كاملة مرادفتها: لايك - شير - كومنت. صفحتها رومانسية واسمها "الأميرة الصغيرة"؛ تضع صورا للزهور والحيوانات وصوراً أخري خيالية. تشترك في أكثر من جروب؛ تجد راحتها بين أصدقاء لم ترهم في حياتها أبدا؛ لا تشعر بالغربة حين تحدثهم.
منذ عدة أسابيع ظهر في الجروب شخصية لطيفة دمثة الخلق؛ أكونت باسم "الفارس الأخير" ويضع صورة لفيلم يحمل نفس الاسم. وجدت تفاهما جيدا معه؛ لم تكن من الطراز الذي يكلم الآخرين علي الخاص ولا تقبل بإضافة أشخاص لا تعرفهم.
هنا بدأت تشعر بالشغف حيال ذلك الشخص؛ تنتظر كلماته وتعليقاته، وحين طرح سؤالا عن دواء ما؛ تطوعت بالإجابة ثم أرسلت له كل التفاصيل في رسالة، وتتابعت الرسائل؛ رسائل تسأل عن الصحة وتتمني الخير؛ رسائل مغلّفة بشغف إلي لقاء. هل يمكن أن تشعر بالميل تجاه شخص لم تره ولم تنطبع ملامحه في ذهنك؟ حسنا لماذا إذا تجد نفسها في انتظار ظهوره؛ هي لا تعرف السبب. ولكن الرغبة الدائمة في رؤيته كانت موجودة دائما؛ رغبة لا يمكن أن تصرح بها.
ثم كان هناك حفل التوقيع لكاتب شهير؛ اتفق الجميع علي الذهاب. هذه فترة رائعة حين يسرح خيالك في محاولة رسم الملامح ولون العيون ونبرة الصوت.. فلنترك للخيال مجالا...
وقبل الموعد بأيام تم إلغاء الحفل وتأجيله لأجل غير مسمي؛ كان الخبر صادما. لكنه كان مصرا على اللقاء. كيف ستعرفيني إذا؟ سيرتدي ربطة عنق سوداء منقطة بدوائر بيضاء كبيرة وهي سترتدي وشاحا أخضرا تضعه علي كتفها.
كادت أن تنتهي من إتمام ارتداء زيها، حين سمعت طرقات خفيفة علي الباب. كان أخوها الذي يكبرها بأربعة أعوام، طالب في السنة النهائية لكلية الهندسة؛ يحمل في يده كرافتة؛ طلب منها أن تقوم بربطها له.
أخوها يقف مبتسما سعيدا وهي تقوم بربط الكرافتة؛ كرافتة سوداء منقطة بدوائر بيضاء كبيرة، حين لاحظت ذلك تجمدت دمعة في عينيها؛ ورأت عينيه متسمرتين على وشاحها الأخضر الذي تضعه علي كتفها.
لم تكمل ربط الكرافتة... في صمت تام تركها وخرج؛ دخل إلي غرفته وأغلق الباب وجلس في ركن الغرفة، في حين سقط وشاحها الأخضر على الأرض.
=====
محمد هيكل
____________
خاص بموقع طريق الإسلام