ملاحقة لا تستثني النساء في الضفة الغربية

منذ 2010-02-16

الأسبوع الماضي قامت الأجهزة الأمنية التابعة نظرياً للسلطة الفلسطينية، وواقعياً للجنرال الأمريكي كيث دايتون بمداهمة بيت الأسير أحمد نبهان صقر، واعتقال زوجته أمام أبنائها، ولم يشفع لها بالطبع أن يكون زوجها ممن أمضوا ما يزيد عن عشر سنوات في السجون...


الأسبوع الماضي قامت الأجهزة الأمنية التابعة نظرياً للسلطة الفلسطينية، وواقعياً للجنرال الأمريكي كيث دايتون بمداهمة بيت الأسير أحمد نبهان صقر (أبو بصير)، واعتقال زوجته أمام أبنائها، ولم يشفع لها بالطبع أن يكون زوجها ممن أمضوا ما يزيد عن عشر سنوات في سجون الاحتلال، وما يقرب من عامين في سجون السلطة أيام أوسلو الأولى.


هذه الحادثة ليست الأولى، ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة، لأن ملاحقة النساء، ومن ضمنهن زوجات وشقيقات الأسرى لم تتوقف فصولاً في الضفة الغربية منذ ثلاثة أعوام، الأمر الذي يُعد من مزايا السلطة الجديدة التي ورثت ياسر عرفات، إذ لم يسبق للأجهزة الأمنية أن تجرأت على النساء قبل أن يتولى مهمة الإشراف عليها الجنرال دايتون.

في مقابلته مطلع هذا الشهر مع صحيفة الغارديان البريطانية، دافع الرئيس الفلسطيني عن الحملة التي تشنها الأجهزة الأمنية ضد عناصر وقيادات حركة حماس بالقول إننا "لا نريد أن نسجن الأعضاء السياسيين في حركة حماس، بل الأفراد الذين يستفزون الوضع الأمني، حتى لو كانوا أعضاءً في حركة فتح".


والحق أن الغالبية الساحقة من المعتقلين الذين يدخلون ويخرجون (بعضهم لم يخرج منذ شهور طويلة)، لا علاقة لهم البتة بأي شكل من أشكال النشاط العسكري، بل هم نشطاء في الميدان السياسي والاجتماعي (كثير منهم طلبة جامعات)، مع أن الغالبية الساحقة منهم، وهنا المفارقة المحزنة، لم يعودوا يقومون بأي نشاط مهما كان، بما في ذلك أداء صلاة الجماعة في المسجد، تلك التي ستؤدي إما إلى اعتقالهم من جديد، أو التسبب بأذى لكل من يسلم عليهم من الناس في المسجد.

ما ينبغي التذكير به هنا هو أن المتهمين بممارسة أو حتى التفكير بأي نشاط عسكري لا يُتركون للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، بل تتولى أمرهم سلطات الاحتلال، وحتى لو اعتقل أحدهم من قبل الأولى، فإنها ما تلبث أن تطلق سراحه لتعتقله الثانية، فيما تكون المعلومات التي انتزعت منه قد سبقته إلى مسالخ التحقيق والتعذيب، وبالطبع وفاء بالتزامات خريطة الطريق المتعلقة بالتنسيق الأمني، مع أن المحتلين لا يثقون دائماً بهذا التنسيق الرسمي، إذ يفتحون خطوطاً مباشرة مع كثير من الضباط، وعموماً فإن من يملك القابلية النفسية لاعتقال وتعذيب خيرة مجاهدي ورموز الشعب الفلسطيني، لن يتورع عن التعامل مع المحتلين بالطريقة التي يريدونها، مع العلم أن أكثر من 7 آلاف ضابط من الأجهزة الأمنية القديمة قد أحيلوا إلى التقاعد حتى يتم التخلص من أية رائحة وطنية في صفوف أجهزة الأمن التي يجري تعبئتها بعناصر من ماركة "الفلسطيني الجديد" التي اخترعها وأشرف على بنائها الجنرال دايتون، مع أننا لا نعمم الحكم بشكل شامل.

ما يجري لنساء الأسرى والمجاهدين وعائلاتهم وأبنائهم، بمن في ذلك أبناء وعائلات نواب التشريعي هو مما يدمي القلب، ومرة أخرى نقول إن الرد على هذا الكلام بالقول إن ثمة اعتقالات في قطاع غزة هو تبرير للجرائم سيسأل عنه أصحابه يوم الدين، لا سيما أن الموقفين لا يستويان بحال من الأحوال، بدليل أن اعتقال واحد في القطاع لا يمكن أن يمر مرور الكرام، بينما تتواصل الاعتقالات يومياً من قبل أجهزة الضفة من دون أن يلتفت إليها أحد.


والحال أن ثمة مخطط تحطيم وإعادة تشكيل، ليس لحماس فقط، بل لعموم الناس في الضفة الغربية، وبالطبع على مقاس نظريات رفض المقاومة و"المفاوضات حياة" والدولة المؤقتة، وهو مخطط يتولى جانبه الأمني الأمني الجنرال دايتون، بينما يتولى جانبه الاقتصادي "العزيز" توني بلير، الذي لا يتورع عن القول على مسمع العالم أجمع إنه ليس نادماً على احتلال العراق رغم علمه بأنه لا يملك أسلحة دمار شامل، وهو احتلال يدرك الجميع أنه تم لحساب الدولة العبرية أيضاً.

هو مخطط قمع منهجي طال خيرة أبناء فلسطين، كما طال مؤسسات كانت تعمل في خدمته، وكل ذلك ضمن برنامج التحطيم وبث الإحباط الذي يفضي إلى القبول بالفتات الذي يعرضه الاحتلال، لكنه برنامج مآله الفشل مهما طال أو تطاول من يقفون خلفه.

 

 

المصدر: ياسر الزعاترة - صحيفة الدستور الأردنية