مع القرآن - وصية للحاج : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ

منذ 2015-09-17

اللهم تقبل من عبادك الحجيج و ردهم إلى ديارهم سالمين غانمين مقبولين .
قد ينسى الحاج وسط الزحام و التدافع و كثرة الأنفس و الأنفاس أنه يؤدي عبادة العمر 
من المشاهد المعلوم أنه وسط التعب و الزحام قد يغلب على الحاج إرادة الانتهاء و التخلص من هذا الركن أو ذاك فحسب , بغضالنظر عن حضور القلب و استحضار النية و تهيب الموقف .
لذلك نصيحة لك أخي الحاج أختي الحاجة : عليك باستحضار القلب و كثرة الذكر في كل موقف و لا تنشغل بما حولك عما ينبغي أن تكون فيه  .
قال تعالى :
{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}  . [البقرة 203] .
قال العلامة السعدي رحمه الله :
يأمر تعالى بذكره في الأيام المعدودات، وهي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد، لمزيتها وشرفها، وكون بقية أحكام المناسك تفعل بها، ولكون الناس أضيافا لله فيها، ولهذا حرم صيامها، فللذكر فيها مزية ليست لغيرها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق، أيام أكل وشرب، وذكر الله "
ويدخل في ذكر الله فيها، ذكره عند رمي الجمار، وعند الذبح، والذكر المقيد عقب الفرائض، بل قال بعض العلماء: إنه يستحب فيها التكبير المطلق، كالعشر، وليس ببعيد.
فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ } أي: خرج من "منى "ونفر منها قبل غروب شمس اليوم الثاني { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ } بأن بات بها ليلة الثالث ورمى من الغد { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } وهذا تخفيف من الله تعالى  على عباده، في إباحة كلا الأمرين، ولكن من المعلوم أنه إذا أبيح كلا الأمرين، فالمتأخر أفضل، لأنه أكثر عبادة.
ولما كان نفي الحرج قد يفهم منه نفي الحرج في ذلك المذكور وفي غيره، والحاصل أن الحرج منفي عن المتقدم، والمتأخر فقط قيده بقوله: { لِمَنِ اتَّقَى } أي: اتقى الله في جميع أموره، وأحوال الحج، فمن اتقى الله في كل شيء، حصل له نفي الحرج في كل شيء، ومن اتقاه في شيء دون شيء، كان الجزاء من جنس العمل.
وَاتَّقُوا اللَّهَ } بامتثال أوامره واجتناب معاصيه، { وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } فمجازيكم بأعمالكم، فمن اتقاه، وجد جزاء التقوى عنده، ومن لم يتقه، عاقبه أشد العقوبة، فالعلم بالجزاء من أعظم الدواعي لتقوى الله، فلهذا حث تعالى على العلم بذلك.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
المقال التالي
يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ