بين الأعلام و مرجئة السلطان - أين أنتم من هؤلاء ؟!
إلى شيوخ السلطان: أين أنتم من هؤلاء ؟!
* أخرج ابن أبي شيبة، بإسناده في مُصنَّفه :
( عن أبي جعفر قال: كان الحسنُ بن علي، يسُبُّ مروان - ولي الأمر - في وجهه، وهو على المنبر ).
* وذكر الغزاليّ رحمه الله، في الإحياء :
( ورُوي أن معاوية - رضي الله عنه - حبسَ العطاء، فقام إليه أبو مسلم الخولاني فقال له: يا معاوية؛ إنه ليس من كدِّك، ولا من كدِّ أبيك، ولا من كدِّ أمك .. قال: فغضب معاوية ونزل عن المنبر، وقال لهم: مَكانكم .. وغاب عن أعينهم ساعةً، ثم خرج عليهم وقد اغتسل، فقال: إن أبا مسلم كلَّمني بكلامٍ أغضبَني ... وإني دخلتُ فاغتسلتُ، وصدق أبو مسلم: أنه ليس من كدِّي، ولا من كدِّ أبي، فهَلمُّوا إلى عطائكم ).
* وذكر الغزاليّ كذلك في الإحياء :
عن حطيط الزيَّات رحمه الله، لمَّا سألَه الحجَّاج: ( قال: فما تقول فيَّ ؟! قال: أقول إنك من أعداء الله في الأرض، تَنتهكُ المحارم، وتَقتل بالظِّنَّة .. قال: فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ؟!
قال: أقول إنه أعظم جُرمًا منك، وإنما أنت خطيئةٌ من خطاياه ).
* وذكر أبو يعلى رحمه الله، في الأحكام السلطانية :
عن الإمام أحمد رحمه الله، قال في المأمون: ( وأيّ بلاءٍ كان أكبر من الذي كان أحدثَ عدوُّ الله، وعدوُّ الإسلام، من إماتةٍ للسُّنة ؟! وكان إذا ذكَر المأمونَ، يقول: كان لا مأمون ).
* وقال الضياء المَقدسي، متحدثًا عن الحافظ عبدالغني المقدسي:
( وسمعتُ أبا بكر بن أحمد الطحان قال :
كان في دولة الأفضل بن صلاح الدين، قد جعلوا الملاهي عند درج جيرون، فجاء الحافظ فكسر شيئًا كثيرًا منها، ثم جاء فصعد المنبر يقرأ الحديث، فجاء إليه رسولٌ من القاضي يأمره بالمَشي إليه .. يقول: حتى يُناظره في الدُّف والشبابة .. فقال الحافظ: ذلك عندي حرام، وقال: أنا لا أمشي إليه، إن كان له حاجة؛ فيجيء هو .. ثم قرأ الحديث. فعاد الرسول فقال: قد قال: لا بدَّ من المَشي إليه، أنت قد بَطلتَ هذه الأشياء على السلطان، فقال الحافظ: ضرب الله رقبتَه، ورقبةَ السلطان !
قال: فمضَى الرسولُ، وخِفنا أن تجري فتنة، فما جاء أحدٌ بعد ذلك ).
انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب
** وقد أجمل ابن القيّم الكلام في هذا المقام العالي، فقال :
( قال عُبادة بن الصامت وغيره: " بايَعنا رسولَ الله؛ على أن نقول بالحقِّ حيث كنَّا، ولا نَخاف في الله لومةَ لائم " ... !
ثم علَّق ابنُ القيّم قائلًا - :
( ونحن نَشهد بالله؛ أنهم وَفّوا بهذه البَيعة، وقالوا بالحقّ، وصدَعوا به، ولم تأخذْهم في الله لَومة لائم، ولم يَكتموا شيئًا منه مَخافة سَوطٍ ولا عصا، ولا أمير ولا والٍ، كما هو معلوم لمَن تأمَّله من هديهم وسيرتهم .. فقد أنكر أبو سعيد على مروان، وهو أمير على المدينة، وأنكر عبادةُ بن الصامت على معاوية، وهو خليفة، وأنكر ابنُ عمر على الحجَّاج مع سَطوته وبأسِه، وأنكر على عمرو بن سعيد، وهو أمير على المدينة!
وهذا كثيرٌ جدًّا مِن إنكارهم على الأمراء والوُلاة؛ إذا خَرجوا عن العدْل، لم يخافوا سَوطهم ولا عقوبتهم !
ومَن بعدهم: لم تكن لهم هذه المنزلة، بل كانوا يتركون كثيرًا من الحق؛ خوفًا من ولاة الظلم، وأمراء الجور ).انظر: [إعلام المُوقّعين]
قلتُ :
فإذا كان هذا إنكار الربّانيين على الوُلاة الشَّرعيين؛ لخروجهم عن العدل .. فكيف بوُلاة الصهاينة والصليبيين؛ الذين غاصُوا في الكُفر وسَبَحوا؟!
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: