كشفوا "النقاب" عن خذلانهم للأقصى

منذ 2009-10-23

انفرط عقد المطالبات بالتضييق على المنتقبات في جامعات مصر ومدارسها وأزهرها، وتكاثرت القرارات المختفية خلف عبارات الفتوى الغريبة عن لبس النقاب أمام النساء...

 

بينما هم يتجادلون بشأن النقاب وضرورة أن ينحصر في أماكن دون أخرى في المدارس والجامعات المصرية ومؤسسات الأزهر، أو يزول كلية لأن شكله "يستفز" المعتدلين إلى حد التطرف والنزق الكلامي، تغيب قضية من شأنها أن تتصدر كل محفل ومكان، وتحتل كل منبر وصحيفة وفضاء.

إنهم لم يكشفوا النقاب عن وجه الصبية، بل كشفوا عن وجوه كالحة تنبسط أساريرها مع المذيعات وتقتضب جبهاتها عند رؤية سيماء التدين وشاراته سواء أصدقوا ذلك أم لم يصدقوا، أوافقوا أم خالفوا، أرحبوا أم أدانوا..


لم تنكشف الوجوه فقط، بل تعرت الأجساد أمام الأجنبي والصهيوني، والتحف الجميع بالصمت، وتجاسر الأقزام على النساء والصبايا، وتخاذلوا في موضع النصرة والمساندة، وتعرت المواقف حينما سقطت عنها أوراق الستر في مواقف كان فيها الناس يرجون سماع صوت الشجعان في ساعة العسرة.


انفرط عقد المطالبات بالتضييق على المنتقبات في جامعات مصر ومدارسها وأزهرها، وتكاثرت القرارات المختفية خلف عبارات الفتوى الغريبة عن لبس النقاب أمام النساء، للعبور إلى منعه كلية أمام الرجال في نهاية المطاف، ما يترك الباب مشرعاً أمام انتظار المزيد الذي لا يتوقف عند مسألة خلافية إلى الولوج إلى تذويب المبادئ والتنكر للقيم تحت ذرائع مختلفة تبدأ هنا، وتنتهي هناك، مظللة بموقف مخزٍ فيما هو فوق ذلك من المواقف السياسية والاقتصادية والعلمية والإعلامية والثقافية المستقلة المأخوذة إلى جاذبية الدين والقيم والأخلاق الساميات.

بدا الأمر مدبراً بليل؛ فلم يكن زلة لسان أو سبق غضب ناجم عن رؤية نقاب على وجه صبية "ليست جميلة"، يشعله علم "غزير" يفوق "علم الصغيرة وآبائها"، بل كان حصان طروادة الذي كسر باب الحصن، وسرعان ما تسلل جنود الغارة، وقيل عند البعض إنها كانت وسيلة لصرف الأنظار عن الأقصى ومصيبتنا فيه، ولعل واقع الحادثة قد أفضى إلى شيء من ذلك بالفعل، لكن الأمر يفوق أن يكون مشجباً نعلق عليه جميعنا، برنا وفاجرنا، تقصيرنا تجاه مسرى النبي صلى الله عليه وسلم وقبلتنا الأولى؛ فإن كان في الحقيقة قد ألقى بظلال داكنات على المأساة في إحدى البلدان العربية الهامة، والتي شهدت حروباً مع الكيان الصهيوني بما لم يشهده بلد عربي وإسلامي آخر، إلا أنه يعبر عن أزمة يصدرها الجميع للجميع؛ فالبعض رأي في النقاب معوقاً عن الانطلاق في الجامعات، وهم قد خرجوا بالجامعات العربية كلية تقريباً من التصنيفات العالمية، لا بسبب النقاب، وإنما بسبب الأساليب العقيمة في التعليم وتنكب طرق الفاشلين، والفساد الإداري والمالي، والتسيب الدراسي، وما إلى ذلك.

والبعض يتعاطى مع مسألة النقاب كأزمة منعت "تحرير الأقصى"، والأمر لا هو هذا ولا ذاك، لكنه تعبير عن الإخفاق، وتشويش على الاستحقاق المبدئي في تناول مسألة كهذه، وخطوة نحو التغريب، وتماهٍ مع تطلعات الغرب وأمنياته في "إدماج" مسلماتنا في مجتمعه، وإدماجهن هنا لدينا في فلكه المتسع باتساع حدود "الاستعمار" غير المرئية.

المصدر: المسلم