نقاء!

منذ 2016-04-06

ورب درهم سبق "ألف" درهم!

رأيتها واقفة في الصباح الباكر تحمل في يدها "بطانية"، ثم رأيته قادماً من الإتجاه الأخر نحوها مباشرة، ذلك الشاب الصغير "الهائم" علي وجهه دائماً في منطقتنا الهادئة، ملابسه قليلة ولاتتلائم مع الجو شديد البرودة، لايتحدث أبداً، تقدم منها وأخذ "البطانية" ولأول مرة أرى ابتسامته وهو يهز رأسه شاكراً، وجهه مريح فعلاً رغم كل شئ ...

حمل "بطانيته" وأحلامه "الصغيرة" وتركها وانصرف وهو ينظر حوله كعادته بشعره المرسل وعقله "المتعب" الذي هزمته الحياة والبشر! بدأت في الإنصراف ففوجئت بوجودي فتبادلنا السلام في هدوء ...

هي امرأة كبيرة فقيرة وشبه معدمة تسكن في حجرة أسفل إحدي العمارات وبالكاد تعيش يومها مع من تبقي معها من أولادها! لكنها أحست بهذا الصغير الهائم وتحركت عاطفتها تجاهه فتصدقت "بالكثير"! نعم فهذه البطانية "القديمة" هي "كثير" بالنسبة لها! ورب درهم سبق "الف" درهم!

كان المشهد "نضيفا" تماماً رغم كم "القبح" الذي نعيشه وشعرت للحظات أن الزمن قد توقف وأن أهل السماء يراقبون المشهد ويستغفرون لها ... ورغم أنها من "المجهولين" في الأرض ومن الذين يعيشون علي "هامش" صفحة الحياة إلا أنها وبكل تأكيد من "المعروفين" في السماء وكفى به فوزاً عظيماً ... كفى به فوزاً عظيماً!
||
عن "المجهولين" في الأرض "المعروفين" في السماء!

وسام الشاذلي

حاصل علي الماجيستير المهني والدكتوراة المهنية في إدارة الأعمال تخصص إدارة المشروعات