من يفكر للحركات الإسلامية؟ و أين مراكز بحوثها السياسية؟

منذ 2016-01-07

كلنا يعلم من يفكر ويضع الدراسات لمخططى القوى الكبرى المتشابكة فى منطقتنا، فأين مراكز البحوث التى تفكر للقوى الرئيسية المتبنية لمشروع الإحياء الإسلامى؟

كلنا يعلم من يفكر ويضع الدراسات لمخططى القوى الكبرى المتشابكة فى منطقتنا العربية مثل دول الاتحاد الأوروبى والناتو والولايات المتحدة وإيران وتركيا، فكل هذه الدول لها مراكز أبحاثها الحكومية وغير الحكومية، التى تفكر لها وتضع لها الدراسات، فهى بمثابة بيوت خبرة سياسية واستراتيجية  "think tank" ، فأين مراكز البحوث التى تفكر للقوى الرئيسية المتبنية لمشروع الإحياء الإسلامى، ومن يضع لها الدراسات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية وغيرها، كى يستنير بها المخططون؟

يوجد على الساحة الآن، القوى التالية:
"تنظيم الدولة"
"شبكة تنظيمات القاعدة" 
"الإخوان المسلمون" 
"منظمات الجهاد المحلى"
"السلفية الحركية"

وكلها تعلن أنها تسعى لتحقيق عملية الإحياء الإسلامى، وكلها تخوض الصراع الساخن الدائر على أشده فى أفغانستان وباكستان وإيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن، وكل الدول العربية فى إفريقيا تقريبًا، بالإضافة إلى مالى ونيجيريا وأثيوبيا وغيرها، فما المراكز البحثية المتفرغة للبحث والدراسة والتفكير ليل نهار لقادة هذه القوى كلها، أو بعضها؟

لا يوجد "تقريبًا"..

هناك حفنة صغيرة جدًا من مراكز البحوث الإسلامية ولكنها مع قلتها الشديدة فهى تتسم بعدد من الخصائص السلبية جدًا وأهمها أمرين: 

الأول، هناك حركة إسلامية مشهورة لها عدد من مراكز الأبحاث ــ رغم قلتها البالغة بالنسبة لحجم وأهمية الجماعة ــ إلا أنها أكثر المراكز البحثية الإسلامية العربية، لكن مراكزها البحثية تضعفها الآفة المشهورة، التى تضرب كافة مؤسسات هذه الحركة فى كل زمان ومكان، وهى أن جوهر وظيفة أى منها ليس هو تحقيق أهدافها المعلنة وإنما هدفها إتاحة فرصة عمل لأعضاء الجماعة وأحيانًا قلة من أصدقاء الجماعة المقربين ممن أعلنوا تخصصهم أو امتهانهم لهذا العمل، (الذى هو مجال معلن لعمل المؤسسة) ولا يهمهم مدى كفاءة الأشخاص هؤلاء ولا قدرتهم على تحقيق أهداف المؤسسة المعلنة..

الشىء المهم الوحيد هو الولاء للجماعة..

وهذا الأمر يفشل دائمًا مؤسسات هذه الحركة الإسلامية فلا تكاد تحقق أى من مؤسساتها أهدافها المعلنة، وإن نجحت فى الهدف غير المعلن وهو تشغيل أعضاء الجماعة، ولذلك فإن الجو العام حول هذه الجماعة يوحى بأن لديها مؤسسات متخصصة فى البحوث السياسية والاجتماعية و الإعلام والإدارة.. إلخ، وبالتالى تملك كوادر متخصصة فى معظم المجالات إلا أنهم فى حقيقة الأمر كوادر ضعيفة فى تخصصها حسبما أثبت الواقع عند اختبار المشكلات لهم فى أكثر من بلد عربى.
 وهناك عدد أقل من مراكز البحوث تتبع جماعات إسلامية أخرى أصغر وهذه قد تعد على أصابع اليد وبها نفس الآفة السابقة، فضلًا عن ضعفها وصغرها.
الأمر الثاني، هناك مراكز بحوث أقل من كل السابق لا تتبع جماعة ما ولكنها رهينة الأشخاص الذين يمولونها فلا يبحثون إلا من يريد الممول أن يبحثوه، فأبحاثهم لا تستجيب لمشكلات واقع العمل الإسلامى ومتطلباته وإنما تستجيب لرغبات المموليين، والذين غالبًا ما تكون رغباتهم غير مهمة للعمل الإسلامى والتحديات التى تواجهه.
 ربما الحل هو تكوين وقفية إسلامية لمركز بحثى كهذا بحيث لا يرتهن للممولين ولكن تبقى مشكلة أن يديره من يسند الأعمال فيه لذوى الكفاءة وليس ذوى الولاء التنظيمى أو الحزبى، وهذه مشكلة لا أعرف ما الحل لها، رغم أن تكوين الوقفية نفسها وإدارتها هو أمر تكتنفه العديد من الصعوبات. 
والعجيب أن أوروبا وأمريكا أخذوا نظام الوقف من الدين الإسلامى والحضارة الإسلامية، إلا أنهم يطبقونه الآن، أفضل من حالنا نحن الآن.

 

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري