مع القرآن - وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ

تفضل من الله على عباده  بزيادة الخير  و الثبات على الحق بعد توفيقه لهم بالهداية .
  و زيادة  العطاء يجده العبد  في استدامة تذكر نعم الله التي لا تحصى على العبد و شكره عليها و حمده و الثناء عليه بما هو أهله .
و من أجل نعم الله على العبد هدايته لصراطه المستقيم و تفضله على عبده بالارتباط بميثاقه و الثبات على الطاعة و الإذعان لأمره سبحانه .
وكما أنه مطلع على الطاعة و الشكر فعلى العبد أن يحذر من علم الله و إحاطته بآثامه و خطاياه و إن زلت القدم و وقع العبد في ذل العصية فليبادر بالتوبة و الدخول في عز الطاعة فالله عليم بذات الصدور مطلع على خفايا القلوب .
قال تعالى :
{ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [المائدة 7] .
قال السعدي في تفسيره :
يأمر تعالى عباده بذكر نعمه الدينية والدنيوية، بقلوبهم وألسنتهم. فإن في استدامة ذكرها داعيا لشكر الله تعالى ومحبته، وامتلاء القلب من إحسانه. وفيه زوال للعجب من النفس بالنعم الدينية، وزيادة لفضل الله وإحسانه. و { مِيثَاقَه } أي: واذكروا ميثاقه { الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ } أي: عهده الذي أخذه عليكم.
وليس المراد بذلك أنهم لفظوا ونطقوا بالعهد والميثاق، وإنما المراد بذلك أنهم بإيمانهم بالله ورسوله قد التزموا طاعتهما، ولهذا قال: { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي: سمعنا ما دعوتنا به من آياتك القرآنية والكونية، سمع فهم وإذعان وانقياد. وأطعنا ما أمرتنا به بالامتثال، وما نهيتنا عنه بالاجتناب. وهذا شامل لجميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة.
وأن المؤمنين يذكرون في ذلك عهد الله وميثاقه عليهم، وتكون منهم على بال، ويحرصون على أداء ما أُمِرُوا به كاملا غير ناقص.
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } في جميع أحوالكم { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي: بما تنطوي عليه من الأفكار والأسرار والخواطر. فاحذروا أن يطلع من قلوبكم على أمر لا يرضاه، أو يصدر منكم ما يكرهه، واعمروا قلوبكم بمعرفته ومحبته والنصح لعباده. فإنكم -إن كنتم كذلك- غفر لكم السيئات، وضاعف لكم الحسنات، لعلمه بصلاح قلوبكم.
أبو الهيثم