من المتخلف يا معالي الوزير؟!
.. كيف نسمح لأنفسنا بالاعتراف بديانات وضعية صنعها البشر، لا تعدو كونها خيالًا أعجب صاحبها، وحالةً من حالات غياب الوعي والفكر ؟؟
16 - 2 - 2009 م
لا نكاد نفيق من صدمةٍ تُحْدِثُها تصريحات وزير الثقافة فاروق حسني
حتى نُفَاجَأَ بأخرى من العيار الثقيل، تصدم عقيدة الأمة وثوابتها
الإسلامية، حتى أصابتنا الحيرة، متسائلين: كيف يَشْغَلُ هذا الرجل
منصب وزيرٍ للثقافة، في بلد مسلم، وتَصْدُرُ عنه مثل تلك التصريحات،
التي كان آخرها مطالبته بالاعتراف بأصحاب الديانات الأرضية!
ومن المعلوم من الدين بالضرورة أنّ مطالبة السيد الوزير تُعْتَبَرُ خرقًا للثوابت الدينية، واعتداءً على الإسلام الذي لا يعترف بالديانات الأرضية، ويُهيْمِنُ على ما سبق من الكتب الإلهية، فهو الدين الذي قَبِلَهُ الله رب العالمين له دِينًا.
والغريب أن معاليه قال في تصريحاته: "إنه (يَجِبُ) قبول الديانات الأرضية، ومن لم يَقْبَلْهَا فهو مُتَخَلِّفٌ"! ولا ندري من أين أتى الوزير بهذا الإيجاب، ولا نعلم مَنِ المتخلف حقًّا، هل هم علماء وأئمة الإسلام، أم من يطالب بالاعتراف بالتخاريف والخزعبلات ؟
هل المتخلف هو الذي يعبد رب العالمين، مُؤْمِنًا بأن الله خالقه
ورازقه، وأنه خالق السموات والأرض، ومُدَبِّرُ الكون المستحق للعبادة
وحده، أم أن المتخلف هو الذي يُنْكِرُ كلَّ ذلك، ويَنْحَدِرُ بعقله-
إن كان له عَقْلٌ -لِيَعْبُدَ البقر والشجر والحجر والبشر، ويَعْمَى
قلبه وبصره، ويعيش مُلْحِدًا بلا إيمان، كالأنعام بل هو أضل؟!
والغريب أن هناك من دافع عن الوزير ومطالبته بالاعتراف بأصحاب الديانات الأرضية، والتعامل معها في إطار المصالح؛ بدعوى أن أصحاب هذه الديانات يُمَثِّلُون نصف سكان الكرة الأرضية!
وهو مبرر عجيب وغريب، يجافي العقل والمنطق، ويمثل عودَةً للجاهلية الأولى، حيث يغيب العقل، وينطمس نور الفكر، وتختل موازين النظر التي قامت عليها حضارتنا العظيمة، وسادت العالم بالعمل ونوره، في توحد هائل بين الروح والمادة، والعقل والوجدان، في حضارة الإسلام العظيم.
كيف نسمح لأنفسنا بالاعتراف بديانات وضعية صنعها البشر، لا تعدو كونها
خيالًا أعجب صاحبها، وحالةً من حالات غياب الوعي والفكر سيطرتْ على
عقله، ثم جعلها دينًا يحتكم إليه ويعول عليه في شئون حياته!
حتى وجدنا من يعبد الفئران، والصراصير، والأصنام، والأحجار، والثعابين، والخفافيش، والبقر، والماعز! وكل من تراءى له شيء عبده، وجعله إلهه الذي يحتمي بظله ويأنس بقوته، ولو كان صرصورا في مزبلة!!
بل إننا لنجد في بلد واحد مثل الهند أكثر من سبعين ديانة، فهل نعترف بكل هذه التخاريف من أجل التعامل مع أصحابها؟!
إن الواجب علينا تجاه أصحاب هذه الديانات أنْ نُبَصِّرَهُم بالنور،
وندعوهم إلى الإسلام، بعيدًا عن الظلام والجهل الذي يعيشون فيه،
ونتعامل معهم بالحسنى في البيع والشراء والتجارة، فقد دخل الإسلام
الهندَ عبر القلوب الرحيمة والمعاملات الحسنة، بلا سيف يتحكم، ولا قوة
تتسلط، بل بسلوكيات التجار المسلمين، حتى أضحى عدد المسلمين في الهند
اليوم أكثر من 120 مليون مسلم.
وأما مسايرة أصحاب الملل الباطلة، من خلال الاعتراف بترهاتهم، فذلك نَوْعٌ من الخبل والضلال، (يجب) أن ينأى عنه معالي الوزير.
وكان (واجبًا) على الحكومة أن توقف هذا الرجل وتحاسبه قبل عامين،
عندما انتقد حجاب المرأة المسلمة ، معتبرًا إياه "عودةً إلى
الوراء"!
وعندما طالب نواب البرلمان حينها بمحاسبته، ردَّدَ البعض بأن ما قاله وزير الثقافة كان رأيًا شخصيًّا، وكأن شخص الوزير منفصلٌ عن مسئوليته وتصرفاته، وكأن الحكومة غيرُ مَعْنِيَّةٍ بتصريحاته وتصرفاته المناقضة للثوابت الإسلامية، رغم أنها مسئولةٌ عن تنصيبه في هذا الموقع الذي يدير العقول ويوجه الثقافة التي هي ميدان الفكر والعقل!
ولكن للأسف -كما يُرَوَّجُ على أكثر من صعيد واتجاه- يلقى وزير الثقافة دعمًا سياسيًّا في كل مرة يُهَاجِمُ فيها الثوابت الإسلامية، وكأننا في بلد علماني فاسد لا يدين بالإسلام، ويتستر على الفساد!
حتى على صعيد ممارسات هذا الوزير من خلال منصبه، لا نجد لها أثرًا إلا
زيادة تراجع الدور الثقافي الريادي لمصر، وغياب ما يسميه المحللون
(القوة الناعمة) عن مصر، التي كانت في يوم من الأيام رائدةَ الثقافة
في المنطقة، حتى حَلَّ علينا وزيرٌ كان ينبغي محاكمته منذ أربع سنوات،
أو إقالته، بعد حريق قصر ثقافة بني سويف بصعيد مصر عام 2005، الذي راح
ضحيته 46 شَخْصًا..والأغرب أنّ وزير الثقافة قدم استقالته فِعْلًا،
ولكنّ رئيس الوزراء أحمد نظيف رفضها، وطالبه بالاستمرار في عمله
التنويري(...) وكأن مصر عقمتْ أن تلد مثل معاليه!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
- التصنيف: