إلى من يتمسحون بمسمى السلفية

منذ 2015-09-18

لمن يتمسحون بمسمى السلفية :هكذا كان السلف .
روى ابن عساكر  في تاريخ دمشق : أن عمر ابن عبد العزيز جاء إليه رجل متَّزر بِبُرْد قَطَري، متعصِّب بآخر، حتى أخذ بلجام بغلته، ما يُنَهْنِهه أحدٌ، فقال:
تدعون حرَّان مَظْلومًا ليأتيكم        فقد أتاكم لعند الدَّار مظْلوم

فقال ممن أنت؟ قال: من أهل حضرموت. قال: ما ظُلَامتك؟ قال: أرضي وأرض آبائي أخذها الوليد وسليمان، فأكلاها. فنزل عمر عن دابَّته يتكئ حتى جلس بالأرض، فقال: من يعلم ذلك؟ قال: أهل البلد قاطبة. قال: يكفيني من ذلك شاهدا عدلٍ، اكتبوا له إلى بلاده، إن أقام شاهدي عدلٍ، اكتبوا على أرضه وأرض آبائه وأجداده، فادفعوها إليه. فحسب الوليد وسليمان ما أكلا من غلَّتها، فلمَّا ولَّى الرَّجل، قال: هلمَّ، هل هلكت لك من راحلة؟ أو أَخْلق لك من ثوب؟ أو نفذ لك من زاد؟ أو تخرَّق لك من حِذاء؟ فحَسَب ذلك، فبلغ اثنين وثلاثين دينارًا، أو ثلاثة وثلاثين دينارًا، فأتى بها من بيت المال، فكأنِّي أنظر إليها تُعدُّ في يده .

هذا أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالعدل يقول عندما استلم الحكم: فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، أطيعوني مَا أطعت الله ورسوله فيكم. ويقول أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: من رأى منكم فِيَّ اعوجاجًا فليقومه.
وقال رجل لعمر: اتق الله يا عمر فأجابه أحد الحاضرين بقوله: أتقولون هذا لأمير المؤمنين ولكن عمر نهره بتلك الكلمة وقال: لا خير فيكم إن لَمْ تقولوها ولا خير فينا إن لَمْ نسمعها.
وفي مرة كَانَت جملة من غنائم المسلمين أبراد يمانية فقام عمر رضي الله عنه يقسم هذه الغنائم بالعدل وَقَدْ أصابه مِنْهَا برد كما أصاب ابنه عبد الله مثل ذلك كأي رجل من المسلمين ولما كَانَ عمر بحاجة إِلَى ثوب طويل لأنه طويل الجسم تبرع له ابنه عبد الله ببرده ليصنع منهما ثوبًا يكفيه ثم وقف وعليه هذا الثوب الطويل يخطب فِي الناس فقال بعد أن حمد الله وأثنى على رسوله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا. فوقف له سلمان الفارسي الصحابي المشهور الجليل فقال لعمر: لا سمع لك علينا ولا طاعة.
فقال عمر رضي الله عنه: ولم؟ قال سلمان: من أين لك هذا الثوب، وَقَدْ نالك برد واحد وأنت رجل طويل فقال: لا تعجل ونادى ابنه عبد الله فقال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: ناشدتك الله البرد الذي اتزرت له اهو رداؤك؟ فقال: اللهم نعم. قال سلمان: الآن مر نسمع ونطيع.
وخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المسجد ومعه الجارود فإذا امرأة برزة على ظهر الطريق فسلم عليها فردت عليه أو سلمت عليه فرد عليها فقالت: هيه يا عمر عهدتك وأنت تسمى عميرًا فِي سوق عكاض تصارع الصبيان فلم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين فاتق الله فِي الرعية واعلم أنه من خاف الموت خشي الفوت، فبكى عمر رضي الله عنه.
فقال الجارود: هيه قَدْ اجترأت على أمير المؤمنين وأبكيتيه. فقال عمر: دعها أما تعرف هذه هي خولة بنت حكيم التي سمع الله قولها من فوق سبع سمواته فعمر والله أحرى أن يسمع كلامها.

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.