اتقوا الله في دماء المسلمين بالصومال

منذ 2009-06-11

إننا نتلقى بكل حسرة وألم أنباء القتال بين المسلمين في الصومال موقنين بأن الغايات النبيلة لا تبررها الوسائل المتدنية، واثقين بأن إراقة الدم الطاهر المسلم ليس وسيلة لإقامة العدل وتحقيق الرخاء وصيانة الأرواح....


الذين أوقدوا نار الحرب في الصومال مؤخراً مدعوون إلى غمد سيوفهم وتحكيم شريعة ربهم التي تطالب الأطراف جميعها باحترامها وتطبيقها، والذين سفكوا الدماء.. دماء المسلمين الحرام، ودماء الفقراء المدنيين العزل البرآء، بحاجة إلى حقن الدماء والتوبة إلى الله ورفع الأكف إلى السماء استرضاء لله وأوبة إليه، والذين أنفقوا أموالهم لشراء أسلحة فاسدة توجه إلى صدور المسلمين وهدم المساجد عليهم أن يدفعوا الديات ويصلحوا ما أفسدوه.

إننا نتلقى بكل حسرة وألم أنباء القتال بين المسلمين في الصومال موقنين بأن الغايات النبيلة لا تبررها الوسائل المتدنية، واثقين بأن إراقة الدم الطاهر المسلم ليس وسيلة لإقامة العدل وتحقيق الرخاء وصيانة الأرواح، وأن سياسة الدنيا بالدين لا تكون بآليات تدير ظهرها للقيم والأخلاق والثوابت.

ومهما سيق من مبررات واهية لاستمرار القتال؛ فلن يكون مقنعاً لأي منصف يرقب خجلاً ما تنقله وسائل الإعلام من الصومال هذا العبث بالدماء والأرواح والأموال؛ إذا لا مجال للاعتذار بارتكاب ما حرمه الشرع وجعل في حرمته ما يفوق حرمة الكعبة ـ شرفها الله ـ إلا في ظل معطيات يصعب أن يقدمها الذين يجادلون عن المستهترين بحياة المسلمين ومساجدهم.

ومعلوم أنه في مثل هذه الحروب قد يتعذر الوقوف على المتسبب في اندلاع المعارك على وجه الدقة، كما يصعب تحديد هوية اللاعبين الحقيقيين من وراء الأحجبة والستائر، لكن الذي يدركه الجميع أن على كل الأطراف أن تتحمل مسؤوليتها أمام الله سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً، ثم أمام الشعوب الإسلامية والتاريخ، وأن تعمل من فورها على إيقاف هذا التدهور العسكري.

ولاشك أن جهد العلماء الصادقين والوجهاء الأصلاء الحادبين على هذا الشعب البائس، المنافحين عن حقوقه في إيقاف هذه المعارك الرعناء، مشكور، ومثمن من كل مشفق على الدماء الحرام، امتثالا لقول الله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 49]، الذين يسمعون مذعنين لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته في مؤتمرها الجامع الأخير في حياته، حين أتى عرفة وأتى بطن الوادي فخطب في الناس، وصدح في الألوف حوله قائلاً ـ فيما قال ـ صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» [رواه مسلم]..

نحن ندرك حقيقة، أن من يظنون أن الكفة العسكرية تميل لصالحهم ربما منحوا أنفسهم دوافع تحملهم على حمل السلاح في وجوه إخوانهم، متذرعين بالعديد من الأسباب التي ليس من بينها قراءة اللحظة الراهنة بشكل جيد، وفهم الاستراتيجيات التي وضعت لهذه المنطقة الحساسة في العالم، وندرك أن نشوة الانتصارات الجزئية تصم الآذان أحياناً، لكن علينا أن نذكرهم ونذكر الجميع الآن أن القوات الإفريقية في تلك اللحظة رابضة في ثكناتها لا يمسها سوء ممن وضعوها عنواناً لقتالهم ـ باستثناء عمليات تفجيرية محدودة ـ.. الذي هو ـ كما غيره الآن ـ لا يحصد إلا أرواح الأبرياء!!


15/5/1430

المسلم
المصدر: موقع المسلم