إنقاذ الصومال مسؤولية العلماء

منذ 2009-06-11

قبل سنتين دخل الصليبيون الصغار (الأحباش) أراضي الصومال المسلم، غزاةً بالوكالة عن سادتهم الصليبيين الكبار(أمريكا بخاصة والغرب بعامة)، وعاثوا في الأرض فساداً.


قبل سنتين دخل الصليبيون الصغار (الأحباش) أراضي الصومال المسلم، غزاةً بالوكالة عن سادتهم الصليبيين الكبار(أمريكا بخاصة والغرب بعامة)، وعاثوا في الأرض فساداً.

دخل الوكلاء لأن العدو الأكبر لم يشأ تكرار تجربته المؤلمة المخزية مع أهل الصومال الشجعان، الذين مرغوا أنوف المارينز بالوحل، وسحبوهم في الشوارع فخرجوا صاغرين يجرّون أذيال الخيبة ويتجرعون مرارة الهزيمة على أيدٍ نحيلة أضناها الجوع وهدّها الحرمان!!

ولأن الصغار صغار في عقولهم كذلك، فإنهم توهموا أن إخراج المحاكم الإسلامية من الحكم في مقديشو، هو نصر نهائي وحاسم.ولم يفيقوا من نشوة الانتصار الموهوم إلا على حمم المجاهدين، الذين اضطروهم أن يرحلوا مجللين بالخزي والعار، ولم تُسعفهم مؤازرة عبدة الصليب كافة من أقربين وأبعدين.

ولم يجدوا ما يخففون به من وقع هزيمتهم النكراء، سوى التفاوض مع المحاكم الشرعية ذاتها، التي طالما وصفوها بأنها من أتباع القاعدة، وأنها منظمة "إرهابية" يتعين عليهم استئصالها!!، وهذا عار إضافي لو كانوا يفقهون، فلو أنهم فروا بجلودهم على غرار سادتهم الأمريكان من قبل، لكان أقل خزياً لهم.

لكن ما يؤلم كل المؤمنين الذين شكروا الله تبارك وتعالى على هذا النصر المبين، وعلى دحر الصليبيين الصغار من الصومال، هو أن صف فصائل الجهاد الباسلة الذي كان موحداً، بدأ بالتصدع منذ أن لاحت بشائر الفوز الناجز، ومنذ أن توسل الغزاةُ للجلوس مع قادة الجهاد لتنظيم الانسحاب المهين للمحتلين، بصورة تبدو سياسية.

ولأننا بعيدون عن الساحة المباشرة، وليس عندنا تفاصيل الوقائع، فإننا لا نستطيع إلقاء التبعة على هذا أو ذاك، ولا سيما أن المعلن من أسباب الاختلاف لا يبين للمراقب الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

وبعيداً من تبادل الاتهامات التي تساق بلا بينات ولا قرائن، فإن المؤكد حتى الآن، هو أن قادة المجاهدين اختلفوا على طريقة خروج الغزاة، فاختار بعضهم الموافقة على الدرب السياسي، وأصر البعض الآخر على طردهم من مقديشو بقوة السلاح حتى مغادرة آخر جندي إثيوبي. وبعبارة أخرى، فإن الفريقين متفقان تماماُ على الهدف وهو إجلاء المعتدين كلياً عن الأرض الإسلامية الطاهرة.

ومن هنا لا ينبغي لمعارضي التفاوض أن ينبزوا إخوانهم الآخرين بالعمالة لأديس أبابا، فذلك بهتان تنقضه مسيرتهم الجهادية!!بالطبع كان جميع المسلمين المخلصين يتمنون ألا يسير الذين سلكوا سبيل السياسة وحدهم، ما دام شركاؤهم في ملحمة الجهاد وتحقيق النصر لا يشاطرونهم الرأي. وكم كان حرياً بالفريقين أن يتوصلا إلى رؤية موحدة، أو إلى أسلوب مشروع لتنظيم الاختلافات الثانوية-على الوسائل لا على الغايات-تنظيماً يجعلها مصدر ثراء وليس منبع شقاق.

إن على الطرفين اليوم أن يُثبتا لشعبهم وللمسلمين كافة -ولأعدائهم وأعداء الأمة الكثر- أن جهادهم كان في سبيل الله وحده، لأن الصورة الراهنة توحي -بكل أسف- أن التنازع على السلطة!!، ويكفي بذلك تشويهاً لجهادهم وإساءة لصورة الجهاد في عالم حاقد ومناوئ أصلاً، وفي محيط اختلطت فيه الأوراق، ويتربص فيه المرجفون بحسنات المجاهدين فكيف بأخطائهم وعثراتهم.

والأشد ضرراً، هو احتمال نشوب اقتتال مسلح-لا قدّر الله- بينهما، فهل يرضون بإراقة دماء المسلمين بأيدي المسلمين؟وهل هنالك سبب يجيز الوقوع في هذا المنكر العظيم؟

إن الأمة التي وقفت وراءهم بقلوبها تدعو لهم بالنصر، لن تحترمهم إذا استحلوا الدماء المعصومة مهما كانت الذرائع المزعومة.

وهنا ينبغي لعلماء المسلمين المعتبرين في كل مكان، ألا ينتظروا وقوع المأساة حتى يبينوا حكم الله عز وجل، بل يجب عليهم أن يبادروا من فورهم بلا تردد، إلى تأليف وفد رفيع المستوى لإصلاح ذات البين، وفقاً لمبادئ ديننا الحنيف، وبحسب أحكامه الجلية، وإذا تعنت أحد الطرفين وأصر على البغي ف، الواجب على العلماء أن يبينوا للأمة حاله، بكل تجرد وأمانة.

وبذلك، نخرج نحن المسلمين من الضبابية الحالية، ونبرئ ساحة الجهاد، ونقف مع الحق، مثلما أمرنا ربنا سبحانه.

ألا هل بلّغنا!، اللهم فاشهد.


موقع المسلم
المصدر: موقع المسلم