ذكاء الدعوة
ذكاء الدعوة هو أن تجذب الناس أولاً بقوتك العلمية متحدثاً اللغة العلمية التي تجذب أنظارهم ثم تريهم أنك متدين وأن الدين لم ينقصك شيئاً من قوة الدنيا ومجدها.
لفت نظري هذا العالم أو طالب العلم المسيحي أنه لم يستحِ أن يدعو إلى دينه في نهاية موقعه الثري جداً بالمواد الفيزيائية والرياضية وبعض الهوايات الشيقة! لكنك ترى كثيراً من المسلمين يستحي أن يفعل كذلك! فيقول لك أنا لا أخلط العلم بالدين مقتدياً بالعلمانية الغربية الصرفة! أو تجده دخل في غمار الإعجاز العلمي بتكلف شديد ولي لأعناق النصوص وثوابت العلم، تكلف يأباه الدين والعلم معًا!
لكن أين ذكاء الدعوة؟ ذكاء الدعوة هو أن تجذب الناس أولا بقوتك العلمية متحدثاً اللغة العلمية التي تجذب أنظارهم ثم تريهم أنك متدين وأن الدين لم ينقصك شيئاً من قوة الدنيا ومجدها كما نرى هنا، فلا فصل تام، ولا دمج مُخِّل.
والمسلك الأمثل من هذا هو كالذي سلكه نبي الله يوسف عليه السلام عندما:
1. أفصح عن قدراته أولا لصاحبي السجن {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا} [يوسف:من الآية37].
2. ثم أرجع الفضل في هذه القدرات لله تعالى: {ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف:من الآية37].
3. ثم شرح عقيدته لهما وشكر لله عليهما: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ . وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [يوسف:من الآية37-38].
4. ثم وعظهما وعظاً يجمع بين اللطف والتوبيخ الحكيم: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ . مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف:39-40].
5. ثم طبق قدراته التي اخبرهما عنها معطيهما وصفاً دقيقاً وموجزاً وبليغاً لما سيحدث لهما: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف:41].
________________
خاص بموقع طريق الإسلام
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف:
- المصدر: