مع القرآن - أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ

منذ 2016-02-02

أمر تعالى بتدبر كتابه و تأمل ما فيه من أوامر و نواهي و بيان مصالح و بيان مفاسد و ميزان عدل توزن به الأمور و أخبار السابقين نبأ اللاحقين و تفسير ماهية الدنيا و الآخرة .
فبتدبر القرآن يعلم الإنسان من هو و أين هو و إلى أين سيذهب .
و بتدبر القرآن يتعلم الإنسان من تجارب و أخبار السابقين كما يتعظ بالحكم و المواعظ التي ترشد و تشير و تنير له الطريق و هنا يكتسب المرء البصيرة والنور الذي يرى به الحق و يعرفه و يفرق بينه و بين الباطل و هذا البيان و هذا الترتيب و الصدق و الثبات و الاتساق يدل على أن القرآن كتاب الله و لو كان من عند غيره لوجدوا التعارض و التناقض و اختلاف بل و اختلال الميزان .
قال تعالى :
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا } [النساء 82] .
قال السعدي في تفسيره : 
يأمر تعالى بتدبر كتابه، وهو التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم، ذلك فإن تدبر كتاب الله مفتاح للعلوم والمعارف، وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم، وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته. فإنه يعرِّف بالرب المعبود، وما له من صفات الكمال; وما ينزه عنه من سمات النقص، ويعرِّف الطريق الموصلة إليه وصفة أهلها، وما لهم عند القدوم عليه، ويعرِّف العدو الذي هو العدو على الحقيقة، والطريق الموصلة إلى العذاب، وصفة أهلها، وما لهم عند وجود أسباب العقاب.
وكلما ازداد العبد تأملا فيه ازداد علما وعملا وبصيرة، لذلك أمر الله بذلك وحث عليه وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن، كما قال تعالى: { كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ } وقال تعالى: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } .
ومن فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين والعلم بأنه كلام الله، لأنه يراه يصدق بعضه بعضا، ويوافق بعضه بعضا. فترى الحكم والقصة والإخبارات تعاد في القرآن في عدة مواضع، كلها متوافقة متصادقة، لا ينقض بعضها بعضا، فبذلك يعلم كمال القرآن وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور، فلذلك قال تعالى: { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا } أي: فلما كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلا.
أبو الهيثم

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
اللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ
المقال التالي
فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا