مع القرآن - يسعون في الأرض فساداً

منذ 2016-03-13

يحاربون الله و رسوله
يسعون في الأرض فساداً 
هذه صفة أهل الحرابة 
و هؤلاء حتى لو تابوا فالحكم ثابت عليهم و توبتهم إلى الله تعالى تنفعهم في الآخرة أما أحكام الدنيا فتسري عليهم بما أفسدوا و قتلوا و حاربوا شريعة الله و دينه .
و السؤال الآن : ترى كم من محارب لله و رسوله مفسد في الأرض غرته دنياه و غره حلم الله فتمادى في غيه و لم يتب أو ينته حتى أتاه الموت و هو على تلك الحالة من الإصرار ؟؟؟!!!!!
و كيف موقفهم أمام الملك سبحانه يوم الحساب ؟؟!!!!
بغض النظر عن ألقابهم في الدنيا سواء كانوا أهل رئاسات و ملك أم كانوا موسومون بالإجرام فالمحصلة واحدة : هم أمام الله مجرمون.
قال تعالى :
{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة 33 ، 34 ]  .
قال السعدي في تفسيره : 
المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارزوه بالعداوة، وأفسدوا في الأرض  بالكفر والقتل، وأخذ الأموال، وإخافة السبل.
والمشهور أن هذه الآية الكريمة في أحكام قطاع الطريق، الذين يعرضون للناس في القرى والبوادي، فيغصبونهم أموالهم، ويقتلونهم، ويخيفونهم، فيمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها، فتنقطع بذلك.
فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم -عند إقامة الحد عليهم- أن يفعل بهم واحد من هذه الأمور.
واختلف المفسرون: هل ذلك على التخيير، وأن كل قاطع طريق يفعل به الإمام أو نائبه ما رآه المصلحة من هذه الأمور المذكورة؟ وهذا ظاهر اللفظ، أو أن عقوبتهم تكون بحسب جرائمهم، فكل جريمة لها قسط يقابلها، كما تدل عليه الآية بحكمتها وموافقتها لحكمة الله تعالى. وأنهم إن قتلوا وأخذوا مالا تحتم قتلُهم وصلبهم، حتى يشتهروا ويختزوا ويرتدع غيرهم.
وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا تحتم قتلهم فقط. وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا تحتم أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، اليد اليمنى والرجل اليسرى. وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا، ولا أخذوا مالا نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون في بلد حتى تظهر توبتهم. وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه وكثير من الأئمة، على اختلاف في بعض التفاصيل.
{ ذَلِكَ } النكال { لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا } أي: فضيحة وعار { وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فدل هذا أن قطع الطريق من أعظم الذنوب، موجب لفضيحة الدنيا وعذاب الآخرة، وأن فاعله محارب لله ولرسوله.
وإذا كان هذا شأن عظم هذه الجريمة، علم أن تطهير الأرض من المفسدين، وتأمين السبل والطرق، عن القتل، وأخذ الأموال، وإخافة الناس، من أعظم الحسنات وأجل الطاعات، وأنه إصلاح في الأرض، كما أن ضده إفساد في الأرض.
{ إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ } أي: من هؤلاء المحاربين، { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي: فيسقط عنه ما كان لله، من تحتم القتل والصلب والقطع والنفي، ومن حق الآدمي أيضا، إن كان المحارب كافرا ثم أسلم، فإن كان المحارب مسلما فإن حق الآدمي، لا يسقط عنه من القتل وأخذ المال. ودل مفهوم الآية على أن توبة المحارب -بعد القدرة عليه- أنها لا تسقط عنه شيئا، والحكمة في ذلك ظاهرة.
وإذا كانت التوبة قبل القدرة عليه، تمنع من إقامة الحد في الحرابة، فغيرها من الحدود -إذا تاب من فعلها، قبل القدرة عليه- من باب أولى.
أبو الهيثم

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
رد المقتول على القاتل
المقال التالي
الفوز من نصيب المفلحين