القرآن لطائف وأحكام - كُفران النِّعم

منذ 2016-04-10

من كُفران النِّعم، إعانة الظالم ولو كان حاكمًا ..!

في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلمُجْرِمِينَ}[القصص:17]..!

ذكرَ الإمام القرطبيّ رحمه الله: "وقال عبيد الله بن الوليد الوصّافي: قلت لعطاء بن أبي رباح: إن لي أخًا يأخذ بقلمِه - أي قلم الحاكِم -، وإنما يَحسب ما يدخل ويخرج، وله عيال، ولو ترك ذلك لاحتاج وادّان..؟!
فقال: مَن الرأس؟
قلت: خالد بن عبد الله القَسْري - أحد أمراء بني أميّة، وكان فيه ظلم-.
قال: أما تقرأ ما قال العبدُ الصالح: {ربِّ بما أنعمتَ عليَّ فلَن أكُونَ ظهيرًا للمُجرمين}...؟!
فلا يُعِنهم أخوك.. فإن الله يُعينه.

قال عطاء: فلا يَحِلّ لأحدٍ أن يُعين ظالمًا، ولا يَكتب له، ولا يَصحبه، وأنه إن فعل شيئًا من ذلك؛ فقد صار معينًا للظالمين". انظر: تفسير القرطبيّ

قلتُ:
وعلى هذا .. فإن كان تولّي الظالمين ومُعاونتهم ونُصرتهم، ولو في أقلّ الأمور وأحقرها؛ من كُفران النِّعم ..
فلا شكّ أن هَجرهم، والبراءة منهم ومن أفعالهم؛ يكون من حَمْدها وشُكْرها..
وكذلك تولّي الصالحين والمُجاهدين، يكون من شُكر النعمة، والوفاء بحقّها.

وقد كان خالد بن عبد الله القسري، مُقيمًا للشريعة والجهاد، حاميًا لبلاد المسلمين وثُغورهم، قائمًا بأمر المسلمين، إلَّا أنه كان يأتي أبوابًا عظيمة، من الظلم والجَور!
فكان هذا هو الحكمُ فيه، ومَن عاونَه وقامَ معه، واندرجَ في سَلْكه!
فكيف بمَن يُعاون طواغيت اليوم، ويؤيّدهم، ويَنحاز إليهم .. وقد تعدّوا حدود الظلم والطغيان..؟!!

ولا فرق في ذلك؛ بين كبير المُعاونَة وصغيرها، وعظيمها وحقيرها ..
قال ابن تيمية رحمه الله، في الفتاوى: "وقد قال غيرُ واحد من السلف: أعوان الظلمة؛ مَن أعانهم ولو أنه لاقَ لهم دواةً، أو برَى لهم قلمًا. ومنهم من كان يقول: بل مَن يغسل ثيابَهم؛ من أعوانهم".

قلتُ:
واعتذار هؤلاء الأعوان؛ بادّعاء الفقر والحاجة والعيال، والإكراه والاضطرار؛ إن هو إلَّا تزيين الشياطين، ومُخادعة السُّذّج الغافلين، ولا ينفعهم العُذر والاعتذار، وقد قال الله: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود:113].

فاللهمَّ براءةً من الظالمين وظُلمهم، والطواغيت وطُغيانهم... وولاءً للمؤمنين والمُجاهدين  الحقيقيين في سبيلك على منهج نبيك.

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

المقال السابق
(17) القرآن لطائف وأحكام
المقال التالي
بُشراك أيها الداعي إلى الله .. !