بين الأعلام و مرجئة السلطان - علماء السوء
* قال ابن تيمية رحمه الله، في الفتاوى :
( ومَتى ترَك العَالِمُ ما عَلِمَه، من كتاب الله، وسُنَّةِ رسولِه، واتَّبع حُكمَ الحاكمِ المُخالف لحُكم اللهِ ورسِوله؛ كان مُرتدًّا كافرًا، يَستحقُّ العقوبةَ في الدنيا والآخرة، قال تعالى :
{ اتَّبِعوا ما أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعوا مِنْ دونِهِ أوْلِياءَ } ولو ضُرب وحُبس وأُوذي بأنواع الأذى، ليدَع ما عَلِمه من شرع الله ورسوله، الذي يجب اتباعُه، واتبَع حُكمَ غيره؛ كان مُستحقًا لعذاب الله .. بل عليه أن يَصبر، وإن أوذي في الله؛ فهذه سُنة الله في الأنبياء وأتباعهم ... هذا كله باتفاق المسلمين ).
قلتُ :
هذا في حقِّ مَن ألزمَه الحاكمُ كلمةَ الباطل، وكان مما خالفَ حُكمًا واضحًا في الشرع .. فكيف بمَن تنفَّل .. وتطوَّع .. وتصدَّر ؟!
فضلًا .. عمَّن نافقَ .. وداهَن .. وتحوَّل !
* وقال ابن عثيمين رحمه الله :
( وعلماء السوء الذين يَدْعُون إلى الضلال والكفر، أو يَدْعُون إلى البدع،وإلى تحليل ما حرَّم الله، أو تحريم ما أحلَّ الله ؛ طواغيت ! والذين يُزيّنون لولاة الأمر؛ الخروجَ عن شريعة الإسلام؛ طواغيت ! لأن هؤلاء تجاوزوا حدَّهم .. فإن حدَّ العالِم؛ أن يكون مُتبعًا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن العلماء حقيقةً، ورثةُ الأنبياء، يرثونَهم في أمَّتهم علمًا، وعملًا، وأخلاقًا، ودعوةً، وتعليمًا ! فإذا تجاوزوا هذا الحدَّ، وصاروا يُزينون للحُكام الخروجَ عن شريعة الإسلام، بمثل هذه النُّظم؛ فهم طواغيت ).
انظر: مجموع الفتاوى والرسائل
* وقال ابن مُفلح رحمه الله، في الآداب الشرعية :
( " قال مُهَنَّا: سألتُ أحمدَ بن حنبل؛ عن إبراهيم بن الهَروي .. فقال: رجلٌ وَسِخ .. فقلت: ما قولُك : إنه وسِخ ؟! قال: مَن يَتْبَعُ الولاةَ والقُضاة؛ فهو وسِخ ".
وكان هذا رأي جماعة من السلف، وكلامهم في ذلك مشهور؛ منهم: سُويد بن غفلة، وطاوس، والنخَعي، وأبو حازم الأعرج، والثوري، والفُضيل بن عياض، وابن المبارك، وداود الطائي، وعبد الله بن إدريس، وبشر بن الحارث الحافي، وغيرهم ).
قلتُ :
وأمَّا المُكرَه منهم بيَقين، وكلّ مَن كان له عُذرٌ خَفِيّ مُعتبَر؛ فيَلقَى اللهَ بعُذرِه، وهو تعالَى يَتولَّى السرائر، ويَعلم ما تُخفِي الصُّدور !
وأما الصامتون الساكتون :
فليس كلّ سكوتٍ رُخصة .. ولا كلّ اعتزالٍ حُجَّة !
وفي الجملة :
فالصمت والسكوت؛ إنما يكون في مشهدٍ أو موقفٍ أو عارِض !
أمّا أن يصير حالةً مُستقرّة، وعادةً مُستحكِمة - خاصة مع تكاثر المحرمات الظاهرة، بل وظهور النواقض الصارخة للإيمان - ؛ فهذا ليس من دين المسلمين !
ولم يكن هذا حال من سكت من السابقين .. فإن صمتهم كان عارضًا في مشهد، وليس وصفًا لازمًا !
وأمّا العلماء المُنكرِون الثابتون :
فهؤلاء الذين اصطفَى الله وعصَم، ولكلٍّ أجرُه على قدْر نُصرتِه للحقّ !
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: