كيف تصرفت في هذه المحنة؟

منذ 2009-12-04

..والآن يا أختي الفاضلة... قد تحدث لزوجك مشكلة، فيجب عليك أن تشوري عليه بالمشورة التي ترضي الله ورسوله..


قد يجابه الإنسان في حياته الكثير من المشاكل المتعددة ونظراً لذلك ينطلق إلى من يتوسم فيهم الخير والصلاح من ذوي الرأي والمشورة وعلى ضوء مشورتهم يبدأ تدريجياً في حل مشكلته.

ففي غزوة الحديبية عقد الرسول صلى الله عليه وسلم صلحاً مع المشركين، وكان من بنود ذلك الصلح:
-أن يرجع المسلمون هذا العام ويعودون في العام القادم لأداء العمرة.

-من جاء من مكة إلى رسول صلى الله عليه وسلم في المدينة فيجب إعادته مرة ثانية إلى مكة أما من جاء من المدينة إلى مكة فلا يعاد.

هذا من بعض بنود الصلح... وكان رسول صلى الله عليه وسلم محرماً وقد ساق الهدي معه...


ولما فرغ رسول صلى الله عليه وسلم من الصلح قال لأصحابه: « قوموا فانحروا ثم احلقوا ».

وهو أراد بذلك أن يتحللوا من إحرامهم ثم يعودوا إلى المدينة، ولكن الصحابة رضي الله عنهم لم يقم أحد منهم... لأنهم اعتقدوا بأن بنود الصلح جائرة وهي لصالح المشركين ولم يعلموا رضي الله عنهم ببعد نظرالرسول صلى الله عليه وسلم

حيث كان هذا الصلح تمهيداً مباركاً، للفتح الإسلامي العظيم.
وأعاد عليهم مرة ثانية... وثالثة، ولكنهم لم يقوموا أيضاً سبحان الله... هذا ليس من ديدن الصحابة رضي الله عنهم، ولكننا قد لا نؤاخذهم بما يرونه بالنظرة القصيرة.
لأنهم سيرجعون دون أن تكتحل عيونهم برؤية بيت الله الحرام... يطوفون حوله... ويتضرعون إلى الله تعالى عند الملتزم ويؤدون مناسك العمرة... فتشتاق النفس للطواف... والصلاة لله رب العالمين.


فهل تلومين الصحابة!؟ أما أنا فلا ألوم ما في نفوسهم. ولكن طاعة القائد واجبة… فما بالك إذا كان القائد خاتم الأنبياء والمرسلين؟!

فيجب أن تهفو النفوس للالتزام والطاعة؟
ولكن... كيف يتصرف الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المشكلة؟

لقد تركهم... ودخل خيمته.. وكانت في الخيمة "أم سلمة " رضي الله عنها... فذكر لها ما لقي من الناس؟ فكيف تتصرف أم سلمة رضي الله عنها؟
هل تشور عليه بأن يعود ويتركهم؟ أم تشور عليه أن يقاتل المشركين كما يريد الصحابة رضي الله عنهم؟
أم تسكت ولا تبدي رأيها؟
ماذا تتوقعين يا أختي الفاضلة أن تقول أم سلمة؟

لا شك إنه موقف حرج... وفي أحلك الأوقات... فيحتاج إلى مشورة حكيمة قبل أن يستفحل الأمر.

وهذه المشورة يجب أن تخترق النفوس... فتستقر في الفكر... وتعيد القلوب مرة ثانية إلى نبعها الإيماني الخاضع لرأي رسول الله صلى اله عليه وسلم وأم سلمة لها...

فقالت: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ولا تكلم أحداً منهم كلمة... حتى تنحر "هديك" وتدعو حالقك فيحلقك.

بالله عليك، أعيدي قراءة مشورة أم سلمة مرة ثانية. بادئ الأمر أرادت أن تبين أن الأمر ليس بهين فهو محتاج إلى علاج.

فقالت: يا نبي الله أتحب ذلك؟ ثم أعطت جرعة الحل: وهو أن يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقوم بالفعل دون القول، وبالعمل دون المناقشة.
وهذه طريقة بارعة من طرق معالجة النفوس البشرية.

ولكن ما نتيجة هذه المشورة؟ لقد خرج عليه أفضل الصلاة والسلام من الخيمة فلم يكلم أحداً...

ونحر هديه... ودعا حالقه... فحلقه... نعم... لقد نفذ مشورة أم سلمة رضي الله عنها...

ولكن ماذا فعل الصحابة عندما رأوا ذلك؟ لقد قاموا... لماذا؟


انظري إليهم... إنها ينحرون هديهم
وانظري أيضاً... إنهم يحلقون بعضهم بعضاً...

الله أكبر... الله أكبر... ولله الحمد... لقد نجحت مشورة أم سلمة رضي الله عنها... لقد رضي الصحابة بالأمر الواقع.

فاندحر الشيطان الذي أراد أن يجد له مكاناً متخفياً بين النفوس الإيمانية...

وتدفقت الطاعة في القلوب... طاعة السراج المنير. قد عادت المياه... مياه الإلتزام والصحبة.

وذلك بفضل من الله تعالى ومن ثم بفضل المرأة الفاضلة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.


والآن يا أختي الفاضلة... قد تحدث لزوجك مشكلة "ونسأل الله ألا يكون ذلك"... ولكن إن وجدت... فيجب عليك أن تشوري عليه بالمشورة التي ترضي الله ورسوله، مشورة لها أبعاد إيمانية لا تضمر الكيد والوقيعة لأحد ، أبعاد نفسية وتربوية ، أبعاد عقلية .. لا عاطفية فقط .

فلعلها تكون مشورة خير بإذن الله تعالى .

وهذا من المعاني السامية للزواج المبارك.

 

المصدر: موقع قصة