الصفعة التركية
الناتو والعالم كله مدرك مغزى صفعة أردوغان لروسيا لكن لا يملك أحد أي دليل يدين تركيا/أردوغان.
(تركيا/أردوغان) أعطت (لروسيا/بوتين) صفعة على قفاه ولكن بمنتهى الحرفية.. ويجب تفكيك الصفعة كالتالي:
ضمن أردوغان أولا من وراء الكواليس تأييد أمريكا والناتو له ضد انتهاكات روسيا للأجواء التركية باعتبارها أجواء للناتو، وفعل اللازم في هذا المجال من احاطتهم المستمرة باختراقات الطائرات الروسية لسماء تركيا بشكل متكرر رغم إنذارها تكرارا ورغم تقديم احتجاجات متكررة تركية لحكومة روسيا.
صادت تركيا الطائرة الروسية وهي قاذفة تقصف مواقع أرضية ولا يمكنها الدفاع عن نفسها وكانت وحدها دون حماية من أي مقاتلات روسية أخرى، ودخلت الطائرة الروسية المصيدة بانتهاكها سماء تركيا ولو لبرهة ولم يكن لتركيا أن تضيع الصيد الثمين فأنذرتها ١٠ إنذارات في ٥ دقائق كي تثبت عليها الانتهاك و كي تنتهز فرصة الانتهاك وتسقطها لتصفع بوتين على قفاه.
مررت تركيا رسائل الإنذار للأقمار الأمريكية أو أنها كانت تدرك يقينا أن أميركا والناتو يسمعون الإنذارات.
يدرك بوتين جيدا أنه لا يمكنه رد الضربة لأردوغان بشكل مباشر لأن تركيا عضو بالناتو وكما في المثل المصري (اللي له ظهر لا يضرب على بطنه) فأي تحرش عسكري روسي مباشر بتركيا يعني ردا تركيا يورط الناتو في حرب ضد روسيا ومن ثم حرب عالمية لا قبل لبوتين بها.
الناتو طبعا لا يريد حربا مع روسيا لكنه أيضا لا يقبل بحرب روسية مباشرة ضد تركيا وبالتالي فإنه يسعى لحل الإشكال دبلوماسيا بين تركيا وروسيا بإرساء "تفاهم ما" بينهما برعاية الناتو يمنع تكرار الحادث.
أردوغان أعلن: إننا لم نكن نريد أن يحدث هذا الحادث ولكننا اضطررنا لحماية حدودنا وعلى الجميع احترام حقنا في حماية حدودنا الوطنية. وأعلن أنه لعدم تكرار مثل هذا الحادث فلابد من تحديد منطقة فاصلة سورية على حدود تركيا يحظر فيها الطيران.
بوتين متأكد أن أردوغان تعمد صفعه على قفاه ومتأكد أن أردوغان صفعه عقابا له على تدخل روسيا في سوريا لصالح الأسد و بالتحالف مع إيران ولكنه مازال لا يستطيع إثبات ذلك بدليل قاطع للناتو والرأي العام الدولي.
الناتو والعالم كله مدرك مغزى صفعة أردوغان لروسيا لكن لا يملك أحد أي دليل يدين تركيا/أردوغان.
أردوغان سيسعى عبر الدبلوماسية لإقرار المنطقة العازلة التي يريدها بدعوى حماية الأمن القومي التركي ضد إرهاب داعش وحزب العمال الكردستاني على حد تعبير أردوغان.
بوتين وإيران لن ينسيا ثأرهما من أردوغان والرد غير ممكن لأي منهما إلا بدعم حزب العمال الكردستاني بالمال والسلاح والتدريب ضد تركيا.
أردوغان يدرك ذلك ولعله يريده أن يزيد حتى يفتضح الأمر أكثر فيسبب له مزيدا من القوة السياسية بالداخل ويسهل له الحصول على مزيد من الضوء الأخضر الأمريكي والأوروبي ليوجه مزيدا من الضربات للأكراد وليدعم "معارضة سورية ما" ضد الأسد وإيران وأذنابها في سوريا.
وفي كل الأحوال فسوف يزيد صراع روسيا/تركيا في إطار حرب باردة أو بالوكالة ومن ثم سيزيد دعم تركيا العسكري لثوار سوريا وقريبا سنرى مضادات أرضية للطيران بأيدي ثوار سوريا لفرض الحظر الجوي المراد على روسيا وعلى بشار.
قد تحتاج تركيا قريبا لاسقاط طائرة حربية أخرى قرب حدودها لكنها ستكون هذه المرة سورية وليست روسية.. ومن يعلم فربما تسقط طائرة روسية أخرى، والله اعلم.
عبد المنعم منيب
صحفي و كاتب إسلامي مصري
- التصنيف:
- المصدر: